شبكة الأمان العربية: انتظار فلسطيني منذ 2010

07 يناير 2015
تظاهرات أمام مقر الحكومة في رام الله (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

كثّفت السلطة الفلسطينية، خلال الأيام الماضية، اتصالاتها مع جامعة الدول العربية، لتفعيل شبكة الأمان العربية التي كانت قد تعهّدت بها الجامعة، في حال أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عقوبات مالية بحق السلطة، وحتى اللحظة تبدو الاتصالات والمناشدات السياسية من أعلى مستوياتها الفلسطينية بدون جدوى.

وأقرت القمة العربية بالكويت في عام 2010، شبكة أمان مالية عربية قيمتها 100 مليون

دولار، يتم تفعيلها في حال ضغطت إسرائيل على الفلسطينيين مالياً، من خلال حجب إيرادات المقاصة الشهرية، وهو ما فعّله الاحتلال حاليا.

وفي حين تؤكد مصادر لـ"العربي الجديد" أن إرسال المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية ليس بالأمر السهل، "لأن هناك حسابات للمصالح وخارطة العلاقات السياسية تتحكم في الأمر، بشكل يصعب التصريح به"، ما يجعل الفلسطينيين يكتفون بالإلحاح الدبلوماسي، ومناشدة جامعة الدول العربية عبر وسائل الإعلام.

وقالت مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية لـ"العربي الجديد"، "حتى الآن لم نتلق أي رد سلبي أو إيجابي، والعمل جار لاجتماع للجنة المتابعة العربية منتصف الشهر الجاري، لكن الأزمة المالية التي تعيشها السلطة لا يمكنها الانتظار لمزيد من الاجتماعات والمؤتمرات".

وقامت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتجميد عائدات الضرائب الفلسطينية والبالغ متوسط قيمتها 160 مليون دولار شهرياً، مطلع الشهر الجاري، بعد أن وقّعت القيادة الفلسطينية على صكوك الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي تسبب في أزمة مالية خانقة للسلطة التي لا تستطيع حتى الآن دفع رواتب شهر ديسمبر/كانون الأول 2014 لموظفيها البالغ عددهم اكثر من 160 ألف موظف حكومي.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس المجلس الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار"، محمد اشتية: "من الواضح أن العرب ليست لديهم الآن شبكة أمان مالية جاهزة، للقيام بدعم السلطة الفلسطينية".

 وأضاف اشتية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الاتصالات جارية لتفعيل هذه الشبكة، كون السلطة لن تستطيع الإيفاء بالتزاماتها المالية من دون المساعدات المالية العربية، التي يجب أن تصل اليوم وليس غدا، "لأن غداً يعتبر متأخراً في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها السلطة، والتي لن تستطيع بناء عليها دفع رواتب موظفيها".

وتشكل العائدات الضريبية التي تحتجزها حكومة الاحتلال نحو 60% من فاتورة الرواتب التي تدفعها السلطة، وهي إيرادات تحصلها إسرائيل، نيابة عن الفلسطينيين، على البضائع والسلع الواردة أو الصادرة من وإلى فلسطين عبر الحدود الدولية.

وحول السيناريوهات المتوقعة لتجاوز أزمة الرواتب الحالية، قال اشتية: "لا يوجد الكثير من الخيارات: فإما أن تقوم السلطة بالاقتراض من المصارف، علما أن الاقتراض له حد معين، وقد

وصلت السلطة إلى ذروته. أو الخيار الثاني وهو أن تعلن السلطة عن تأجيل دفع الرواتب. أما الخيار الثالث فهو أن تقوم الدول العربية بتحويل مساعدات مالية عاجلة للسلطة. فيما يكمن الخيار الرابع في أن تقوم إسرائيل بتحويل عائدات الضرائب".

وعادة ما تلجأ حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى تجميد أموال الضرائب كنوع من الضغط على السلطة الفلسطينية. وتراوحت الفترات التي جمّدت فيها إسرائيل عائدات الضرائب من شهرين إلى عدة شهور، وكانت آخر مرة تم تجميد أموال المقاصة فيها بعد توجه فلسطين إلى الأمم المتحدة للاعتراف بها نهاية عام 2012، حيث استمر تجميد الأموال شهرين حتى مطلع عام 2014، كنوع من تضييق الخناق على السلطة.

وحول استمرارية العقوبة الإسرائيلية الأخيرة، بحجز أموال الضرائب، وعدم تحويلها للسلطة الفلسطينية، قال اشتية: "هذا إجراء عقابي مؤقت، قد يستمر شهرا أو اثنين، بهدف ليّ ذراع السلطة الفلسطينية، وإسرائيل تعلم أنها لا يمكن أن تستمر في هذه العقوبة خوفا من انهيار السلطة، التي يعتبر وجودها مصلحة لإسرائيل، من باب استمرار الأمر الواقع".

وتابع: "حكومة الاحتلال تفرض عقوبات جماعية، في محاولة لتخفيض السقف السياسي للمطالب الفلسطينية، لكن كل هذه الضغوطات التي تقوم بها إسرائيل لن تجدي، ولن تفيد في نهاية الأمر".
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، في تصريحات صحافية أمس: "أن إسرائيل تهدف من وراء حجز أموال الضرائب إلى تدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية، وخنق أكثر من أربعة ملايين ونصف فلسطيني".

وقال: إن وقف تحويل أموال الضرائب قرصنة، وهذه الأموال ليست منحة من الاحتلال الإسرائيلي، بل تجمعها وتأخذ مقابل ذلك 3%.

وأكد عريقات، أن اجتماع القيادة الفلسطينية القادم سيناقش القرصنة الإسرائيلية، فضلا عن تحديد العلاقة مع إسرائيل، متأملا أن تقوم الدول العربية بتفعيل شبكة الأمان العربية في أسرع وقت

ممكن.

وإلى جانب الاتصالات المكثفة مع جامعة الدول العربية لتفعيل شبكة الأمان العربية، نشط رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، في جولة عربية انتهت أمس الأول الاثنين، شملت الأردن والسعودية، على أمل الحصول على دعم مالي عربي.

وفيما لم تتمخض زيارة الحمد الله، للسعودية عن أي منح مالية ملموسة، تعوّل القيادة الفلسطينية على بعض الدول العربية التي درجت على مساعدتها مثل السعودية، قطر والجزائر، للخروج من أزمتها المالية الخانقة حاليا.

وبلغ إجمالي الدعم العربي للسلطة الفلسطينية في العام الماضي 2014، نحو 390 مليون دولار، قدمت السعودية منها 200 مليون، فيما قدمت قطر 133 مليون دولار، والجزائر 47 مليون دولار.

المساهمون