بذكرى سقوط جدار برلين..ألمانيا أكبر قوة أوروبية بفضل اقتصادها

03 نوفمبر 2014
أنجيلا ميركل تحكم قبضتها على أوروبا (أرشيف/Getty)
+ الخط -
بعد سقوط برلين عام 1989، قالت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، مارغرت تاتشر، مستشرفة المستقبل: "لقد هزمنا الألمان مرتين وها هم يعودون"، معربة عن تخوفها من أن تؤدي إعادة توحيد ألمانيا إلى هيمنتها على أوروبا.

وبعد 15 عاماً من تحذيرات "المرأة الحديدية"، باتت سلطة القرار في أوروبا بيد ألمانيا، وليس بروكسل أو باريس أو لندن.

تحققت نبوءات، أو بالأحرى مخاوف، تاتشر قبل عامين، في العاصمة اليونانية أثينا، في وقت بلغت فيه أزمة منطقة اليورو ذروتها، فقد استُقبلت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل باحتجاجات رفعت فيها صور تعود لعهد النازية، كما وجهت لميركل انتقادات بالوقوف وراء الإجراءات التقشفية التي فرضت على دول أوروبية عدة، من ضمنها اليونان، بهدف تجاوز الأزمة.

تفوّق اقتصادي

لخص مدير مركز الدراسات السياسية الأوروبية في بروكسل، كاريل لانو، الوضع بقوله: "قبل سقوط جدار برلين، كانت ألمانيا على هامش أوروبا بعض الشيء. أما اليوم، فهي في صلب أوروبا من وجهة نظر جغرافية واقتصادية وسياسية".

وأضاف، في تصريحات لوكالة "فرانس برس": "باتت قلب محرك أوروبا، وخلال الأزمة المالية، رأينا أن برلين أصبحت المكان الأهم في أوروبا، وليس بروكسل".

وفي الواقع فقد فرضت ألمانيا الموحدة نفسها دولة رائدة في الاتحاد الأوروبي من خلال مساهمتها بنسبة 27% من إجمالي الناتج الإجمالي لمنطقة اليورو.
وتخوفاً من غضب ناخبيها، أبدت إنجيلا ميركل في البداية تحفظاً إزاء استخدام أموال دافعي الضرائب لتغذية

صندوق يهدف إلى إعادة الثقة بالعملة الأوروبية الموحدة، ما أكسبها لقب "السيدة لا".

غير أن المستشارة تراجعت عن موقفها، في نهاية المطاف، واعدة بدعم بلادها جهود إرساء واقٍ مالي بهدف حماية الدول الأكثر ضعفاً. كما تولت في الوقت نفسه رئاسة مجموعة صغيرة من الدول، خاصة من أوروبا الشمالية، لفرض رقابة مالية أكثر تشدداً، وتدابير تقشفية لا تحظى بالتأييد الشعبي.

ورأى الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هانز كوندناني، ومقره في برلين، أنه "منذ بدء الأزمة في منطقة اليورو، وما تبع ذلك من جدل حول قوة ألمانيا في أوروبا، تظهر نتائج سقوط برلين بوجه آخر، مختلف عما كان عليه الوضع أثناء تخليد الذكرى العشرين لهذا الحدث التاريخي في عام 2009".

ولفت المحللون إلى أن قوة ألمانيا الحالية ناجمة بالأساس من نجاحاتها الاقتصادية الأخيرة، بعد أن كانت توصف قبل سنوات قليلة بـ"الرجل المريض" في أوروبا.

ويرى لانو، أن قوة برلين يمكن أن تكون "مؤقَّتة على الأرجح" بسبب الانخفاض الديمغرافي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات، إضافة إلى الأزمة التي تعصف باقتصاد فرنسا، حيث تعتبر باريس الداعمة الرئيسة للقوة الألمانية في منطقة اليورو.

تردد سياسي

وفي حين عززت الأزمة الاقتصادية قوة ألمانيا في أوروبا، توجه انتقادات لبرلين لعدم جرأتها على الاضطلاع بدور قياسي على الساحة الدولية، خاصة في القضايا الرئيسة التي تشغل الرأي العام العالمي.

وفي المقابل، يرى مراقبون أن برلين توظف قوتها الاقتصادية لتوسيع حضورها دولياً. ويضربون مثلاً جهود ميركل لحث روسيا على التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا يضمن لأوروبا شتاءً دافئاً.

لكنها تواجه داخل الاتحاد الأوروبي انتقادات بسبب موقفها الخجول إزاء قضايا دولية بعيدة الصلة نسبياً عن أوروبا.

وفيما كانت فرنسا من أوائل الدول التي دفعت بطائرات للمشاركة في الضربات الموجهة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، في إطار تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، حصرت ألمانيا من جهتها التزامها بتدريب المقاتلين الأكراد على استخدام السلاح.

المساهمون