رسائل السيسي إلى المستثمرين

26 يناير 2015
الانفاق على الأمن فاق الانفاق على الخدمات (Getty)
+ الخط -
ما حدث في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير يطرح سؤالاً كبيراً ومهماً هو: هل النظام الحالي في مصر قادر على إحداث استقرار أمني وسياسي حقيقي بالبلاد، وبمعني آخر: هل شهدت مصر استقراراً حقيقياً منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 دون استخدام الرصاص الحي والقمع الأمني ضد المعارضين والمتظاهرين السلميين؟

هذا السؤال يطرح أسئلة فرعية أخرى حول مستقبل الوضع الاقتصادي في مصر، ومدى تأثره بالقلق السياسي والأمني المتصاعد والذي لمسه الجميع في الذكرى الرابعة للثورة.

كما يطرح أسئلة حول مستقبل مؤتمر مصر الاقتصادي المقرر عقده في نهاية شهر مارس/آذار القادم، ومدى نجاح المؤتمر في تحقيق هدفه الرئيسي وهو اقناع المستثمر الأجنبي بالعودة لمصر مرة أخري وجذب استثمارات خارجية للبلاد بقيمة 12 مليار دولار؟

إذا كان النظام الحالي في مصر قد دعا أمس الأول "المواطنين الشرفاء" للنزول للشارع لحراسة المواقع الاستراتيجية، فإن أول رسالة تصل المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية هو عجز أجهزة الدولة بكل جبروتها عن توفير الحماية لهذه المنشآت، خاصة مع تفرغ الجيش والشرطة لملاحقة المتظاهرين، وبالتالي كيف يحمي النظام حقوق المستثمرين في الوقت الذي يعجز فيه عن حماية منشآت الدولة الاستراتيجية وأصولها.

ما حدث منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013 هو أن جزءاً مهماً من إيرادات الدولة والموازنة العامة تم تخصيصه للإنفاق على الأمن وملاحقة المظاهرات السلمية وبناء معتقلات وسجون جديدة، ومن هنا تمت زيادة موازنة الجيش من 38 إلى 49 مليار جنيه بزيادة 11 مليار جنيه مرة واحدة دون مراعاة لأحوال البلاد المادية الصعبة، كما تم تخصيص ميزانية مفتوحة للإنفاق على الأمن وقمع المتظاهرين وشراء أحدث ما أنتجته مصانع السلاح من رصاص حي ومدرعات وقنابل مسيلة للدموع وأدوات تعذيب.

وبدلاً من أن يوجه النظام إيرادات الدولة من ضرائب لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، خصصها لشراء أحدث أدوات القمع، والنتيجة النهائية عدم حدوث استقرار أمني أو سياسي، وأزمات اقتصادية وسوء الخدمات الأساسية.

ومع تهاوي أسعار النفط وانهيار الدعم الخليجي المقدم لمصر، فإن إنفاق النظام المصري على الأمن قد يتأثر، ومن هنا جاءت فكرة التلويح برفع الدعم المقدم للمواطنين وزيادة الأسعار حتى يتم تعويض الدعم الخليجي.

ومع الاستمرار في زيادة الانفاق على الأمن، فإن الرسالة المباشرة التي تصل المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي هي أن هناك هدراً في إنفاق موارد الدولة وسوء استخدام للإيرادات المحدودة، وأن البنية التحتية اللازمة لتشجيع الاستثمار من طرق وكهرباء وصرف صحي لا يتم العناية الكافية بها ولا تحظي بالاهتمام التي يحظى به ملف قمع التظاهرات المناهضة للانقلاب.

أظن أن هذه بعض الرسائل التي وصلت المستثمر في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.

وأظن أيضاً أن عددا كبيراً من المصريين وصلتهم رسالة أخري أكثر أهمية هي أن الأزمات المعيشية التي يعانون منها من ارتفاع للأسعار وغيرها ستطول لبعض الوقت، وأن الأزمات التي يمر بها الاقتصاد المصري هي نتيجة طبيعية لما يحدث من عدم استقرار سياسي وأمني، وبالتالي يجب ألا نحمل ثورة 25 يناير أوزار ما يحدث من أزمات.

 

المساهمون