8 علامات سينمائية في مسيرة رشدي أباظة

07 اغسطس 2015
"أكثر أبناء جيله صخباً" (من أرشيف العائلة)
+ الخط -

في لقاءٍ تلفزيوني مع أحمد رمزي عام 2013 سُئِل عن "أكثر أبناء جيله صخباً؟"، ليجيب من دون تردّد "رشدي أباظة طبعاً، محدش كان يقدر ينافس رشدي، كلنا كنا تلامذة عنده"، رمزي المتصالح تماماً مع حياته يتحدث عن أباظة الصاخب الذي عاش ومات وفي قلبه نفس التصالح.

تلك الحياة الصاخبة توائم تماماً "بطلاً" لمتوسط خمسة أفلام كل عام خلال عصره الذهبي، فقد كان رشدي في الستينيات تحديداً هو "الرمز" الذكوري الأهم في السينما: الطول والجسد العريض والوسامة الملحوظة والشنب الحاد كأنه مرسوم.. كلها صفات تجعله البطل الأكثر ذكورية. في المقابل لم يكن يمانع هو أن يكون بطلاً لأي فيلم، هو يحب التمثيل، ويحب الفلوس التي تأتي من التمثيل لأنه يصرفها على أشياء أخرى يحبها، كالزيجات المتعددة والسفر المستمر والخمور المستوردة، لذلك فرصيده السينمائي يصل إلى 150 فيلماً في حدود 30 عاماً فقط. وما تبقى منها في الذاكرة كان كثيراً لأن عدد المخرجين الموهوبين في السينما المصرية وقتها كان يسمح بأن يصنع نسخاً مختلفة من نفسه في أفلامٍ رائعة فعلاً.

في هذا المقال نسترجع مسيرة أباظة من خلال علامات مهمة، وربما الأهم، في مسيرته الصاخبة كحياته، والأدوار التي تنقل فيها بين أشكال وأنواع سينمائية مختلفة:

امرأة في الطريق – عز الدين ذو الفقار (1958)

يمكن القول إن عز الدين ذو الفقار هو أهم شخص في مسيرة رشدي أباظة المبكرة على الإطلاق، والمخرج الذي أتاح له فرصة المشاركة في أدوار رئيسية تمهد لمنحه البطولة لاحقاً.
في هذا الفيلم صنع ذو الفقار أيقونتين، واعتمد فيلمه بالكامل على التصادم بينهما: أيقونة نسوية مغوية تمثلها هدى سلطان في أكثر سنينها تألقاً، وأيقونة ذكورية لم يجد لها أفضل من رشدي أباظة، مبرزاً قوته الجسدية ووسامته الملحوظة التي تدفع بطلة الفيلم لإغوائه بشكل مستمر، ليكون الظهور الأول لموهبة وإمكانات أباظة وما يمكن أن يمنحه للسينما المصرية كبطل أيقوني.

الرجل الثاني – عز الدين ذو الفقار (1959)

من جديد عز الدين ذو الفقار، في هذا الفيلم يخرج واحداً من أفضل أفلام الـ"نوار المصرية" ( Film-Noir: صنف سينمائي مثل "فيلم كوميدي أو دراما".. له سمات محددة.. يدور حول الجريمة مع بطل وبطل ضد في وجود "امرأة مغوية"). وينقل رشدي أباظة، المتألق بدور شر رائع جداً وأيقوني أيضاً، إلى نجومية الصف الأول، ليصبح بعد ذلك "نجم الستينيات" من دون منازع.
النقطة المهمة في الفيلم كانت "كاريزما" رشدي أباظة التي ابتعلت الجميع، على الرغم من وقوفه أمام رقص سامية جمال وصوت صباح وأمام بطل مهم مثل صلاح ذو الفقار، إلا أن شخصية "عصمت.. الرجل الثاني" هي روح العمل كله، وهذا ما أضاف الكثير لـ"أباظة".


ملاك وشيطان – كمال الشيخ (1960)

مرة أخرى مع مخرج مهم جداً، وفيلم ذي شكل مختلف عن السينما المصرية، بطولة مشتركة بين أباظة والطفلة إيمان ذو الفقار، في نسخة كلاسيكية ومبكرة من فيلم Leon الفرنسي، عن مجرم تضطره الظروف للعيش مع طفلة لمدة طويلة، وتبدأ في التغيير فيه ببطء.


الزوجة 13 – فطين عبدالوهاب (1962)

النسخة الكوميدية من رشدي أباظة كانت أيضاً خفيفة الظل جداً، حيث يوظفه المخرج العبقري فطين عبدالوهاب في دور "دونجوان" اعتاد الزواج من السيدات وتركهن بعد ذلك، حتى يقع تحت يد الزوجة رقم 13 التي تكتشف ما يفعله، وتتفق مع الزوجات السابقات على منحه درساً لا ينساه. يبدأ أباظة من نقطة وسامته، ويتحرك، بثنائية رائعة مع شادية، لصنع واحد من أفضل أفلام الكوميديا المصرية.


لا وقت للحب – صلاح أبو سيف (1963)

قصة يوسف إدريس التي تحولت لفيلم من إخراج صلاح أبو سيف، عن قصة تدور قبل يوليو/تموز عام 1952 لمناضل يحاول الهرب من قبضة الإنكليز. الكيمياء المميزة بينه وبين فاتن حمامة، وقدرته الجسدية والأدائية على إقناعنا بشخصية المناضل الهارب.


الطريق – حسام الدين مصطفى (1964)

لم يكن فيلماً كبيراً، ولكن الشخصية المعقدة التي خلقها نجيب محفوظ في واحدة من أهم رواياته، وجسّد فيها "خيارات" الإنسان و"الطرق" التي يمكن أن تمشي فيها حياته، تلك الشخصية أحياها رشدي أباظة على الشاشة في واحد من أفضل أداءاته.


غروب وشروق – كمال الشيخ (1970)

خلال النصف الثاني من الستينيات لم يقدم أباظة أفلاماً مهمة، تنقل بخفة فقط بين عدد من الأعمال الكوميدية أو الميلودرامية، قبل أن تأتي عودته القوية بهذا الفيلم مع المخرج الكبير كمال الشيخ والسيناريست الشاب، وقتها، رأفت الميهي، وأمام سعاد حسني، بشخصيات تمر بتحولات جذرية تسمح للجميع بمساحات تمثيل مختلفة.


أين عقلي – عاطف سالم (1974)

في تلك المرحلة بدأ السن يظهر بقوة على وجه رشدي أباظة، تخلّى عن دور "الدونجوان" والفتى الأول، وبدأ يظهر في أدوار مساعدة، وهو هنا طبيب نفسي يحاول الفصل بين زوج مقتنع أن زوجته مجنونة، والزوجة التي تنكر الكثير من ادعاءاته. لعبه لدور مساند لصالح البطل الرئيسي محمود ياسين، كان إيحاء بالجيل الجديد الذي يظهر ليتصدر المشهد السينمائي في مصر، ويحل بدلاً من "الجيل الأقدم".
ولاحقاً، وخلال البقية القليلة حتى نهاية حياته بمرض السرطان في يوليو/تموز 1980، بدأت صحة رشدي أباظة تتدهور، وظهوراته في الأفلام تقل، والأفلام نفسها تصبح أقل أهمية وقيمة، وفي النهاية حين رحل.. ظل باقياً لعقود حتى الآن كرمز مهم للسينما الكلاسيكية في مصر.

اقرأ أيضاً: (بالصور) في ذكرى ميلاده الـ89 رشدي أباظة بعيون شقيقته زينب 

المساهمون