الأسد والسوق السوداء

21 أكتوبر 2014
محصول الزيتون السوري هذه السنة الأسواء منذ نصف قرن(أرشيف/Getty)
+ الخط -
كما هي خطوط الإنتاج، الذي تدخله في الآلة من مواد أولية، ستحصد نتائجه خلال مخرجات الإنتاج، وإن جملّت السلعة بـ"أمبلاج" فلا يمكنك التحايل على الجودة أو على ذائقة المستهلكين.
وكذا القرارات المتخبطة في سورية، أوقعت "بلاد الخير" في أفخاخ التكالب الدولي وحولت بلد المليون طن قطن ومليون طن زيتون ومليون طن حمضيات و4 ملايين قمح، إلى أفقر بلد بالعالم، بعدما غيّرت صفة السوريين إلى لاجئين ونازحين وقتلى ومعتقلين.
أخيراً، أصدرت حكومة بشار الأسد قراراً برفع سعر لتر المازوت من 65 إلى 80 ليرة، مستغلة أوضاع السوريين المعيشية وما تروجه من مؤامرة وحرب كونية، فخلقت اختناقات اقتصادية، زادت من تردي الحال الذي أوصل السوريين إلى الانتحار.
لكن عبقرية صنّاع القرار لم يكتفوا برفع سعر المازوت، بل عاملوا السوريين وفق مبدأ الشرائح، إذ رفعوا سعر لتر المازوت لزوم الإنتاج الصناعي إلى 150 ليرة، ما خلق امتعاضاً وصل درجة العصيان والتهديد بعدم شراء المازوت من الدولة، كما أعلنت غرفة صناعة حلب.
فيما لو بحثنا في هذا الحل الترقيعي، الذي لا هدف له سوى جباية الأموال لتمويل الحرب على الشعب، فيمكننا وعلى عجالة، القول إن حكومة الأسد تسعى إلى قتل ما تبقى من صناعة، بعد أن هدمت الطائرات البنى التحتية ونالت المدافع من المنشآت الصناعية.
وأيضاً، فتح القرار الباب واسعاً لتنشيط التهريب وبيع مخصصات النقل والتدفئة للمنشآت الصناعية للاستفادة من فارق السعر الذي يصل إلى الضعف، وكرّس مفهوم الاحتكار وتنشيط السوق السوداء التي خلقت في سورية الأسد عبر تجار الأزمات، برجوازية جديدة تضاف إلى برجوازية الجيش وحزب البعث.
حل تعدد سعر المازوت ليس جديداً أو سابقة في سورية الممانعة، فللدولار ثلاثة أسعار يحددها مصرف سورية المركزي وللسلع أسعار متفاوتة وعديدة لها علاقة بالوفرة والندرة والمحلي والمستورد ونوع السلعة وصاحب الوكالة الحصرية باستيرادها.
نهاية القول: وقع نظام بشار في مطب الحلول الارتجالية البعيدة عن أي علمية ومنهج واقتصادية، وحوّل الأسواق في غياب الرقابة، إلى أسواق هامشية، محدداتها الاستغلال والاستقواء ليس إلا، ربما ليس بسبب ضعف الكفاءات الموجودة ضمن عصابته، بل على الأرجح لعدم شعور تلك العصابة بالانتماء لهذا الشعب وعدم اتخاذ معاناته بالحسبان. فالهم الرئيس الذي يشغل الأسد هو الحكم، وكل ما عداه من فقر وبطالة وعجز واستدانة كلها تفاصيل أمام التمسك بكرسي التوريث والبقاء حتى بعد إحراق البلد.
المساهمون