نفط الربيع العربي في مهب الريح

01 أكتوبر 2014
النفط العربي تلقى ضربات متلاحقة عقب اندلاع ثورات الربيع(أرشيف/Getty)
+ الخط -
استخدمت الثورات المضادة سلاح تخريب مصادر إنتاج ونقل النفط لتأزيم اقتصادات دول الربيع العربي، وبالتالي تعطيل ثوراتها عن استكمال طريقها، ورصدت "العربي الجديد" عمليات التخريب في ثلاث دول هي اليمن وليبيا وسورية، وآثارها السلبية على الإنتاج والصادرات.
ففي اليمن وعقب نجاح ثورة الشباب بإطاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2011تصاعدت الهجمات على حقول وأنابيب النفط وبلغت الخسائر خلال السنوات الثلاث الماضية خمسة مليارات دولار تقريباً، حسب الإحصاءات الرسمية، ويشهد اليمن عشرات التفجيرات سنوياً، في ظل عجز أجهزة الأمن عن منعها.
وتبادلت أطراف سياسية وقبائل وأجهزة الأمن الاتهامات حول المسؤولية عن عمليات التخريب، وفي الوقت الذي اتهمت فيه قبائلُ الأجهزةَ الأمنية بالتراخي، بل التواطؤ، بسبب معرفتها الجناة، على حد زعمهم، أكدت وزارة الداخلية اليمنية، أنها تبذل جهودا كبيرة لتأمين النفط، إلا أنه ينتظر تعاون القبائل والمجتمع المحلي للقبض على الجناة.

تفجيرات اليمن

ووفقاً لمصدر في وزارة النفط اليمنية، لـ"العربي الجديد" فإن الأنبوب الرئيس في مأرب، تعرض في العام الماضي 3013 فقط، لأكثر من 30 تفجيراً.

وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية في أوقات سابقة، أسماء عدد من مفجري أنابيب النفط، وتم نشر أسمائهم في وسائل الإعلام الرسمية، ولكن لم يتم القبض على أحد منهم، وما زالت عمليات التفجير تتوالى.


وفي وقت سابق حاصر مسلحون قبليون، محطة "الاعروش" النفطية بمديرية خولان (120) كيلومتراً شرق العاصمة صنعاء.

وتقوم المحطة بضخ النفط إلى الأنبوب النفطي الذي يمتد من حقل صافر بمحافظة مأرب إلى رأس عيسى على البحر الأحمر بالحديدة، الذي يقدر أن اليمن تصدر عبره، أكثر من 150 ألف برميل يومياً، بعد أن انخفض الإنتاج من حقل صافر الذي كان ينتج أكثر من 180 ألف برميل من النفط الخام.

وأكد مصدر في شركة صافر في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، أن أسباباً متعددة وراء محاصرة المسلحين لمحطات الضخ، أهمها مطالباتهم بإلحاق عدد من أبنائهم جنوداً في الجيش اليمني أو في وظائف حكومية أو تلبية مطالب معيشية.

وتوقع المصدر، توقف محطات عن ضخ النفط بسبب نفاد مادة الديزل بالإضافة إلى حاجتها للصيانة.

ومطلع أغسطس/آب الماضي قالت وزارة الداخلية إن شرطة محافظة صنعاء أحبطت محاولة تفجير أنبوب النفط في الكيلو 167 الواقع بين قرية العين والمنحرف والنوبة في منطقة بلسان بخولان.

وكانت دوافع رجال القبائل للقيام بعمليات التفجير هذه حض السلطات اليمنية على منحهم امتيازات مالية من معاشات وموازنات خاصة لمناطقهم ووظائف ومطالب أخرى.

وأعلن رجال قبائل، غير مرة، مسؤوليتهم عن تفجير الأنبوب بسبب ما اعتبروه تجاهلاً من السلطات لمطالبهم، رغم أن الأنبوب يمر من أراضيهم وقيامها بتجنيد حراسات للأنبوب من خارج المنطقة.

