آن الأوان كي يعيش "البدون" أحراراً في بلادهم
بين فينة وأخرى، تُثار في الكويت، قضية "البدون"، وهم فئة محرومة من الجنسية الكويتية، وتعاني كثيراً بسبب عدم حصولها على حق المواطنة في بلدنا الحبيب الكويت، حيث أقصى أماني هذه الفئة أن تعيش، وأجيالها المستقبلية، حياة عادلة ينعمون فيها بالكرامة والمساواة، مثلهم مثل أبناء جلدتهم، ممن يتمتعون بالخدمات المقدّمة لحاملي الجنسية الكويتية.
يشعر أبناء هذه الفئة دوماً بالقلق تجاه المستقبل غير واضح الملامح، والمجهول بالنسبة لهم، ولأطفالهم الحالمين بالالتحاق بمدراس جيدة، يتعلمون فيها بطريقة صحيحة، كي يكونوا مؤهلين لسوق العمل، وكي يتمكنوا من تحقيق ذواتهم، في حين أنّهم في نظر القانون الكويتي "بدون"، مما يجعلهم محرومين من الكثير من الحقوق، ومن ضمنها حق التعليم والالتحاق بمدرسة حكومية.
يعلم الجميع أنّ "البدون" لا يريدون من الكويت وحكومتها سوى حل إنساني عادل وشامل ودائم لمعاناتهم، كتأمين حياة مطمئنة لأبناء الجيل الخامس منهم. لكن للأسف، لا يتمتعون حتى اللحظة، بحقوق المواطن الكويتي، حيث إنّ الجهاز المركزي المختص بمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، لا يزال يصدر لهم بطاقات أمنية، تُجددّ دورياً، ولا تعتبر هذه البطاقة هوية شخصية لحاملها.
تبقى مسألة منحهم حق المواطنة في الكويت، البوابة الأساسية للحصول على الحقوق الطبيعية لأي إنسان ترعرع في كنف هذا البلد؛ فكلّ منصف يتمنى إغلاق هذا الملف بسرعة من أجل الأجيال القادمة، وكيلا يُظلم أحد في بلاد الحريات والتعبير عن الرأي.
لا ينبغي أن نفرق بين "البدون" والحاصلين على الجنسية الكويتية حتى لا تنبت الضغينة والبغضاء من رحم هذا الظلم
لقد آن الأوان لمعالجة هذه القضية من خلال حصولهم على الجنسية الكويتية، وعلى الجميع الاعتراف بحقوقهم المدنية والاجتماعية مع التأكيد على ضرورة عدم الخروج عن القانون.
كما من المؤسف تعسّف الجهاز المركزي مع إخواننا وأخواتنا من الطالبات والطلاب الكويتيين المنتمين لفئة "البدون"، وذلك عندما يفقدهم حق التعليم عن طريق التضييق عليهم بشروط تعسفية، تتمثل بأخذ موافقة هذا الجهاز كي يتمكنوا من التقدّم للجامعات الحكومية، وهذا أمر لا يخالف الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الكويت فحسب، بل يخالف أيضا المادة 29 من الدستور الكويتي، والتي تنص على: "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين". فكيف لجهة من الجهات المسؤولة داخل الدولة، أن تخالف ما نصّ عليه الدستور والقانون، وهي التي من المفترض أن تكون أول العاملين به والمطبقين له، حتى يتبعها أبناء هذا الوطن ويعظموا دستورهم.
أخيراً، لا بدّ أن يُعطى كلّ ذي حقٍ حقه، فهم لهم حق في التعليم والمساواة والحياة الكريمة والعيش بكرامة وحرية، فلا ينبغي أن نفرّق بينهم والحاصلين على الجنسية الكويتية، حتى لا تنبت الضغينة والبغضاء من رحم هذا الظلم.