لهذه الأسباب ستُنقل عاصمة إيران من طهران

04 مارس 2017
تلوّث وكثافة سكانية في طهران (تويتر)
+ الخط -


بات احتفاظ مدينة طهران بلقبها عاصمة لإيران مهدداً، مع كثرة مشكلاتها التي تهدد سكانها الذين يزيد عددهم على 14 مليونا بالخطر، ما دفع 73 نائبا من مجلس الشورى الإسلامي إلى توجيه رسالة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، طالبوه فيها بمتابعة ودعم خطة نقل العاصمة إلى مدينة أخرى، وهي الخطة المقدمة قبل أربعة أعوام وكُلفت الحكومة بمتابعتها دون نتيجة تذكر.

وقال النائب أبو الفضل أبو ترابي إن حادثة انهيار برج بلاسكو، والتي وقعت في يناير/كانون الثاني الفائت إثر حريق ضخم، دقت ناقوس الخطر الفعلي، مع وجود عدد كبير من الأبنية المشابهة للبرج المنكوب، كما أن الحادثة دلت على عدم جهوزية الطواقم المعنية بالإغاثة، وعدم قدرتها على التعامل مع حوادث وكوارث مماثلة.

واعتبر النائب وغيره من الموقعين على الرسالة أن مشكلات طهران بيئية وجغرافية وعمرانية على حد سواء، فضلاً عن أن المدينة باتت تضم عددا كبيرا من السكان، ما يستدعي إعادة تنشيط الخطة التي طُرحت على التصويت سابقا، ولم تتخذ الحكومة أي خطوات لتطبيقها.

في عهد القاجاريين، أي قبل أكثر من قرنين من الزمن، سميت طهران عاصمة لإيران بسبب موقعها الجيد، فهي قريبة من المناطق الشمالية وليست بعيدة عن المركز. وبمرور الأعوام بات الاهتمام فيها وبتطوير خدماتها واضحا، فتركزت فيها الوزارات والإدارات والمؤسسات الرسمية، فضلا عن أهم وأبرز الجامعات، ما جعلها وجهة كثيرين قرروا ترك مناطقهم والهجرة نحو المدينة الحلم.

وتعاني طهران من مشكلات نتيجة الموقع الجغرافي أولا، والعوامل الإنسانية ثانيا، فوجودها في منطقة منخفضة بين ثلاث سلاسل جبلية وازدياد عدد المصانع التي تنفث الدخان حولها وارتفاع عدد السيارات الذي يزيد عن أربعة ملايين تقريبا وفق إحصاء إدارة المرور الأخير، جعل مشكلة التلوث هي الأبرز، والتي تؤثر مباشرة على صحة السكان.

وكشفت وزارة الصحة عن وفاة ما يقارب أربعة آلاف شخص في إيران سنوياً بسبب التلوث، كثيرون منهم في طهران، فضلا عن ازدياد عدد مراجعات مرضى القلب والربو والجهاز التنفسي بنسبة 30 في المائة خلال الأيام الأكثر تلوثا، وغالبا ما تكون في فصل الشتاء بسبب الغيوم المتراكمة، والتي تزيد الوضع تعقيدا ولا تسمح بدوران الهواء الملوث المعلق بين الجبال.


الحوادث الكبرى في طهران تدل على ضعف تدخل فرق الإغاثة والإنقاذ(getty) 



وأثار انهيار برج بلاسكو العديد من التساؤلات حول جهوزية المؤسسات المعنية وقدرتها على التعامل مع الكوارث، فمدينة طهران تقع أيضا على انكسارات وتصدعات زلزالية، ما يجعلها عرضة لهزات أرضية قد تكون خطرة للغاية، والأخطر هو وجود مبانٍ آيلة للسقوط تنتشر غالبا جنوبي المدينة، بحسب لجنة المدينة.

وأعرب رئيس مركز التحقيقات الجيولوجية مرتضى طالبيان عن اكتشاف تصدع زلزالي جديد يمر من مناطق تقع غربي طهران، وهي منطقة مأهولة بالسكان وفيها عدد كبير من المراكز التجارية والإدارية. ونقل موقع تسنيم عن طالبيان تأكيده اليوم السبت أن الانكسارات الزلزالية تمتد على مناطق تقع شمالي وجنوبي طهران، وعدد منها غير نشط، لكن الدراسات الأخيرة تؤكد وجود انكسار زلزالي قد يتسبب بهزة تصل إلى ست درجات على مقياس ريختر.

وقال أستاذ معهد الدراسات الدولية للبيئة والزلازل، فريبرز ناطقي، إن اختيار طهران عاصمة كان موفقا قبل عقود، إلا أن التمدد العمراني فيها دون حسيب أو رقيب جعل الأمور مقلقة.

انكسار زلزالي مرتقب في طهران (getty) 


وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "مباني طهران تقف فوق ستة تصدعات زلزالية رئيسة، وستين تصدعا فرعيا"، مشيرا إلى أنها "تعرضت عبر التاريخ لزلزال مدمر مرة كل 180 عاما تقريبا".

ووصف ناطقي الزلزال المرتقب بالخطر الكامن، قائلا إن قلق النواب وعدد من المسؤولين ناتج عن التحذيرات التي أطلقها متخصصون خلال الفترة الأخيرة، مضيفا إن بعضهم يرى أن الحل يتلخص بنقل العاصمة أو باختيار مدينة ثانية، ليصبح هناك عاصمتين لإيران، تجارية وإدارية، مثل دول أخرى.

وعن السيناريوهات المطروحة، أكد ناطقي أن أصفهان وسمنان والمدن الواقعة في ضواحي طهران هي خيارات مطروحة فعليا. لكنه أشار إلى أن هذا لن يحل المشكلة وإنما يعني أن الكارثة ستنتقل من مكان لآخر، قائلا إن الأولوية يجب أن تتركز على تخفيض عدد السكان من خلال توسيع وتطوير الخدمات في المناطق الثانية، وتعريفهم بمخاطر هذه المدينة ما يدفعهم لتركها. وأكد أن طهران تستوعب في الحقيقة ستة ملايين وليس أربعة عشر مليوناً.

وأشار مسؤولون في الحكومة سابقا، إلى الحاجة لما يزيد على مائة مليار دولار لإعادة هيكلة وتنظيم المدينة وليس نقلها بالكامل، وهو أمر متوقف فعليا.



دلالات