06 نوفمبر 2024
70 سنة تهويد والشهيّة مفتوحة
بالتزامن مع تداول تقرير إسرائيلي جديد أظهر أن عدد الفلسطينيين واليهود في مناطق فلسطين التاريخية بات مُتساويًا، عادت بقوة إلى الأجندة قضية الإجراءات المطلوبة الرامية إلى تهويد منطقتي الجليل والنقب، والتي لم تتوقف منذ 70 سنة. وتتجنّد لهذه القضية معاهد أبحاث، على غرار معهد أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، والذي نشر في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 ورقة تقدير موقف عنوانها "الخطر الديموغرافي.. السكان الإسرائيليون (المقصود اليهود) يهجرون النقب والجليل"، استهلها بالتذكير بأنه "على مر السنوات الفائتة، اعتمدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة استراتيجية تهدف إلى نشر السكان المحليين وتوزيعهم في أجزاء مختلفة من البلد"، وأتبع ذلك بالتأكيد أنه على الرغم من هذه السياسة، تعزّزت، خلال العقدين الأخيرين بوجه خاص، نزعة السكان اليهود إلى تفضيل السكن في منطقة الوسط، وهي نزعة تتجسّد في هجرة تدريجية من النقب والجليل، وأمست خطرًا استراتيجيًا يهدّد إسرائيل على الصعيد القومي.
ولدى التطرّق إلى منطقة الوسط، ركّزت الورقة على "متروبولين غوش دان"، الممتد من مدينة نتانيا في الشمال وحتى مدينة رحوفوت في الجنوب، ويشكّل نحو 7% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيه اليوم نحو 40.6% من مجموع سكانها. في المقابل، تشكّل منطقة النقب، الممتدة من غور بئر السبع وحتى مدينة إيلات، نحو 60% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيها نحو 8% فقط من مجموع السكان، بينما تشكّل منطقة الجليل، الممتدة من قطاع الحدود مع لبنان حتى مرج بن عامر، نحو 16% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيها نحو 15% فقط من مجموع السكان. وبخصوص المنطقة الأخيرة، أعاد الرئيس السابق للطاقم الإعلامي في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يوعاز هندل، والذي يرأس الآن معهد أبحاث الاستراتيجية الصهيونية، إلى الأذهان أن المرة الأخيرة التي شكّل السكان اليهود أغلبية فيها في الجليل، كانت في أواخر سبعينيات القرن الفائت. ومنذ ذلك الوقت، أخذت نسبتهم في الانخفاض، فبلغت 49.8% في عام 1983 و44.2% في عام 2008 وأقل من 43% في عام 2017.
ووفقًا لهندل ومعهد أبحاث الأمن القومي، ينطوي الإخلال بالميزان الديموغرافي في الجليل والنقب على خطر جيو سياسي يتهدّد إسرائيل، بموجب التجربة التاريخية التي تفيد بأن الأقليات التي تتسّم بوعي وطني، ولديها قيادات وطنية، وتشكل أغلبية سكانية في منطقة جغرافية خاصة بها، تجنح في العادة إلى تحقيق تطلعاتها القومية من خلال المطالبة، العنيفة أو الهادئة، بالاستقلال الذاتي أو بالالتحاق بدولةٍ أخرى، قد تكون ذات حدود مشتركة. وبناء على هذا، استمرار تجمع السكان اليهود في منطقة الوسط قد يحوّلها، في يوم من الأيام، إلى مدينة/ دولة من غير ظهر لوجستيّ! ويصل كلاهما إلى بيت القصيد، بدعوتهما إلى اعتماد "خطة لتشجيع الاستيطان اليهودي في النقب والجليل"، تكون مغايرةً لما سبقها من خطط ومشاريع، أخفقت في تحقيق هدفها الرئيسيّ، وهو التهويد.
من نافل القول إن هذه التحذيرات تقع على آذان مُنصتة، بين كبار المسؤولين المُخلصين لمقاربة إسرائيلية راسخة ترى الخطر الأكبر على الهوية القومية لدولة الاحتلال من السكان العرب الأصلانيين المقيمين فيها، كما سبق أن أعرب عن ذلك عدة رؤساء حكومة، في مقدمهم أريئيل شارون وبنيامين نتنياهو. وجميع هؤلاء لا يختلفون في ذلك عن غيرهم من الزعماء الصهاينة، فمنذ أول يوم من بدء مشروعها الاستعماريّ في فلسطين، أدركت الحركة الصهيونية أنها ستواجه مُقاومة عربية، ولم يكفّ زعماؤها عن السجال في ما بينهم عن أفضل طريق للتعامل مع ما سمّوها "المشكلة العربية". وتبيّن العودة إلى هذا السجال أنهم درسوا كل احتمالٍ يقع بين ترحيل العرب إلى مناطق أخرى وإقامة "دولة ثنائية القومية"، كما اختبروا كل احتمالاتٍ تتعلق بتقسيم البلد، لكن في خضم ذلك كله ساد بينهم أولًا ودائمًا إجماعٌ على مبدأ أساسي، فحواه "أرضٌ أكثر وعربٌ أقل".
