البطالة...العام 2015 سيشهد تراجعاً في فرص العمل

29 ديسمبر 2014
توقع تزايد نسب البطالة (محمد حويس/فرنس برس)
+ الخط -
مسك الشباب العرب بقلوبهم على أبواب سنة جديدة. المؤشرات الاقتصادية الحالية والوضع الأمني في مختلف الدول، تنذر بوضعية صعبة، خاصة على مستوى الحصول على فرص للعمل. تراجع حاد في أسعار النفط، وحالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية والأمنية، عوامل تُصعّب من فرص تراجع نسب البطالة في العالم العربي في العام 2015، والتي يقول عنها الخبراء إن نسبتها الحقيقية تفوق 20%. وحسب آخر تقرير صادر حول "التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل"، وصلت البطالة في الدول العربية إلى نحو 17% خلال عام 2013، بما يعادل نحو 20 مليون عاطل. وأشار التقرير الذي قُدّم خلال مؤتمر "العمل العربي" في دورته (14) المنعقد في القاهرة في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن نسبة البطالة في صفوف الشباب نالت النصيب الأكبر، حيث وصلت إلى 54 %. ويحتل فيها الحاصلون على شهادات عالية نسبة 27 %، فيما تُقدَّر النسبة وسط النساء بنحو 41 %، مقابل 23 % في صفوف الرجال. وتوقع "المركز الديبلوماسي للدراسات الاستراتيجية" في أحدث تقرير له، أن تزداد معدلات البطالة في العالم العربي بشكل "مخيف" خلال الأعوام المقبلة. وينصح المركز، بضرورة توفير 5 ملايين فرصة عمل سنوياً لمواجهة تنامي نسب البطالة.

توقعات متأرجحة
وعن توقعات البطالة في مختلف الدولة العربية خلال العام 2015، يقسّم الخبير لدى البنك الدولي محمد حميدوش في تصريحه لـ"العربي الجديد"، توقعاته وفق مستويين. المستوى الأول يضم الدول التي تعتمد على أسواق مفتوحة، وتشريعات مرنة في توفير فرص الشغل. هذه الدول ستحافظ على نفس نسبة البطالة خلال السنة المقبلة، أو ستشهد ارتفاعاً طفيفاً مقارنة مع النسب المحققة في 2014. أما المستوى الثاني، فيشمل الدول التي تعرف أزمات في البطالة، وتعيش حالة انغلاق في الأسواق. وهذه الأخيرة ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً في نسب البطالة، خاصة أمام تفاقم الأزمات المالية وانحسار نسب النمو فيها. ويرى الخبير حميدوش، أن قطاع الأشغال العمومية والبناء، صمّامَا أمانٍ بالنسبة للدول العربية، لما يوفرانه من فرص للشغل، وما يفتحانه كذلك من فرص استثمار أمام الشركات، التي تساهم أرباحها في الدفع بعجلة الاقتصاد، عبر تحويل الأرباح للاستثمارات. ويبسط حميدوش العملية بالقول: "إضافة 1% في الاستثمار تساوي انخفاض 1% في البطالة، شريطة التزام الحكومات بالشفافية في توزيع فرص العمل". ويقلل حميدوش من تبعات تراجع أسعار النفط بالنسبة لدول الخليج على العمالة، نظراً للأرباح التي حققتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما منحها مدخرات مالية مهمة، جعلتها في مأمن عن التأثر بالأسعار الحالية. ويتوقع أن تخرج هذه الدول أموال خزائنها لدعم العمل والاستثمار، كي تحافظ على نفس نسب النمو. ويستثني حميدوش بعض الدول من هذه المعادلة، ومن بينها الجزائر، والسبب حسب وجهة نظره، اعتماد الاقتصاد الجزائري على عائدات النفط بنسبة 77 %، وعدم تنويع استثماراته، ما سيجعلها أمام تحدٍّ مباشر في المستقبل. ويؤكد حميدوش أن السنة المقبلة، ستعرف استفادة بعض الدول من تراجع أسعار النفط، متوقعاً أن تنخفض نسب البطالة فيها ما بين نقطة إلى نقطتين، وذكر من بينها المغرب، تونس، وبعض دول المشرق العربي التي تعتمد على القطاع الخاص. ويشير إلى أن الدول المستوردة للنفط، استطاعت تحقيق هامش مهم من الادخار بسبب تراجع أسعاره العالمية، ما خفف عليها عبء دعم المحروقات في الأسواق الداخلية.

الضغوط الاقتصادية
من جهته يتحدث الخبير الاقتصادي اللبناني كامل وزنة لـ"العربي الجديد"، بنبرة أقل تفاؤلاً تجاه تأثير الوضعية الاقتصادية العربية على نسب البطالة في العام 2015. يقول وزنة: "توقعاتي بالنسبة للعام المقبل سلبية، خاصة أمام تراجع أسعار النفط، وتنامي مظاهر العنف في مختلف الدول، والتي لا تشجع على الاستثمار، حتى داخل الدول التي تتوفر على مصادر طاقة قوية مثل ليبيا". ويشدد الخبير وزنة، على أن دول الخليج لن تستطيع احتواء النقص الحاد في عائدات النفط لفترة طويلة، خاصة وأنها تستغل السيولة المحصلة من مبيعاته، في احتواء احتمال النزيف في الوظائف الحكومية، التي تثقل كاهل هذه الدول، نظراً للأجور الباهظة التي تصرفها على مواطنيها. ويضيف المتحدث نفسه، أن هذا الوضع سينعكس بالضرورة على سياسات توفير فرص شغل جديدة، والدليل بحسبه، إعلان معظم دول الخليج لقرارات تقشفية، ودعوتها لجميع القطاعات بضرورة ترشيد النفقات. ويعتبر وزنة أن العالم العربي في حاجة مستمرة لتوفير ملايين فرص العمل، بحكم نموه الديمغرافي، ونسبة الشباب المرتفعة في أوساط سكانه. ويرى أن الظروف الحالية، ستتأثر لا محال، بسبب تزايد الضغط على الاقتصاديات العربية. ويتوقع وزنة أن تكون السنوات العشر المقبلة عسيرة، خاصة بالنسبة للدول التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل، ويتوقع كذلك أن تتجاوز نسبة البطالة خلال العام المقبل حاجز 20 %، التي يعتبرها النسبة الحقيقية للبطالة في العالم العربي.
المساهمون