مصر تطارد الباعة الجائلين.. الثورة المضادة تأكل أبناءها

26 اغسطس 2014
إحدى حملات إزالة الإشغالات (العربي الجديد)
+ الخط -

"دي أخرِتها يا باشا. دا إحنا إللي كنا بنضرب معاكم المتظاهرين يوم 28، دلوقتي بقينا بلطجية؟" استنكار معبر على لسان أحد الباعة الجائلين الذين نقلتهم الحكومة المصرية الأحد الماضي، إلى سوق الترجمان بالقرب من منطقة رمسيس، في حملة لإزالة إشغالات وسط القاهرة.

سؤال البائع الذي يقصد به يوم 28 يناير/ كانون الثاني 2011، المعروف إعلاميا باسم "جمعة الغضب"، فجر بدوره أسئلة أخرى، تتعلق بما يتردد دائما في الشارع المصري عن استعانة عناصر الأمن في مصر، بعناصر خارجة عن القانون أو بلطجية أو باعة جائلين، في هجماتهم على التظاهرات، لتبدو الصورة "مواطنون شرفاء يعتدون على المتظاهرين"، أو "أهالي يتصدون لمتظاهرين".

حتى الآن لم يُترجم أحد معنى أو المقصود بـ"الأهالي" أو "المواطنون الشرفاء"، فيما يتعامل المواطن البسيط مع مثل هذه الأخبار، باعتبارها مرادفا لـ"البلطجية الذين تستعين بهم الداخلية".

سائق تاكسي، يعبر شارع رمسيس صباح اليوم، يبدي تعجبه من إزالة بعض أكشاك الباعة الجائلين، وترك أكشاك أخرى، في محيط ميدان رمسيس. يضحك ويشير إلى أحدهم "هذا البائع الذي يعرض تيشرتات مطبوعا عليها صورة السيسي، لا أحد يستطيع الاقتراب منه".

سائق التاكسي، يؤكد أن معظم "نصبات" الباعة الجائلين في شارع طلعت حرب والشوارع المتفرعة منه، ومنطقة الإسعاف، بوسط القاهرة، يخفون السلاح والمولوتوف والمخدرات، تحت "النصبات" التي يقيمونها لبيع البضاعة، "هم لا يربحون من تجارة بضاعتهم، بقدر ما يتخفّون وراءها للتجارة في السلاح والمخدرات" بحسب السائق.

"الداخلية تعلم جيدا كل ما يدور في عالم الباعة الجائلين وكل المخالفات التي يرتكبونها. هؤلاء رجالها في الشارع. تلعب بهم وتحركهم، ولا أحد منهم يجرؤ على رفض تعليمات البيه الضابط"، يتابع السائق الذي يقطن أحد الأحياء الشعبية في القاهرة، ويؤكد أن من ضمن جيرانه مثل هؤلاء الشباب الذين يحكي عنهم.

منذ الحملة التي قامت بها محافظة القاهرة بالتعاون مع قوات من الجيش والشرطة، ظهرت حالة من الغليان داخل أوساط الباعة الجائلين الرافضين للقرار، والمطالبين بإلغائه، الأمر الذي تطور لنشوب العديد من المشاجرات والمشاحنات، وتهديد بعضهم بمعاداة الداخلية، أو الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، عِندًا في النظام والقائمين عليه.

كما نظم عشرات من الباعة الجائلين أمس مسيرة من موقف الترجمان المخصص لهم، إلى دار القضاء العالي، بوسط القاهرة، التي تبعد عنه نحو كيلومتر واحد، للاعتراض على القرار.

ومن المقرر أن يجتمع رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم محلب، بعدد من الباعة الجائلين اليوم الثلاثاء، بحضور محافظ القاهرة، لاستيعاب أزمتهم ومحاولة إنهائها.

إلا أنه بعيدا عن أزمة الباعة الجائلين الحالية مع الحكومة المصرية، فإن السؤال الذي يعيد طرح نفسه ما علاقة الباعة الجائلين بالثورة أو بـ"الثورة المضادة"؟

إجابات عدة على لسان الباعة الجائلين أنفسهم، كما في السؤال الذي طرحه البائع على ضابط الشرطة أثناء مشاجرتهم في موقف الترجمان، أو ما جاء في تصريحات أمين نقابة الباعة الجائلين، علاء خيري، في حديثه على إحدى الفضائيات المصرية، وهو يصرّح علنا "البائع الجائل هو أكثر شخص غيور على وطنه. والباعة الجائلون هم من حموا ميدان رمسيس ضد هجمات جماعة الإخوان أثناء تظاهراتهم".

دلالات