ويبدو أن ضحايا التحرش الجنسي والمضايقات من الفتيات والنساء، في دول العالم قاطبة، الغنية والفقيرة، لا يتجرأن على الحديث والاعتراف والشكوى. وكان إعلان الأمم المتحدة اليوم السبت، لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، بأن امرأة من كل ثلاث نساء يتعرضن للعنف بمختلف أشكاله، دليل على السكوت.
وإن كانت الحملة العالمية "أنا أيضاً" #MeToo التي كشفت النقاب عن أعداد هائلة من اعترافات وقصص نشرتها النساء عن تجاربهن مع التحرش والاغتصاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي في العالمين الغربي والعربي، دليل آخر على الحاجة للكلام عن الاعتداء، وفضح المعتدي، إلا أن تشجيع الساكتات على الإفصاح عمّا يعتبرنه "سرّا" وفضحه، يحتاج إلى ما هو أكثر من الكلام، وسن قوانين لا تجد من يطبقها.
تساؤلات كثيرة تطرح جراء ظاهرة التحرش الجنسي، منها المتعلق بسبل الوقاية من التحرش الجنسي والمضايقات، إذا كانت ممكنة. وسأل "العربي الجديد" مديرة برنامج الدار الآمن للنساء والفتيات الناجيات من العنف في مؤسسة "أبعاد"، جيهان إسعيد، عن طرق تقي الفتاة أو المرأة من التحرش، فأشارت إلى 3 طرق للوقاية تبدأ منذ الصغر، وأوردتها كالتالي:
1- التربية على التواصل والإخبار
التربية منذ الصغر على الثقة والحوار والتواصل الإيجابي تعتبر جميعها جزءاً من الوقاية. لا بد من تعريفهم بالفرق بين اللمس الآمن وغير الآمن، وزرع الثقة بالصغار والحوار الدائم معهم وتبادل الأفكار والأخبار، كي يلجؤوا للأهل عند تعرضهم لأية مضايقة أو تحرش أو لمس غير آمن.
بعض الأطفال يتجرأون أحياناً على إخبار أهلهم عن مشاكل تعرضوا لها، ومنها حوادث ذات طابع جنسي، فيسارع الأهل لإلقاء اللوم عليهم، ومحاسبتهم، وتحميلهم مسؤولية ما حصل بدل دعمهم والوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم على تخطي المشكلة. هذه التربية غير الإيجابية وغير الداعمة للأطفال تتركهم وسط مشاعر الذنب، وعدم الثقة، عندها يترددون أو يمتنعون عن مصارحة أهلهم وإخبارهم بأية مشكلة يمكن أن تواجههم لاحقا.
لا بد من تشجيع الفتيات والأبناء على الكلام والإخبار، فالفتيات والفتيان معرضون بكل الأعمار لعيش مخاطر وتجارب قد تكون مؤلمة وعنيفة. ومن ردود الفعل التي يجب للأهل اتباعها هي الاستيعاب والتقبل والدعم والبحث عن حلول للمشكلة.
2- التربية الجنسية
التربية الجنسية تساعد الصغار والمراهقين على معرفة أجسادهم، والتغيرات التي يختبرونها، وبالتالي يدركون أن أية خطوة غير آمنة تجاههم أو أية ملامسة غريبة، تشعرهم بعدم الراحة وبأن خطأ ما يحصل، وهكذا يواجهون المعتدي أو المتحرش، لمعرفتهم بأن الآخر تخطى الحدود.
3-خطة الحماية الشخصية
يمكن للفتيات الكبيرات وحتى الراشدات منهن أن يتبعن خطة تحميهن من التحرش والتعديات على اختلافها. فمن المهم أن تدرك الفتاة كيف تستخدم وسائل النقل العام على سبيل المثال، وكيف تحمي نفسها. وأن تدرك مثلا كيف تتصرف وتتنبه عند وجودها وحدها مع شخص لا ترتاح لوجوده في الجامعة أو المدرسة أو أي في أية مناسبة أو نشاط، وعدم بقائها في أجواء لا تشعرها بالأمان.
الخطة تلك إن كانت شخصية أو بمساعدة الأهل ومعرفتهم، تمكنها من اختيار الأصدقاء المناسبين، والأجواء الاجتماعية والبيئة المحيطة الآمنة.
لكن الدعم يتخطى الأهل والمدرسة
تشير إسعيد إلى دور المجتمع المدني والمؤسسي الذي عليه أن يقف إلى جانب الأهل والمدرسة في توفير الرعاية للأطفال والمراهقين، خصوصاً الفتيات.
وترى أنه إلى جانب مسؤوليات الجمعيات المعنية بالتوعية والحماية، هناك دور مهم للمخاتير والبلديات والأحياء التي تقع عليهم جميعاً مسؤولية مراقبة الأجواء الاجتماعية في الأماكن العامة والأحياء والشوارع لكي تكون آمنة لسكانها وتحديداً للفتيات.
وتلفت إلى أهمية التربية المدنية من خلال النشاطات الثقافية عبر المؤسسات والنوادي، التي يمكنها أن تتدخل في حال وجدت تقصيراً من المدارس أو عدم معرفة لدى الأهل في كيفية التوجيه والاحتضان.