6 سنوات على الثورة..التونسيون ما يزالون بانتظار مكاسب اقتصادية

17 ديسمبر 2016
ارتفاع الأسعار والبطالة يقلقان الكثير من التونسيين (Getty)
+ الخط -


ست سنوات انقضت على اندلاع الثورة التونسية في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، فيما لا يزال الكثير من التونسيين ينتظرون تحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية، التي قامت من أجلها الثورة، وعلى رأسها التشغيل والتنمية.
وبينما يعتبر العديد من خبراء الاقتصاد والمراقبين للشأن الاجتماعي، أن الأمور تسير مؤخراً نحو الأفضل مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن ثمة 3 مؤشرات تقلق الكثير من التونسيين.

وتتمسك الطبقات الكادحة بمطالب الثورة وأهدافها، إلا انها لا تحجب في الوقت نفسه منسوباً مرتفعا من اليأس حيال وجود نحو 600 ألف عاطل عن العمل، وأكثر من 300 ألف تونسي تدحرجوا نحو خانة الفقر، ما قد يجعل نيران الثورة تتأجج من جديد رغم الرماد الهائل المتراكم فوقها، بفعل سياسة المسكنات التي اعتمدتها كل الحكومات المتعاقبة على مدار السنوات الست.
وبجانب البطالة، فإن معدل النمو الاقتصادي يعاني من التراجع، فضلا عن ارتفاع معدلات الديون، في ظل عجز الموازنة، وهو ما يقلق التونسيون من اتباع الحكومة إجراءات تقشفية تزيد من معاناتهم.

ويرى عبد الجليل البدوي، الخبير الاقتصادي، أن تونس تحتاج بعد ست سنوات على ثورتها إلى مخرج اقتصادي جديد، معتبرا أن وعود منتدى الاستثمار الذي انعقد في تونس نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يمكن أن تمثل انطلاقة جديدة للبلاد في حال نجح الفريق الحكومي في الحصول على كل التعهدات والاتفاقيات المبرمة.
ولا ينكر البدوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحكومات لا تتحمل وحدها تبعات عدم تحقيق الثورة أهدافها بشكل كامل، مؤكدا أن المنظمات الأهلية والشعب شركاء في ذلك، بسبب تعطل آلة الإنتاج في قطاعات حيوية وفقدان جزء من التونسيين لقيمة العمل ووجود الفساد.

ويقول إن وصول نسبة الدين إلى 63% من إجمالي الناتج المحلي، ونسبة نمو لا تكاد تلامس 1% بنهاية العام الحالي، يعد نتيجة تعطل الإنتاج واستمرار حالات الفساد.
وتعد نسب النمو المرتقبة للعام المقبل بنحو 2.5% وفق الخبير الاقتصادي ضعيفة جداً لمجابهة سيل من المطالب الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق العدالة التنموية بين المحافظات، معتبرا أن المجهود الوطني يجب أن يوجه عقاربه وخطابه نحو هدف موحد وهو استرجاع قيمة العمل.

وتتطلع الحكومة التونسية إلى أن يكون عام 2017 سنة الإقلاع الاقتصادي وتعزيز وتيرة النمو بفضل الاستثمار والإنتاج والتصدير وفرص العمل التي سيتم إيجادها للعاطلين، لكن خبراء يعتقدون أن أمام الحكومة أشواطا أخرى لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية.
وتلوح من موازنة العام المقبل 2017، التي صادق عليها البرلمان في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، بوادر سنة جديدة صعبة تضاف إلى رصيد التونسيين بسبب تدابير التقشف الحكومية عبر تقليص مخصصات الدعم على بعض المواد الاستهلاكية والخدمية، على غرار الكهرباء والغاز والماء.

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن تداعيات الموازنة التقشفية ستظهر بوضوح على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما بعد أن تم تأجيل زيادة أجور الموظفين الحكوميين إلى نهاية العام المقبل، في أعقاب اتفاق الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد العمال).
واعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية في بيان أصدره بمناسبة الذكرى السادسة للثورة، أن الحكومات المتعاقبة أخفقت في وضع خطة واضحة تستجيب لتطلعات الشباب، وتمكن من تحقيق الانقاذ الاقتصادي والنهوض الاجتماعي ومن وضع برامج للتنمية المحلية.

وأشار المنتدى في بيانه الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أن الانتقال الديمقراطي لن يكتمل دون منوال تنموي جديد يمكن من إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
ودعا إلى "مواصلة دعم الحركات الاجتماعية والاحتجاجات السلمية والمدنية في كل الجهات الحاملة لمطالب الثورة في التشغيل والتنمية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومقاومة الفساد المستمر، ورفع شعارات الثورة مجددا لتحميل الحكومة الحالية مسؤولية الاستمرار في التنكر لهذه المطالب الشعبية المشروعة والمستحقة".

ورغم صعوبة المشهد الاقتصادي، إلا أن مراقبين يرون أن بإمكان التونسيين، البناء على ما حققه مؤتمر الاستثمار الذي شهد إقبالاً للمستثمرين الأجانب ودعما من بلدان عدة على رأسهم دولة قطر.
واستطاعت تونس جمع حوالي 14.7 مليار دولار من المؤتمر في شكل استثمارات وقروض، بهدف التغلب على جزء من المصاعب الاقتصادية التي خلفتها الثورة، وبدت واضحة في مظاهر حياة المواطن البسيط.