طرح نظام عبد الفتاح السيسي، في العام الأول من تقلّده الحكم في مصر، عدداً من المشاريع العملاقة، أبرزها بناء مليون وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود، والعاصمة الإدارية، ومحور تنمية قناة السويس، واستصلاح مليون فدان، والشبكة القومية للطرق، وثلث التعدين الذهبي، إلا أن هذه المشاريع الستة اصطدمت بضعف مصادر التمويل والاضطرابات الأمنية التي عصفت بالبلاد، حيث استيقظ المصريون على مشروعات قومية أطلق عليها الخبراء تسمية "وهمية" أو فنكوش.
وكانت بداية موسم الإعلان عن المشروعات العملاقة في شهر مايو/أيار من عام 2013، قبل الانتخابات الرئاسية، عبر وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، الذي كشف عن الاتفاق مع شركة آرابتك الإماراتية لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل خلال خمس سنوات مقابل 280 مليار جنيه (40 مليار دولار، حسب سعر الصرف آنذاك)، ولم تمر سوى ثلاثة أشهر حتى قالت وزارة الإسكان المصرية إنها تسلّمت الملف بدلاً من الجيش.
وكان مقرراً البدء في المرحلة الأولى من المشروع بداية العام الجاري، إلا أن الخلافات تصاعدت بين الشركة والحكومة حول مصادر تمويل المشروع، بالإضافة إلى الوضع المالي المتأزم لشركة آرابتك، حيث تعرضت لخسائر وتغيرات إدارية خلال الفترة الماضية، ما عرقل تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية.
اقرأ أيضاً: الرئاسة المصرية تتدخل لإنقاذ مشروع المليون شقة
أما المشروع الثاني في سلسلة أبرز المشاريع العملاقة للنظام الحالي، فهو ما أعلن عنه في مؤتمر شرم الشيخ (شمال شرق)، مارس/ آذار الماضي، ببناء العاصمة الإدارية على مساحة
60 كيلومتراً في طريق القاهرة/ السويس الصحراوي، وبكلفة تتجاوز 90 مليار دولار.
وقد تم الإعلان وقتها عن تولي شركة إعمار الإماراتية تنفيذ المشروع، إلا أن الشركة نفت في تصريحات لاحقة مشاركتها في المشروع. ولكن محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار، عاد وأعلن عن تأسيس شركة كابيتال سيتي بارك لتنفيذ المشروع، ثم تواصل الغموض حوله، حتى أعلن السيسي أن الموازنة لا تتحمّل بناء العاصمة الإدارية، واستمر تضارب التصريحات حتى الآن، بل ان مصادر إعلامية قريبة من السلطات أكدت أمس الأول تعثر المشروع بسبب خلافات بين الحكومة والعبار.
وكان محور تنمية قناة السويس ثالث المشاريع العملاقة التي تبناها النظام الحالي، وجمع كلفة مرحلتها الأولى التي تبلغ 64 مليار جنيه (8.5 مليارات دولار)، عبر شهادات استثمار للشركات والمواطنين.
وحسب خبراء، يشوب الغموض المشروع الذي لم تعد له دراسة جدوى، وتوقعوا أن يلقى مصير مشروع توشكي الوهمي الذي تبناه الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير 2011.
وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، إن مشروع قناة السويس الجديدة لن يضيف شيئاً لإيرادات القناة خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو أصلاً مجرد تفريعة إضافية بطول 72 كيلومتراً (منها مسافة 35 كلم ازدواج للقناة و37 كلم تعميق)، ستضاف إلى تفريعات سابقة بالقناة بطول 80.5 كيلومتراً، من إجمالى 193 كيلومتراً تمثل إجمالي طول القناة.
وأما رابع المشاريع العملاقة التي أعلن عنها السيسي، فكان إنشاء الشبكة القومية للطرق خلال عام واحد، حسب تصريحاته بعد توليه الرئاسة مباشرة العام الماضي، ولم تنجز الحكومة أي شيء في هذا المشروع بسبب ضعف مصادر التمويل والأزمة المالية التي تمر بها الدولة.
وبلغ عجز الموازنة العام المالي الماضي نحو 218 مليار جنيه خلال التسعة شهور الأولي من العام المالي الحالي مقابل 253 مليار جنيه (36 مليار دولار) في العام الماضي، ويتوقع أن ترتفع إلى 300 مليار جنيه بنهاية العام الجاري (40 مليار دولار).
أما المشروع الخامس، فهو مثلث التعدين الذهبي في صحراء مصر الشرقية الممتد من منطقة إدفو، جنوب محافظة قنا، إلى مرسى علم، على ساحل البحر الأحمر شرقاً، إلى منطقة سفاجا شمالاً، الذي شهد إهمالاً ملحوظاً من حكومة الببلاوي.
وكان سادس المشاريع العملاقة هو استصلاح مليون فدان، الذي اصطدم بالعجز المائي، ولا سيما بعد تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي وفشل مصر في إقناع الجانب الإثيوبي بوقف البناء أو التعهّد بالحفاظ على حصة مصر المائية والبالغة 53 مليار متر مكعب سنوياً، في ظل معاناة البلاد من عجز مائي حاد.
وحسب خبراء، لم تتبق للنظام الحالي سوى مشاريع حكومة هشام قنديل التي أعلنتها في عهد الرئيس محمد مرسي، والتي التقطتها حكومة محلب وبدأت تنفيذها، ومنها مشروع الكروت الذكية للوقود والتموين ومنظومة الخبز الجديدة، والتي حققت نجاحاً نسبياً لكنها لم تمنع تفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.
اقرأ أيضاً: خلافات تهدد مشروع العاصمة الإدارية في مصر