وتؤكد تقارير حكومية أن الحكومة اليمنية تتكبد خسائر تقدر بنحو 15 مليون دولار في كل يوم يتعطل فيه تصدير النفط من محافظة مأرب جراء الهجمات التي تستهدف أنابيب النفط فيها، فضلا عن كلفة إصلاح الأنبوب.

خسائر ليبيا

أما ليبيا عضو منظمة أوبك فتلقت خسائر باهظة، حيث انخفض إنتاجها عام 2010 قبل الثورة من 1.6 مليون برميل يومياً، إلى أقل من 250 ألف برميل، مما أثر بشكل كبير على ميزانيتها، وبعد أن ارتفع انتاجها إلى 925 ألف برميل يومياً الأسبوع الماضي عاد الانخفاض إلى 900 ألف برميل بسبب الانفلات الأمني.

وقال متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أمس: "إن إنتاج البلاد مستقر عند هذا المستوى دون تغيير عن المستوى الذي أعلن يوم الأحد الماضي".

وكانت ليبيا أبرمت اتفاقاً مع المسلحين في الشرق برئاسة زعيمهم إبراهيم الجضران (قريب من اللواء خليفة حفتر) من أجل إعادة فتح موانئ نفطية مؤخراً بعد أن بسطوا سيطرتهم عليها منذ أكثر من عام، بهدف إنشاء إقليم فيدرالي في برقة.


ووافق المسلحون، في السادس من شهر أبريل/نيسان الماضي، على إنهاء تدريجي لحصارهم المفروض على موانئ الزويتينة والحريقة وراس لانوف والسدرة، التي تصدر نحو 730 ألف برميل يومياً من النفط، وبالفعل بدأ ميناء راس لانوف في تصدير أولى شحناته منذ شهرين، بعد توقف أكثر من عام، كما دخل ميناء السدرة دائرة التصدير.


تدهور إنتاج سورية

وبالنسبة إلى سورية فهي كانت من أكثر الدول تدهوراً في إنتاجها النفطي، فقد كانت تنتج نحو 385 ألف برميل يومياً، قبل اندلاع الثورة وتحديداً في عام 2010، أما الآن فلا يتعدى الإنتاج 15 ألف برميل يومياً، في ظل احتدام المواجهة بين الجهات المتصارعة حوله.
كما أن إنتاج النفط كان يشكل نحو 24 % من الناتج الإجمالي لسورية، و25 % من عائدات الموازنة، و40 % من عائدات التصدير.

وقال الخبير النفطي السوري، عبد القادر عبد الحميد، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد": "يوجد في سورية ثلاث مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز، الأولى تقع في محافظة الحسكة، كانت تنتج قبل اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011، نحو 220 ألف برميل من النفط الثقيل، وتخضع الآن بالكامل لحزب (البي يي دي) الكردي"، فيما أشار إلى دخول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في معادلة الصراع على النفط أيضاً.

وأضاف: "تقع المنطقة الثانية في مدينة دير الزور لجهة البوكمال والميادين والرقة، التي كانت تنتج نحو 140 ألف برميل نفط خفيف في عام 2010، ويسيطر "داعش" على بعضها، في حين تسيطر المعارضة المسلحة على القسم المتبقي".


وتابع: "أما المنطقة الثالثة فتقع في المنطقة الوسطى بين تدمر وشرق حمص، وهي الأقل إنتاجاً للنفط، إذ كانت تنتج نحو 15 ألف برميل يومياً، فيما تعد الأكثر إنتاجاً للغاز، وتقع تحت سيطرة النظام السوري.

وفي الآونة الأخيرة تعرض النفط السوري لمزيد من الخسائر بعد أن استهدفت ضربات جوية أميركية مصافي نفط يسيطر عليها تنظيم داعش في سورية.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية في وقت سابق إن الهجمات في شرقي سورية، ضربت 12 مصفاة صغيرة يديرها "داعش"، مشيرة إلى أن الهجمات استهدفت تجفيف منابع التمويل التي يستفيد منها تنظيم الدولة الإسلامية.

وحسب تقرير حديث فإن داعش تنتج أقل من 100 ألف برميل من النفط الخام يومياً. وقد تصل قيمتها إلى 9.6 ملايين دولار في أسواق الطاقة العالمية.
المساهمون