3 سيناريوهات لـ"المرحلة الجديدة" لحرب "التحالف" والإمارات في اليمن

31 يوليو 2017
في إحدى قرى الحديدة (عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -
تثير تصريحات قائد قوات "التحالف العربي" في مدينة عدن، الإماراتي أحمد أبوماجد، عن مرحلة جديدة من العمليات العسكرية في هذا البلد، العديد من التساؤلات حول طبيعة المرحلة التي تحدث عنها القائد الإماراتي، وما إذا كانت استمراراً للمراحل السابقة من حرب "التحالف" ضد مسلحي "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح؟ أم أنها ستكون ذات طبيعة مختلفة على صعيد الترتيبات الجارية لتعزيز الانفصال والتقسيم في جنوب البلاد، بعدما وثّقت أبوظبي أقدامها على أهم المواقع والمناطق الاستراتيجية اليمنية؟

وشهد اليمن في الأيام الأخيرة، تجدد التصعيد العسكري. وأكدت مصادر قريبة من الحوثيين وأخرى تابعة للشرعية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف" نفذ عدداً كبيراً من الضربات الجوية تركزت أغلبها في محافظتي حجة وصعدة الحدوديتين مع السعودية بالإضافة إلى محافظتي صنعاء وعمران. وفي المقابل، صعّد الحوثيون هجماتهم في المناطق الحدودية عقب إطلاق عدد من الصواريخ البالستية، قالت مصادرهم إنها استهدفت قاعدة الملك بن عبدالعزيز الجوية، في السعودية.

وجاء التصعيد العسكري بالتزامن مع تصريحات العميد الإماراتي أحمد أبوماجد، الذي أكد أن سيطرة قوات "التحالف" والقوات اليمنية المتحالفة مع الإمارات، على معسكر "خالد بن الوليد"، غرب محافظة تعز، والذي يعد من أهم المعسكرات الاستراتيجية في الساحل الغربي لليمن، يمثل "بدايةً لتحول في العمليات العسكرية". وكان الحوثيون قد نفوا سقوط المعسكر بيد "التحالف" والشرعية. على أية حال، يحمل تصريح القيادي الإماراتي العديد من الدلالات، ويعكس الأهمية الاستثنائية للمعسكر وموقعه في خارطة معركة الجزء الجنوبي من الساحل الغربي، والذي تقود فيه الإمارات عملية عسكرية منذ مطلع العام الحالي. ومما يرفع من أهمية التصريح، كونه جاء خلال لقاء جمع قادة "التحالف" (الإماراتي، والسعودي، والسوداني، والبحريني)، مع رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، يوم الجمعة، في لقاءٍ كانت مناسبته الواضحة هي الاحتفاء بالتقدم الذي حققته قوات "التحالف"، لا سيما القوات الإماراتية واليمنية المتحالفة معها في معسكر "خالد". وخلال اللقاء، أطلق بن دغر تصريحاً يتحدث عن تحول يمني قريب، قائلاً "أصبحنا بين قوسين أو أدنى من تحول استراتيجي يفرض الإرادة الوطنية ويلزم المليشيات على قبول المرجعيات الأساسية للحل في اليمن".


وفي السياق نفسه، تتباين القراءات اليمنية للتحول الذي بدأ يظهر عملياً بتعزيز سيطرة القوات الإماراتية وحلفائها في مناطق باب المندب ومحيطها من الساحل اليمني. ووفقاً للتوجه المعلن، تعتبر محافظة الحديدة الحيوية (وسط الساحل الغربي)، هي الهدف المقبل لتحركات "التحالف العربي" وقوات الشرعية. وتشير العديد من التطورات نحوها، بما في ذلك البيان الذي أصدره "التحالف" عقب إطلاق الحوثيين صواريخ باتجاه السعودية الخميس الماضي، وتوجيهه أصابع الاتهام إلى ميناء الحديدة بأنه المنفذ الذي تصل عبره الصواريخ المهربة إلى الحوثيين، وفقاً لاتهامات الرياض وأبوظبي.

ويرى خبير عسكري يمني طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أنه ومع الأهمية الاستراتيجية لـ"معسكر خالد"، إلا أن أهم ما يمكن قوله حول هذا التطور، إنه يجعل "التحالف" في موقف عسكري أفضل، بالنسبة للمناطق التي سيطر عليها إلى جانب قوات يمنية محسوبة على الشرعية ومعروفة بالولاء للإمارات، في المخا وذوباب القريبتين من باب المندب، وفي الساحل الغربي لليمن بشكل عام. ويرجح بالتالي "أن يستثمر التحالف العربي التقدم الأخير للحفاظ على ما تحقق له خلال الأشهر الماضية، ولمواصلة الضغط السياسي في ملف الحديدة، والضغط العسكري في ما تبقى من جبهات المواجهات، قبل أي تحرك عسكري نحو مناطق جديدة".

ويبرز سيناريو آخر، يتمثل بالرأي القائل إن معركة السواحل الغربية في تعز بوصفها الأهم استراتيجياً بالنسبة لليمن، كانت بالنسبة لـ"التحالف" والإمارات "آخر المعارك" الميدانية على الأقل، والضرورية قبل وضع اللمسات الأخيرة لمسار تقسيم في اليمن، بعدما اتبعت أبوظبي خلال العامين الماضيين، سياسة تؤدي إلى جنوب يمني منفصل عسكرياً وسياسياً واقتصادياً عن الشمال.

ووفقاً للتصور الأخير، فإن التحولات المقبلة قد لا تكون عمليات عسكرية بالضرورة، بقدر ما قد تكون مرحلة سياسية يتكرس فيها الانفصال أو التقسيم عموماً، بموازاة دعم تسوية أو إجراءات سياسية ترسخ الأمر الواقع الذي باتت تعيشه البلاد. هكذا، يستمر الوضع في اليمن منقسماً بين حكومتين ومصرفين مركزيين، وعاصمتين، صنعاء وعدن، وغير ذلك من مظاهر الانقسام، التي تترسخ أكثر فأكثر. وهناك حديث عن سيناريو يمني ثالث، يتمثل في بقاء الوضع على ما هو عليه، أي استمرار الحرب شمالاً، وترتيب أوضاع الجنوب اليمني سياسياً ومؤسساتياً وعسكرياً، تحت غطاء الشرعية.

في المحصلة، بات من الواضح وفقاً للتطورات الأخيرة، أن "التحالف العربي"، وعلى الرغم من التقدم العسكري الذي يحققه، يخسر مزيداً من ثقة الأطراف اليمنية المتحالفة معه، بعدما ظهرت سياسات لـ"التحالف" وللإمارات تحديداً، جعلت بعض اليمنيين المعارضين للحوثيين، ينظرون إلى سيطرة "التحالف" وأبوظبي جنوباً، بوصفها احتلالاً، يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة، وليس الأهداف المعلنة بـ"دعم الشرعية". وكل ذلك، يجعل الوضع اليمني مفتوحاً على كل الاحتمالات، بما فيها استمرار الحرب كما هي عليه منذ أكثر من عامين.