وعلى الرغم من وجود بعض التباينات بين دول الخليج في سياساتها الخارجية تجاه بعض الملفات، وخصوصاً في ما يتعلق باليمن والحوار مع إيران، نجحت على مدار العام الماضي في طيّ صفحة خلافاتها التي كانت خاتمتها قمّة الدوحة، إذ تمكّنت المصالحات الخليجية، التي توّجتها القمة السابقة، من التركيز على استكمال بناء المؤسسات المشتركة لدول مجلس التعاون، وخصوصاً المؤسسات الأمنية. وجرى التوقيع على إنشاء مقرّ الشرطة الخليجية الموحّدة، في أبوظبي على هامش اجتماع وزراء الداخلية لمجلس التعاون لدول الخليج، في الدوحة الشهر الماضي، والتي تهدف بالأساس، إلى التنسيق بين دول الخليج لمكافحة الإرهاب بعد تنامي النشاطات الإرهابية في عدد من الدول الخليجية، لا سيما في السعودية، والبحرين، والكويت.
ووفق مصادر خليجية مطلعة تحدثت مع "العربي الجديد"، فإنّ خمسة أولويات تحتلّ اهتمام قمة الرياض الخليجية، وفي مقدّمتها الحرب في اليمن التي تستحوذ على اهتمام قادة "المجلس"، وإنْ كان من غير المتوقع أن تخرج بقرارات أو نتائج مفاجئة، بانتظار استكمال مهمة التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في تحرير باقي الأراضي اليمنية من سيطرة الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إذ ستؤكد القمة على دعم الحلّ السياسي للأزمة اليمنية، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216.
كما تحتلّ أولوية مكافحة الإرهاب مكانة هامة في أجندة القمة، إذ أكّد وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم في الدوحة، التصميم على محاربة الإرهاب واجتثاثه وتجفيف منابعه وقنوات تمويله لحماية المجتمعات الخليجية من آثاره السلبية، التي تهدّد أمنها واستقرارها.
اقرأ أيضاً: الشرطة الخليجيّة الموحّدة والتباينات المتوقّعة
أمّا الملف الثالث، فيتمثّل في الحرب السورية، إذ ستؤكد القمة الخليجية على دعم الجهود السعودية لتوحيد المعارضة السورية، التي تجتمع، اليوم الثلاثاء، في مؤتمر الرياض السوري، بهدف تشكيل وفد سوري موحّد للتفاوض من أجل الوصول إلى حلّ سياسي، والدعوة لانسحاب كل القوات الأجنبية من سورية، وتجديد المواقف الخليجية السابقة التي ترفض أي دور للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سورية.
ويتّضح في الملفَّين الأخيرَين اللذين ستبحثهما القمة، تباين في الموقف الخليجي. ويكمن الملف الأول في العلاقة مع إيران الذي يحتلّ جانباً هاماً، خصوصاً بعد التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، واستمرار تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، وتوقيعها على الاتفاق النووي مع دول 5 +1 الذي يبدأ تنفيذه الشهر المقبل، وتأثير ذلك على العلاقات مع دول الخليج. ومن غير المستبعد في هذا الشأن، أن تبحث القمة المبادرة التي أطلقها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للحوار مع إيران في خطابه أمام منظمة الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكان أمير قطر قد أكّد استعداد بلاده لاستضافة حوار بين دول الخليج وإيران للاتفاق على قواعد تُنظّم العلاقة بين الأخيرة ودول الخليج، على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية. ورحّبت إيران بالدعوة، في حين لم تصدر عن العواصم الخليجية مواقف رسمية، سواء بالترحيب أو الرفض، مما أوحى بوجود تباين في مواقف العواصم الخليجية في هذا الشأن.
أما الملف الآخر الذي لا يقلّ أهمية عن سابقيه، فيتمثل في العلاقات مع تركيا على ضوء تنامي التنسيق السعودي ـ القطري ـ التركي، الذي وصل إلى مرحلة التحالف. وتبدو دعوة المفتي العام للمملكة العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بضرورة مساندة تركيا في أزمتها الحالية التي تواجهها مع روسيا، وتأكيده على أنّ تركيا بلد إسلامي كبير وضياعه خسارة للمسلمين، رسالة واضحة إلى القمة الخليجية، لتأكيد وقوف دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب تركيا، وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لها في وجه العقوبات الروسية، وهو ما قد لا يرضي بعض الأطراف الخليجية، خصوصاً دولة الإمارات، التي لا تبدو متحمسة كثيراً للتنسيق والتحالف السعودي ـ القطري مع تركيا.
اقرأ أيضاً: مجلس الدفاع لدول التعاون الخليجي يستعرض مسارات العمل العسكري