قدمت نحو 130 دولة توصيات وملاحظات على ملف مصر الحقوقي خلال الجلسة 34 للاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة، في المدينة السويسرية جنيف، اليوم الأربعاء، وتجاوز عدد التوصيات والملاحظات 360 ملاحظة، مقارنة بنحو 300 ملاحظة وتوصية في الاستعراض السابق عام 2014.
ومن بين أبرز التوصيات ضرورة تصديق مصر على نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، والعمل على التعليق الفوري لعقوبة الإعدام من أجل إلغائها، وضمان حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان، وحماية الصحافيين، واستبعاد كل الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية، وإعادة تعريف الإرهاب، فضلاً عن العمل على الحد من الفقر، وضمان الوصول لمياه الشرب النظيفة والصرف الصحي، وضمان حقوق الأطفال والمرأة، ودعم حصول الشباب على العمل، والحد من انتشار البطالة.
وخلال الجلسة، دعت أوغندا، مصر، إلى اتخاذ تدابير لوقف التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز، كما دعت إسبانيا إلى احترام حرية التعبير والتظاهر وإنشاء الجمعيات، والتصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب، فيما دعت سويسرا إلى وقف الحبس الاحتياطي، وضمان الوصول إلى المحامين، وضمان المحاكمات العادلة، واقتصار المحاكمات العسكرية على العسكريين، كما دعت النرويج إلى مكافحة التعذيب، وإلغاء عقوبة الإعدام، وضمان إحالة الأطفال إلى محاكم الأحداث.
وترأس وزير شؤون البرلمان المصري، عمر مروان، الوفد المصري الذي ضم السفير علاء يوسف، رئيس البعثة المصرية لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مندوبين عن وزارات الخارجية والعدل والداخلية.
وتلتزم مصر بالمثول للمراجعة الدورية كل خمس سنوات، كجزء من الآلية الدورية الشاملة لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في العالم، والتي تتيح لحكومة كل دولة تقديم تقرير رسمي عمّا تم في الملف الحقوقي لديها، بغرض عرض سجلات حقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لمحاولة تحسين الأوضاع الحقوقية في الدول الأعضاء.
وجاءت المراجعة الدورية للملف المصري هذا العام بعد أسابيع من حملة اعتقالات أمنية واسعة تجاوز عدد المحتجزين فيها 4 آلاف مواطن، وأخلي سبيل المئات منهم، بينما يستمر احتجاز المئات بينهم قيادات حزبية وسياسية وحقوقية وأكاديميون وصحافيون.
ولا يزال نحو 30 من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر ممنوعين من السفر بموجب قرارات من قاضي التحقيقات في "قضية تمويل المجتمع المدني"، ومن بينهم العديد من قادة منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة.
واستعرض الاجتماع تقريراً للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، اعتمد على تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية، ويُتاح للدول المشاركة توجيه أسئلة أو تعليقات أو توصيات لأي دولة تخضع للمراجعة الدورية.
كسر الصمت الدولي
وقال مركز القاهرة لحقوق الإنسان إن "توصيات تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر تأتي في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المصرية حملتها القمعية ضد كافة أشكال المعارضة، بما في ذلك الهجمات واسعة النطاق ضد المعارضين السياسيين السلميين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني المستقلة".
وقال مدير برنامج مصر بالمركز الحقوقي، محمد زارع: "ظل المجتمع الدولي لفترة طويلة في حالة صمت بينما تقتل الحكومة المصرية وتخطف وتسجن وتعذب معارضيها، واليوم كان بداية كسر هذا الصمت".
وبدأت فعاليات جلسة اليوم بعرض الحكومة المصرية تقريرها حول جهودها على مدى أربع سنوات في مجال حقوق الإنسان، والذي زعمت فيه احترام الدستور والمعاهدات الدولية في مجال حماية الحقوق والحريات وحرمة الحياة الخاصة، والحق في المعاملة الإنسانية، متجاهلاً الرد على عشرات التقارير الأممية والحقوقية وقرارات البرلمان الأوروبي التي تؤكد تفشي الإخفاء القسري، ونزع الاعترافات تحت وطأة التعذيب، وظروف الاحتجاز الوحشية التي تهدد حياة السجناء السياسيين.
واحتفى تقرير الحكومة المصرية بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للانتخابات الرئاسية، وإدارة الاستفتاءات، وكذا تأسيس عدد من الهيئات المنظمة للعمل الإعلامي، ولكنها تجاهلت دور هذه الهيئات في خلق مناخ قمعي مروع قبل الانتخابات الرئاسية، وأسفرت عن التأميم الكامل لوسائل الإعلام المصرية، وسيطرة الأجهزة الأمنية عليها، وحجب أكثر من 500 موقع إلكتروني، بالإضافة إلى الاعتداءات المتتالية على الصحافيين، والزج ببعضهم في السجون بحجة نشر أخبار كاذبة لمجرد أنها تختلف مع بيانات الدولة وخطابها الرسمي.
كذلك دعت المنظمة الدول إلى استخدام جلسة الاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر لمطالبة السلطات بفتح تحقيق في الاستخدام المتفشي للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن، فضلاً عن ظروف الاحتجاز المزرية، وإلى إنهاء استخدامها القمعي لحظر السفر التعسفي والمضايقة القضائية لمعاقبة نشطاء حقوق الإنسان.
ولفتت منظمة العفو الدولية إلى أنها نشرت في يونيو/ حزيران الماضي تقريراً حول سجل حقوق الإنسان في مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، وثق القيود الشديدة التي فرضتها السلطات على حرية التعبير والتجمع، والاستخدام الواسع النطاق للاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والمحاكمات الجائرة، وظروف الاحتجاز المزرية، وأكدت أنه بعد نشر التقرير تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر بشكل أكبر مع الموجة الأخيرة من الاعتقالات الجماعية في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول الماضيين.