لم تغيّر الحملات الترويجية التي تقوم بها وزارة السياحة السورية من حقيقة المشهد القاتم الذي اكتسى به القطاع، بعد خمس سنوات من الحرب، وخابت تصريحات نظام الأسد حول أرباح المنشآت السياحية حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي التي قيل إنها بلغت 600 مليون ليرة سورية، أو ما يتعلق بدخول 80 منشأة سياحية جديدة العمل هذا العام.
وقد كشف، عبد الباري الشعيري، نائب رئيس اتحاد غرف السياحة أن القطاع السياحي ما زال مشلولاً وبلغت نسبة المنشآت المتضررة في ريف دمشق نحو 90%، بسبب تعرض العديد من المنشآت السياحية إلى التدمير والسرقة والتخريب، ما أدى إلى توقف القطاع السياحي عن العمل في بعض مناطق الريف، مع بقاء غرفة السياحة مفتوحة ومستمرة طوال سنوات الحرب.
وكشف الشعيري خلال تصريحات صحافية اليوم الأربعاء، أن الاتحاد لا يملك وارداً مالياً يساعد من خلاله أصحاب المنشآت المتضررة، كما يعاني اتحاد غرف السياحة بسورية من اقتصار اللجنة القائمة بالتعويض على أضرار البنى التحتية للمنشآت السياحية فقط من دون الأخذ بالحسبان محتويات المنشآت من ديكورات ومعدات وتجهيزات تعد التكلفة الأساسية لأي منشأة سياحية حيث تم تخريبها وسرقتها وبقيت خارج إطار التعويض.
وتشير أرقام وزارة السياحة إلى أن خسائر القطاع السياحي ما يقارب 330 مليار ليرة سورية وتم خروج 1200 منشأة سياحية عن العمل، في الوقت الذي تساهم فيه السياحة بـ14% من مجمل العائدات الاقتصادية للبلد، فضلاً عن خسائر الآثار والتراث الإنساني نتيجة تدمير المواقع المسجلة على لوائح التراث العالمي، مثل "إيبلا وحلب وتدمر".
ويقول المهندس محمد قاسم إن حرب النظام السوري أتت على القطاع السياحي برمته، وخاصة بمحافظة ريف دمشق التي تقارب مساحتها لبنان وتزيد المنشآت السياحية فيها عن المنشآت اللبنانية، وتراجع السياح وحتى العابرين إلى الصفر "عدا بعض الوفود الدينية التي تأتي على هيئات سياحية من إيران والعراق ولبنان ومعظمها لأهداف سياسية وعسكرية وليست بغرض السياحة".
ويضيف قاسم الذي كان يعمل بوزارة السياحة: تراجعت العائدات من 17 مليار ليرة والمساهمة بالناتج الإجمالي بنحو 14% عام 2011 وزاد ما حققته في ميزان المدفوعات عن 134 مليار ليرة وساهمت بنحو 35% من صادرات السلع و78% من صادرات الخدمات، إلى الحدود الصفرية اليوم، إلا من بعض "الأرقام الوهمية" التي تطرحها وزارة السياحة السورية، بعد أن حولت بعض الفنادق "لسكن آمن" بأسعار تشجيعية لأتباع النظام السوري الهاربين من حمى القصف وحمم الطائرات، أو التي تسكنها الوفود الأممية خلال مساعيها للحلول السياسية.
ويشير قاسم لـ"العربي الجديد" إلى "إن اعتمدنا الأرقام الرسمية فنحن أمام خروج أكثر من 371 منشأة فندقية سياحية من الخدمة، فضلاً عن 400 مطعم، ما يزيد الخسائر الإجمالية عن 30 مليار دولار وليس كما تقول أرقام وزارة السياحة، هذا عدا خسائر المواقع والآثار التي تهدمت أو سرقت، والتي ما زالت خارج الإحصاء لعدم قدرة الباحثين على الوصول إليها".
ويلفت المتحدث نفسه إلى دور تهديم السياحة في رفع نسبة البطالة التي تزيد عن 80% في سورية اليوم، لأن قطاع السياحة السورية كان يشغّل أكثر من 260 ألف عامل، منهم نحو 90 ألف عامل في الفنادق والمطاعم ومكاتب السياحة، وأكثر من 170 ألف عامل في الشركات والقطاعات التابعة للسياحة.
وأتت خسائر قطاع السياحة ثالثاً بعد خسائر النفط والصناعة، فحسب بيانات وزارة السياحة السورية، بلغت الخسائر نحو 330 مليار ليرة، منها أضرار مباشرة بقيمة 165 مليار ليرة وتشمل أضرار أصحاب الفنادق والمطاعم ومكاتب السياحة والسفر وأضراراً غير مباشرة بقيمة 135 مليار ليرة، وذلك منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011.