4 سنوات عجاف للاقتصاد الليبي

18 فبراير 2015
أزمات معيشية متفاقمة يواجهها الليبيون (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


تفاقمت الأزمات المعيشية لليبيين خلال الأربع سنوات الماضية، على خلفية الاضطرابات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فهل كان يتخيل أن البلد الغني بالنفط يعاني العديد من مواطنيه الفقر؟ بل وينزح منهم أكثر من 400 ألف شخص من مناطقهم، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا نتيجة الصراعات المُسلحة في البلاد.

وتواجه ليبيا أزمة مالية خانقة، في ذكرى الثورة الرابعة التي حلت أمس، ويرجع ذلك إلى

استمرار الفوضى الأمنية، التي تسببت في خسائر فادحة لصناعة النفط المصدر الرئيسي للإيرادات في البلاد، حسب خبراء، ما زاد من الشكوك حول قدرة الدولة على توفير السيولة المطلوبة لتغطية الإنفاق خلال العام الحالي، وبالتالي تأجيل إعداد موازنة 2015 إلى أجل غير مسمى، ليتضرر معظم السكان من هذه الأزمة.

ويبلغ عدد سكان ليبيا ستة ملايين، منهم 2.5 مليون تحت سن الثامنة عشرة وثلاثة ملايين ما بين 24 و65 سنة، في حين بلغ عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة 1.25 مليون شخص.

وتفاقمت الأزمات المعيشية لليبيين في ظل الاضطرابات الأمنية، حيث أطلقت في هذا الإطار منظّمات تابعة للأمم المتحدة تقريراً سابقاً عن الوضع الإنساني في ست مدن ليبية، "طرابلس والعجيلات والزاوية وإجدابيا والمرج وسبها"، خلال شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2014، أوضحت فيه أنَّ غالبية النازحين داخلياً في هذه المدن يعانون نقص الدخل وارتفاع الأسعار، ورصد التقرير ارتفاع بعض الأسعار بنسبة 40% عن فترة ما قبل الصراع.

وتصدرت 224 ألف أسرة من ذوي الدخل المحدود، في ليبيا (المعروفة بالأسر المحرومة من الثروة)، قائمة أكبر المتضررين من تدهور الأوضاع الاقتصادية، بعد تعطل المنح المالية التي تقدم لها من صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي (الحكومي) المتعثر منذ ستة أشهر.

وقال عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس أحمد أبو لسين، لـ "العربي الجديد"، إنه خلال السنوات الأربع الماضية ساهمت الحكومات الانتقالية المُتعاقبة في زيادة الأزمات المعيشية، وشراهة الإنفاق المالي الذي أوصل البلاد إلى الكارثة دون توفير تنمية في البلاد.

وأضاف أن معظم الإنفاق استهلاكي، خصَّص لتوفير الدعم والرواتب، بينما الشق التنموي لم يصرف عليه سوى مبالغ قليلة.

وأشار إلى أن ليبيا قد تلجأ إلى صندوق النقد الدولي؛ من أجل تغطية نفقات الحكومة لأن الصراع أصبح على من يسيطر على آبار النفط.

وتوضح التقديرات الأولية أن مُعدل الانكماش في الاقتصاد الليبي خلال العام الجاري سيصل ما بين 25% إلى 30%، بحسب إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي.

وأكد التقرير السنوي لديوان المحاسبة الليبي، أن البلاد صرفت من الأموال المجنبة (جزء من الاحتياطي النقدي لأوقات الأزمات) خلال 3 سنوات، 11.35 مليار دينار (9.08 مليارات دولار)، وقال التقرير إن إجمالي الأموال المجنبة بلغ حتى نهاية العام الماضي 17.3 مليار دينار ليبي (5.9 مليارات يورو، و5.3 مليارات دولار).

وأوضح التقرير، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن المجنب البالغة قيمته

28.7 مليار دينار نهاية عام 2010، أنفقت الحكومة منه 3.35 مليارات دينار لتغطية عجز ميزانية 2011، و3 مليارات دينار لتغطية الميزانية الاستثنائية لعام 2012، و3.5 مليارات دينار لتغطية منح الأسر الليبية، بالإضافة إلى 1.5 مليار دينار، لتغطية منح عيد الأضحى في عام 2013.

وكشف التقرير عن عدم إضافة أي مبالغ لحساب الاحتياطي خلال السنوات الثلاث من عام 2011 إلى 2014.

وتقوم ليبيا باستقطاع الأموال المجنبة، من عائدات النفط، لاستخدامها في وقت الأزمات، لتعويض نقص العوائد الناتج عن انخفاض أسعار النفط.

ولم تقتصر الأزمة السياسية في ليبيا على وجود برلمانين وجيشين، لكن الأمور امتدت إلى مصرف ليبيا المركزي، الذي أصبح له محافظان أحدهما يتخذ من مدينة البيضاء القريبة من طبرق (مقر انعقاد البرلمان المعترف به دوليا) في شرق البلاد مقرا له، ومحافظ آخر يمارس عمله من مقر البنك في العاصمة الليبية طرابلس غربي البلاد.

وأكد مصرف ليبيا المركزي، أن مصروفات الدولة خلال العام الماضي 2014 بلغت 49 مليار دينار ليبي (36.5 مليار دولار)، فيما بلغت الإيرادات نحو 20.9 مليار دينار (15.5 مليار دولار) بعجز في الموازنة العامة بلغ نحو 25.1 مليار دينار (18.7 مليار دولار)، وذلك وفقا للحسابات الختامية للدولة.

ولم تقر ليبيا حتى الآن موازنة عام 2015، والتي توقع مسؤول بمصرف ليبيا المركزي أن يصل العجز فيها إلى 15.3 مليار دولار.

وكان رئيس لجنة التخطيط والمالية بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، محمد الضراط قال لـ "العربي الجديد" في وقت سابق، "إن ليبيا أنفقت 120 مليار دينار (96 مليار دولار) خلال عامين، منها 50 مليار دينار في عام 2012، و70 مليار دينار في عام 2013.

وعانى قطاع النفط من العديد من أزمات غلق مسلحين حقول النفط وموانئ تصديره أحيانا،

حيث يطالب المسلحون بأمور مالية وأخرى تستهدف لي ذراع الحكومة من أجل تحقيق أغراض سياسية تفيد أحد طرفي الصراع على السلطة.

وكشف وزير النفط والغاز في حكومة الإنقاذ الوطني، (التابعة للمؤتمر الوطني العام)، مشاء الله سعيد الزوي، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، عن خسائر فادحة للقطاع النفطي بلغت 60 مليار دولار خلال العامين الماضيين، منها 30 مليار دولار في الإيراد العام والباقي في التشغيل. وأرجع الخسائر الفادحة إلى الفوضى الأمنية والصراعات المسلحة التي أثرت سلباً على الحقول النفطية، بالإضافة إلى تراجع الأسعار عالمياً.

وحسب الخبراء فإن عمليات إغلاق الموانئ النفطية من عام 2013، وحتى يونيو/حزيران من عام 2014، ساهمت بشكل كبير في تدني الإيرادات النفطية.