3 قصص تفك طلاسم الأرقام

13 اغسطس 2015
معدل الفقر في مصر يتجاوز 40% (أرشيف/Getty)
+ الخط -
1
تطاردها آلام الولادة فيهرع بها زوجها وأهلها إلى المستشفى الحكومي لضيق ذات اليد، انتظاراً لسيناريو مبهج ومكرر يشاهدونه في التلفاز، حيث تدخل الأم غرفة الولادة ثم يخرج الطبيب بعد فترة ليلقي عليهم النبأ اليقين، فيطلق الجميع الزغاريد، ابتهاجاً بقدوم المولود الجديد للحياة.. ولكن ما حدث كان مفاجئاً للجميع حيث رفضت إدارة المستشفى دخول الأم لعدم وجود مكان لها، رغم أنها كانت على وشك الولادة.. ولم يجد الحاضرون إلا العودة إلى الطريقة البدائية وفي عرض الطريق وتحت البطانية، أنهوا آلام الأم التي ولدت في الشارع وأمام الجماهير الغفيرة.
2
تخرّج الشاب المتحمس بتفوق من كليته الجامعية المرموقة (الهندسة)، فذهب إلى الشركات ووزارة القوى العاملة لكي يتقدم لوظيفة تناسب مؤهله، حيث إن لديه رغبة جامحة في أن يفيد وطنه في تخصصه النادر. وظل يتجول من شركة إلى أخرى ومن مكتب إلى آخر، بحثاً عن فرصة عمل، إلا أن أحداً لم يهتم بحاله، فهناك 3.6 ملايين عاطل، معظمهم من خريجي الجامعات مثله، حيث بلغت نسبة البطالة 13%، حسب الإحصائيات الرسمية.
فذهب الشاب لكي ينفّذ نصيحة صديقه ويشتري توك توك بالتقسيط يجوب به الشوارع الجانبية ليتحصّل على ما تيسر له من الرزق.
3
كل يوم أثناء عودته إلى أسرته يستعرض أمام عينيه العديد من المشاهد القاسية، التي تنتظره بعد عمل شاق طوال النهار.. فالأبناء يريدون مصاريف المدارس والملابس والمعيشة، وأمه المريضة تحتاج إلى دواء غالي الثمن، والدائنون الذين لجأ إليهم لضعف مرتبه في الوقت الذي اشتعلت فيه أسعار كل شيء، لا يعرف ماذا سيقول لهم؟
وفي ذات يوم، وبعد أن فشلت كل محاولاته في إيجاد مخرج من أزمته، قرر أن يهرب، ولكن على طريقته الخاصة حتى تكون نهاية قصته القصيرة جداً في الحياة والموجعة، رسالة إلى كل من ظلمه، في وطن لم يجد فيه من يحنو عليه.
ذهب إلى شارع رئيسي في وطنه الذي ضاق به، وصعد إلى أعلى لوحة إعلانات ليعلن نهاية حياته بإرادته بحبل لفه حول رقبته الممشوقة، ليشنق به كل آلامه وأحزانه للمرة الأخيرة، لعله يرتاح بعد سنوات القهر والفقر والتعب.
ثلاث قصص قصيرة مختلفة من الواقع، ونهاية واحدة على ناصية الشارع، في بلد وصلت فيه نسبة الفقر إلى أكثر من 40%، حسب إحصائيات دولية. ثلاث قصص تعكس لنا حقيقة أرقام الحكومة الصماء.. تفاصيل كثيرة مؤلمة وموجعة وقاتلة لا تستطيع إحصائيات الاقتصاد أن تعكسها.

اقرأ أيضا: لا نمو تحت حكم العسكر
المساهمون