تنتشر في الجهة الشمالية من المملكة المغربية زراعة "القنب الهندي" أو ما يطلق عليه في المغرب "الكيف"، باعتبارها زراعة قديمة امتهنها مزارعون بسطاء لا يستطيعون فعل شيء سواها، وبها يجدون أنفسهم مطاردين هاربين أو معتقلين، غير أنها تدر الملايين على الأباطرة والمهربين دوليا.
وقدم حزب الأصالة والمعاصرة اليميني المعارض مشروع قانون يطالب فيه بتقنين زراعة القنب الهندي، لرفع "الضرر" الذي تتعرض له المنطقة الشمالية التي تنتج هذه النبتة، كما دعا الحكومة المغربية إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة، فيما يتعلق بوضع برنامج استعجالي لمعالجة وتصحيح الاختلالات ومختلف أوجه الهشاشة والفقر، مع وضع حد للمعاناة الجسيمة التي يكابدها مزارعو الكيف البسطاء.
وطالب الحزب وعدد من الفعاليات المدنية والحزبية بإصدار قانون جديد يقنن زراعة "الكيف"، بشكل يتيح استخدامه في مجالات طبية وصيدلانية وصناعية تعود بالنفع على المزارعين والمستهلكين. كما طالب الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي لـ"الكيف"، بالترخيص الطبي والصناعي لنبتة "الكيف، وعدم ملاحقة مزارعي هذه النبتة، والعفو عن السجناء وإسقاط المتابعة القانونية عن المتهمين.
وقال حكيم بنشماش، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة: إن الكيف ليس شراً مطلقاً، وفيه من الإيجابيات ما يدفعنا إلى المطالبة بتقنينه ورفع الضرر عن مزارعيه. مضيفاً: يجب أن نعلن أنه حان الوقت لتكسير هذا "التابو" بوضوح ورأس مرفوع، لهذا أخذنا على عاتقنا جعل زراعة "الكيف" مقننة حتى تصبح مثل باقي الزراعات، ولن تكون فعلاً مجرداً تعرض مزارعيها للاعتقال.
وطالب بنشماش، بتشديد الرقابة على مروجي "الكيف" ومنع وصوله الى تجار المخدرات، قائلا: على الدولة أن تتخذ الاجراءات اللازمة كي لا تستعمل النبتة كمخدر، مشيراً الى مخاطر استعمالاته السلبية كمخدر يدمر عقول الشباب، ويعطي صورة سلبية عن المغرب في المحافل الدولية.
وانتقد بنشماش، فشل البرامج الزراعية البديلة التي تمت في منطقة الريف المغربي، والتي قام الاتحاد الأوروبي بتمويلها لمساعدة السلطات المغربية على التخلص من زراعة "الكيف" وتعويضه بزراعات ومشروعات بديلة، مشدداً على أن تلك المناطق لا يمكن أن تنجح فيها سوى زراعة القنب الهندي.
ويعتمد غالبية الفلاحين في الأقاليم المغربية الشمالية على زراعة القنب الهندي كمصدر عيش رئيسي، وتشغل زراعته مساحات شاسعة قدرت بحوالي 134 ألف هكتار، حسب دراسة للمنظمة الدولية لمكافحة الجريمة والمخدرات عام 2004، وحسب تقرير صدر عن مكتب الجريمة والمخدرات التابع لهيئة الأمم المتحدة، يصنف المغرب في المرتبة الثانية عالمياً من حيث المساحات المخصصة لزراعة الكيف وإنتاج الحشيش بعد أفغانستان.
وأوضح شكيب الخياري، منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي لـ"الكيف"، أن 40 في المئة من القنب الهندي المستهلك عالمياً مصدره مغربي كما أن 80 في المئة من الاستهلاك الأوروبي لهذه المادة يأتي من المغرب.
ويعاني سكان المنطقة من مجموعة من المضايقات والابتزاز على مستويين، الأول يتعلق بابتزاز رجال السلطة للمزارعين والثاني يتعلق بابتزاز من نوع آخر عبر عنه أحد المزارعين قائلا: نتعرض لشتى أنواع المضايقات من طرف عصابات تقوم بسرقتنا ومساومتنا بشكل دائم، كما يعيش أغلبنا خوفاً مستمراً من المصالح الأمنية حتى وإن لم تكن لنا أية علاقة بالكيف".
في هذا الخصوص قالت ميلودة حازب، رئيسة الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب: نريد أن يصل صوت المزارع إلى المستوى الوطني والدولي ويسمعه الجميع، نريد أن يعرف الجميع معاناة ومشاكل هذا المزارع، وما الذي يربحه من وراء هذه النبتة. المقاربة الأمنية لم تعد مجدية ونحن في حاجة إلى مقاربة أخرى وتنمية هذه المناطق وإعطاء المزارع الحق في أن يعيش حياة كريمة".
ويبلغ الإنتاج السنوي للقنب الهندي الخام حسب المعطيات الرسمية أكثر من 53 ألف طن سنوياً، وتعمل في زراعة القنب الهندي نحو 90 ألف عائلة في شمال المغرب، ويبلغ مردود كل عائلة من هذه الزراعة سنوياً 39 ألف درهم، ويتراوح ثمن الكيلو جرام الواحد من معجون النبتة المخدرة محلياً، ما بين 4 و7 آلاف درهم.
واعتبر أحمد االتهامي النائب البرلماني "الكيف" نبتة طبيعية تنمو في وسط طبيعي و"يجب أن تعامل معاملة طبيعية" مضيفاً أنها من "أحسن النباتات التي تنمو في المنطقة مقارنة مع نباتات أخرى، وأنه لا يجب اعتبار هذه الزراعة جريمة بل يجب أن تصبح من الزراعات العادية".
وفي سياق مرتبط بالجانب القانوني ومحاكمة المعتقلين في قضايا "الكيف" تساءل التهامي مستغربا: كيف لا يتم منحهم العفو الملكي في الوقت الذي يتمتع به سجناء ارتكبوا جرائم قتل؟ مطالبا بالتعويض عن الضرر لكل مواطن صدر في حقه حكم البراءة بعد تعرضه لاعتقال تعسفي في قضية مرتبطة بـ"الكيف"، ولفت النظر أيضا إلى توجيه الاتهام دون دليل إلى كل مواطني المنطقة الشمالية.
وعن الأهداف التي رسمها المطالبون بتقنين زراعة "الكيف" قالت ميلودة حازب، عن فريق الأصالة والمعاصرة: نريد تحقيق 3 أهداف من وراء تقنين زراعة "الكيف"، أولها تحقيق الطمأنينة للمزارع ليقبل على الزراعة من دون خوف من المتابعة، وثانيها ترويج الاقتصاد في المنطقة، وآخرها تصحيح الصورة النمطية التي تطبع المغرب على أنه بلد يصدر مخدرا.