حاملو الوثائق من فلسطينيي سورية: كل الأبواب مغلقة أمامهم

07 اغسطس 2014
خلال تظاهرة لفلسطينيي سورية في الأردن (جوردن بيكس/Getty)
+ الخط -
حمّل تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، كلاً من الأردن، لبنان، العراق، وإسرائيل المسؤولية عن المعاناة التي يلاقيها اللاجئون الفلسطينيون من حاملي الوثائق السورية الذين فروا من مناطق النزاع، بحثاً عن الأمان، سواءً في الدول التي رفضت استقبالهم أو حرمتهم من حقوقهم الأساسية المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقات الدولية.

وانتقد التقرير، الذي وثّق لمعاملة الأردن للفلسطينيين الفارين من سورية، والذي حمل عنوان "غير مرحّب فيهم"، منع السلطات الأردنية دخول الفلسطينيين من حاملي الوثائق السورية إلى أراضيه اعتباراً من أبريل/نيسان 2012. وترجم المنع، بقرار حكومي عبّر عنه رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، عندما قال في يناير/كانون الثاني 2013، إن "الأردن اتخذ قراراً سيادياً واضحاً بعدم السماح لأشقائنا الفلسطينيين الحاملين وثائق سورية بدخول البلاد، الأردن ليس مكاناً تحلّ فيه إسرائيل مشاكلها".

واستبق النسور إعلان التقرير بيومين، بالتأكيد على موقف بلاده، مطالباً منظمة "هيومن رايتش ووتش" بالضغط على إسرائيل لحل مشكلة الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، على اعتبارها أصل المشكلة.

ويوثق التقرير، الذي أعلن في مؤتمر صحافي عقدته "هيومن رايتس ووتش" في عمّان، دخول نحو 14 ألف لاجئ فلسطيني من حاملي الوثائق السورية إلى الأردن على الرغم من سياسة عدم القبول التي تنتهجها السلطات الأردنية، وجميع هؤلاء طلبوا مساعدة من "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الأونروا) في الأردن.

وأرجع التقرير، العدد الكبير للفلسطينيين الذين دخلوا الأردن إلى اعتمادهم على وثائق مزورة، أو استخدام وثائق تعود لأشخاص آخرين، وفي بعض الأحيان تقديم الرشاوى لتهريبهم عبر الحدود، على الرغم مما تنطوي عليها مغامرة تهريبهم من مخاطر على حياتهم.

لكن أخطر ما وثّقه التقرير، انتهاج السلطات الأردنية سياسة الإبعاد القسري لمن يتم ضبطهم، إذ يرصد إبعاد أكثر من مائة فلسطيني منذ منتصف عام 2012 بينهم نساء وأطفال، إضافة الى إقدام دائرة الاستخبارات على إسقاط الجنسية الأردنية عن الفلسطينيين الذين جاؤوا من سورية ممن يملكون أرقاماً وطنية أردنية.

وسحبت الاستخبارات الأردنية الجنسية من سبعة فلسطينيين عند مراجعتهم دوائر الأحوال المدنية لتجديد أوراقهم المنتهية منذ زمن طويل، بحسب التقرير.

وكان تقرير صادر عن "الأونروا" مطلع عام 2013، وثّق لمقتل لاجئ فلسطيني من حاملي الوثائق السورية بعدما أعادته السلطات الأردنية قسراً من حيث جاء. كما وثق لسياسة عدم القبول التي ينتهجها الأردن، وهو ما تسبب بغضب رسمي أردني دفع "الأونروا" في حينه إلى إزالة التقرير عن موقعها الرسمي.

ويتخوف الأردن من أن يتحول إلى وطن بديل للفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، يضافون إلى ما يزيد على مليوني لاجئ فلسطيني يقيمون في الأردن ويحملون الجنسية الأردنية، وهو ما عبّر عنه صراحة رئيس الديوان الملكي الأردني فايز الطراونة، لـ"هيومن رايتس ووتش" في مايو/أيار 2013، عندما قال إن "تدفق الفلسطينيين سيتسبب في تغيير التوازن الديمغرافي في الأردن، وربما يؤدي إلى عدم الاستقرار".

وأوصى تقرير المنظمة الدولية السلطات الأردنية بوقف سياسية التهجير القسري، التي تتنافى والالتزامات والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها. كما طالب بوقف سياسة عدم القبول والسماح للفلسطينيين من حملة الوثائق السورية بدخول الأردن، ووقف سياسية إسقاط الجنسية عمن يحملونها.

وأوصى إسرائيل بالسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية والراغبين في العودة إلى مناطق خاضعة للسلطة الفلسطينية، واعتماد هذا الإجراء بشكل مؤقت على الأقل في انتظار نتائج الوضع النهائي التي ستسفر عنها المفاوضات. كما دعا البدان الأخرى إلى توطين اللاجئين من دون المساس بحقهم في العودة.

من جهته، رفض نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، نديم الملاح، تحميل معاناة اللاجئين الفلسطينيين للسلطات الأردنية منفردة، بل حمّلها لدول المنطقة بما فيها إسرائيل. وقال إن "لبنان قام بأمر مماثل لسياسة عدم القبول التي تنتهجها السلطات الأردنية، إذ بدأ بطلب تأشيرة من اللاجئ الفلسطيني لتسمح له بدخول البلاد، وغالباً لا يحصل عليها".

كما أشار إلى أن "العراق لم يستقبل أي لاجئ منهم منذ عام ونصف، في حين أن إسرائيل ترفضهم، ورغم موافقة تركيا على استقبالهم إلا أن إمكان وصولهم إليها صعب بسبب المخاطر التي تنتظرهم خلال الطريق من أماكن وجودهم إليها". وخلص إلى القول إن "كل الأبواب مغلقة أمامهم".

وحول تذرع الحكومة الأردنية بضرورة حل قضيتهم من خلال الطرف المسبب لها، وهو إسرائيل التي تتحمل المسؤولية عن تهجيرهم من بلادهم الأصلية، أكد الملاح أنه "يوجد مسؤولية جماعية عن معاناتهم تتحملها دول الجوار والمجتمع الدولي، لكن يجب عدم انتظار حل جميع القضايا لنقول لهم لدينا حل لكم، ويجب عدم تهديد حياة الإنسان وإهدار حقوقه، من أجل القضية الأساسية".

 وطالب التقرير منظمات الإغاثة الدولية بالالتفات إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة في الأردن، وعدم الاكتفاء بالدعم الذي تقدمه "الأونروا" لهم، والذي وصفه بغير الكافي.