ولدى التطرّق إلى منطقة الوسط، ركّزت الورقة على "متروبولين غوش دان"، الممتد من مدينة نتانيا في الشمال وحتى مدينة رحوفوت في الجنوب، ويشكّل نحو 7% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيه اليوم نحو 40.6% من مجموع سكانها. في المقابل، تشكّل منطقة النقب، الممتدة من غور بئر السبع وحتى مدينة إيلات، نحو 60% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيها نحو 8% فقط من مجموع السكان، بينما تشكّل منطقة الجليل، الممتدة من قطاع الحدود مع لبنان حتى مرج بن عامر، نحو 16% من مساحة إسرائيل، ويسكن فيها نحو 15% فقط من مجموع السكان. وبخصوص المنطقة الأخيرة، أعاد الرئيس السابق للطاقم الإعلامي في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يوعاز هندل، والذي يرأس الآن معهد أبحاث الاستراتيجية الصهيونية، إلى الأذهان أن المرة الأخيرة التي شكّل السكان اليهود أغلبية فيها في الجليل، كانت في أواخر سبعينيات القرن الفائت. ومنذ ذلك الوقت، أخذت نسبتهم في الانخفاض، فبلغت 49.8% في عام 1983 و44.2% في عام 2008 وأقل من 43% في عام 2017.
ووفقًا لهندل ومعهد أبحاث الأمن القومي، ينطوي الإخلال بالميزان الديموغرافي في الجليل والنقب على خطر جيو سياسي يتهدّد إسرائيل، بموجب التجربة التاريخية التي تفيد بأن الأقليات التي تتسّم بوعي وطني، ولديها قيادات وطنية، وتشكل أغلبية سكانية في منطقة جغرافية خاصة بها، تجنح في العادة إلى تحقيق تطلعاتها القومية من خلال المطالبة، العنيفة أو الهادئة، بالاستقلال الذاتي أو بالالتحاق بدولةٍ أخرى، قد تكون ذات حدود مشتركة. وبناء على هذا، استمرار تجمع السكان اليهود في منطقة الوسط قد يحوّلها، في يوم من الأيام، إلى مدينة/ دولة من غير ظهر لوجستيّ! ويصل كلاهما إلى بيت القصيد، بدعوتهما إلى اعتماد "خطة لتشجيع الاستيطان اليهودي في النقب والجليل"، تكون مغايرةً لما سبقها من خطط ومشاريع، أخفقت في تحقيق هدفها الرئيسيّ، وهو التهويد.
من نافل القول إن هذه التحذيرات تقع على آذان مُنصتة، بين كبار المسؤولين المُخلصين لمقاربة إسرائيلية راسخة ترى الخطر الأكبر على الهوية القومية لدولة الاحتلال من السكان العرب الأصلانيين المقيمين فيها، كما سبق أن أعرب عن ذلك عدة رؤساء حكومة، في مقدمهم أريئيل شارون وبنيامين نتنياهو. وجميع هؤلاء لا يختلفون في ذلك عن غيرهم من الزعماء الصهاينة، فمنذ أول يوم من بدء مشروعها الاستعماريّ في فلسطين، أدركت الحركة الصهيونية أنها ستواجه مُقاومة عربية، ولم يكفّ زعماؤها عن السجال في ما بينهم عن أفضل طريق للتعامل مع ما سمّوها "المشكلة العربية". وتبيّن العودة إلى هذا السجال أنهم درسوا كل احتمالٍ يقع بين ترحيل العرب إلى مناطق أخرى وإقامة "دولة ثنائية القومية"، كما اختبروا كل احتمالاتٍ تتعلق بتقسيم البلد، لكن في خضم ذلك كله ساد بينهم أولًا ودائمًا إجماعٌ على مبدأ أساسي، فحواه "أرضٌ أكثر وعربٌ أقل".