فيكتور رودريغيث نونييث

بدأ هذا البلد بداية جديدة، كان عليه اختراع طريقة أخرى للتعامل مع روتينه الكثيف، فحتى موسيقى الرومبا لا يمكن أن تحرّكَ هؤلاء الخلاسيين الأُسطوريين الذين ينفثون أنفاسهم الحارّة وأولئك الصينيين الذين يصطفون في الطابور هناك يبتسمون على أبواب العدم...

أنا طيْفُ دُكّان الحِلاقة، المَرايا التي قَضَمَتْها الظِلال والكَراسي المُفَرَّغةُ أحشاؤُها، شُطبتِ الشبابيك منذ الإعصار الأخير والحلّاقون يُسرِفون في طَرح الأسئلة وهم يَقُصّون لِحَىً عمرُها نِصفُ قرن، تَرهَبني الَمقصّات أنا ذو الرأس الناشِف، جِئتُ من حُلمٍ آخرَ بدِيَكَة تَصيح.

لا أعرف عبرَ أي درب/ لكنّي وصلتُ إلى هنا/ إلى هذه البُقعة الغريبة/ بلا بيوت أو مناظرَ/ هذا المكان العاري/ من الأحجار إلى الروح/ حيث يَمُد جذورَه العالمُ/ ربما تَصل أنت أيضاً/ متّبعاً نفسَ الدرب/ في هذه الحياة المُتخَمَة...

ورثتُ حملقةَ حسيرِ البصر/ حاسّةَ شمِّ السنة الكبيسة/ شفتين متباعدتين أبداً/ شَعرَ جمَل وجسدَ رياضيٍّ متقاعد/ وأيضاً مزاجَ والدي العصبيّ/ قلَقَ أمي/ الشامةَ المريبةَ لدى جدتي/ والكلْيَتين المعطوبتين عند الجميع/ بل حتى نوبات الحمّى الدَّورية.

لا أعرف بأي طريق/ لكنني وصلت/ حتى هذا المكان الغريب/ بلا بيوت ولا مناظر. هذا المكان العاري/ من الحجر حتى الروح/ حيث يتكاثر العالم. ربما تصل أنت/ متتبعاً هذا الطريق/ في هذه الحياة الفائضة/ بـ"النجاح" واليقينيات/ يجمعنا الخطأ فحسب.

أعرف هذا الصمت برائحة نجمته التي لا تخطئ/ هذا الصمت على وقع صراخ الأشياء/ التي لا تستطيع الخلود. من أولئك المضطجعين في توابيت حلمك المشرعة؟ هل دخلوا فيك بعد أن نبش قبورهم المطر؟... تبتدئ الآن تجارة الأرواح.