ويمنع العمال الكردستاني، في المناطق التي يسيطر عليها، الدوائر الحكومية من الوصول إليها، حيث يقوم بتهديد الموظفين الحكوميين، ويحرم السكان من الحصول على الخدمات، ويقوم هو بفرض الرسوم على نقل البضائع من وإلى تلك القرى.
ويلقى "العمال الكردستاني"، حالياً، دعماً من حكومات ايران والعراق وسورية، ويقوم مسلحوه بأنشطة مسلحة في كل من العراق وسورية وتركيا، تخدم، وفق المراقبين، الأجندة الإيرانية في المنطقة، حيث يدير المناطق ذات الغالبية السكانية الكردية الواقعة شمالي وشمال شرقي سورية منذ الثورة في 2011، وذلك بموافقة الحكومة السورية.
ويقوم مسلّحو "العمال الكردستاني" بوضع نقاط للسيطرة والتفتيش عند مداخل القرى والمناطق التي يسيطرون عليها، ويمنعون من لا يرغبون بدخوله من الوصول إلى المنطقة. إضافة إلى فتح مقرات أمنية وتدريبية وخدمية خاصة بالحزب، وتسخير ممتلكات ومنازل سكان القرى لصالحه، وخاصة لغرض مبيت العناصر، وعقد الاجتماعات الحزبية، وإخفاء الأسلحة والمعدات.
وقال قائم مقام قضاء زاخو، بوتان محسن، في تصريح صحافي، إن سيطرة مسلحي حزب "العمال الكردستاني" على 100 قرية في القضاء "تسبب بتأثير بالغ على الأهالي، وعلى حصولهم على الخدمات".
ويعد قضاء زاخو، المجاور للأراضي التركية، ثاني قضاء متضرر من حزب "العمال". وتصل نسبة الأراضي الخاضعة لمسلّحي "العمال الكردستاني" هناك إلى 30% من مساحة القضاء، البالغة 1378 كيلومتراً مربعاً.
وأشار قائم مقام زاخو إلى أن المسلحين لا يترددون في قتل من يعارضهم من سكان القرى التي يسيطرون عليها، وسبق أن قتلوا 3 من قرية واحدة في ناحية "باتيفا".
ووفقاً لإحصائيات معتمدة من قبل جهات حكومية؛ فإن 34% من مساحة محافظة دهوك، البالغة 6553 كيلومتراً مربعاً، خاضعة لمسلحي "العمال الكردستاني".
ويحول وجود المسلحين في القرى دون قيام الحكومة بتعبيد الطرقات، وإقامة جميع المشاريع الخدمية والبنى التحتية فيها.
وفرض مسلحو "العمال الكردستاني" تقسيمات إدارية جديدة ومختلفة عن التقسيم الرسمي والحدود الإدارية للمناطق، حيث أسّسوا في مناطق سيطرتهم بمحافظة دهوك أربعة أقاليم، أطلق عليها "حفتنين، والزاب، أورمار، وكاره"، وأقاموا في كل منطقة منها معسكرات ومقار حزبية، وأخرى لتدريب المسلحين، ومقابر ومشافي ومدارس خاصة به.
ومن الأنشطة الأخرى التي يقوم الحزب، عدا عن الأعمال المسلحة، فرض الرسوم على عمليات تهريب البضائع بين كل من العراق وإيران وتركيا، حيث اعتاد المئات من الإيرانيين والعراقيين والأتراك من سكان المناطق الحدودية نقل البضائع بين البلدان الثلاثة، وجني مبالغ زهيدة كأرباح، وفي حال امتناع أهالي القرى أو مهربي البضائع عن دفع الرسوم لمسلحي "العمال الكردستاني"؛ فإنهم يتعرضون للعنف الذي يصل، أحياناً، إلى إطلاق النار عليهم.
المحافظة الثانية المتضررة من وجود مسلحي الحزب هي محافظة أربيل، حيث يسيطر المسلحون على 240 قرية فيها، وهي موزعة على أقضية سوران (67 قرية)، وقضاء جومان (13 قرية)، وقضاء ميركسور (160 قرية).
وتعد منطقة قنديل أهم معقل لـ"العمال الكردستاني"، حيث تقع مقراته الرئيسية ومعسكراته وقيادته، وبسبب وعورة المنطقة، التي تضم سلسلة جبلية شاهقة تمتد على أراضي محافظتي أربيل والسليمانية، وتتداخل مع الأراضي الإيرانية؛ فإن مسلحي الحزب حوّلوا المنطقة إلى معقل رئيسي لهم منذ تسعينيات القرن الماضي.
وفي تلك المنطقة، وهي غنية بالنفط والأراضي الصالحة للزراعة والمراعي الطبيعية، هناك نحو 50 قرية تقع تحت سيطرة المسلحين. بينما يسيطر "العمال الكردستاني" على 49 قرية تقع ضمن محافظة السليمانية.
واستطاع الحزب تجنيد المئات من المسجلين لدى الأمم المتحدة في مخيم للاجئيين الأتراك، يقع في بلدة مخمور، جنوب أربيل، وضمهم إلى صفوفه.
وآخر عمليات التوسع التي قام بها مسلحو الحزب كانت على الحدود العراقية السورية، في قضاء سنجار، الذي انتقل إليه عام 2014، وبات يسيطر على 8 قرى تابعة له.
ويوجه قائم مقام سنجار، النائب السابق في البرلمان العراقي، محما خليل، اتهامات لـ"العمال الكردستاني" بإرهاب السكان لمنعهم من العودة إلى المنطقة، وباستهداف من يعودون، إضافة إلى السيطرة على مبان حكومية، قبل سقوطها بيد "داعش" في 2014، كما يمنع إعادة الإعمار.
واتهم خليل، ومسؤولون أكراد آخرون، الحكومة العراقية بتمويل "العمال الكردستاني" بالأموال والأسلحة، لتقويتهم وتمكينهم من السيطرة على المنطقة، وإضعاف إقليم كردستان، مؤكّداً أنّهم بصدد تقديم شكوى في المحافل الدولية ضد "العمال الكردستاني" لإنهاء سيطرته على المناطق التابعة لسنجار.