محمد بنيس

هذا الباب الذي فتحته المقاومةُ الفلسطينية يقود إلى التذكير المفصّل، المعْرفي، الموثّق، بتاريخ وما قبل تاريخ إنشاء كيان الاحتلال الإسرائيلي.

ما يمكن أن يربط الثقافة بفكرة التحرير والتحرّر هو اعتبار الذخيرة الثقافية التي اكتسبتها الثقافة العربية من نهاية الستّينيات حتى بداية القرن الحادي والعشرين، ثم تحيين ثقافة السؤال، التي هي ثقافة النقد.

عُيون الفلسطينيّين لا تنام. عيونهم مفتوحة على كلمتهم المجيدة ـ الحرّية. جيل من المقاومين بعد جيل، شهداء بعد شهداء. وكلمة الحرية يتّسع مداها في المقاومة المسلّحة. كما يتّسع ويتعمّق مداها في الشعر والرواية والمسرحية والأهازيج والفنون المختلفة.

تتكاثف الأيدي وتتسابق النفوس من مختلف المدن لتبذل ما تستطيع من عطاء. مواطنون يبادرون ليمدّوا اليد ويتقاسموا وسائل العيش مع الناجين والباقين على قيد الحياة. هذه المأساة تُفرج عن طاقة العطاء الحرّ؛ حيث لا إلزام ولا شعارات ولا وعود. هناك فقط: نحن معكم.

كُتبت القصيدة، التي يخصّ بها الشاعر المغربي "العربي الجديد"، لأنطولوجيا شعرية تحمل عنوان "ديوان جديد" صدرت أخيراً بالإنكليزية عن "دار جينكو" بلندن، بمناسبة الذكرى المئتين لصدور كتاب الشاعر الألماني غوته (1749 - 1832) "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي"، الصادر سنة 1819.

بعد أنْ جمعَ القمرَ والشمسَ/ في لحْنٍ واحدٍ/ ونثَر النجومَ على طريقِ الكلماتْ/
بعْدَ أنْ غوَى بنشيدهِ البحْرَ/ وجعلَ السماءَ والأرضَ أخويْنِ/ يمشيانِ جنباً إلى جنبٍ/ ويرتويانْ/ من منبعٍ واحدٍ هو الشعرُ.

أنشدَت البشريةُ الشعرَ، عبر تاريخ لُغات وحضارات. فالشعرُ كان شجرةً يستظل الناسُ بفيئها في القيْظ، ويستريحُون منَ المسافات التي لا طاقة لهم عليها. قادمُون وراحلون يتعلّمون كيف يصلُون إلى هذه الشجَرة، وكيف يسلّمون عليها، ويجلسُون تحت فرُوعها.

يبدو أن المسألة اللغوية في المغرب ستظل من أعقد قضايا التحديث في ثقافتنا. ذلك الاختيار، الذي كان واضحاً لدى كثير من الشعوب الحديثة الاستقلال، لم يكن لنا حظُّ أن نصل إليه ونتخطاه إلى ما ينتظر دوره في جدول مشروع التحديث.