3 أرقام صادمة للاقتصاد المصري

14 أكتوبر 2015
المواطن المصري يعيش أزمات متلاحقة (الأناضول)
+ الخط -


بكل تأكيد، مصر لن تفلس، ولن يتكرر نموذج اليونان في القاهرة، لأسباب كثيرة سردتها في مقالات سابقة.

ومن المؤكد أن الاقتصاد المصري لن ينهار، كما يردد البعض، لأسباب يطول شرحها، في مقدمتها امتلاك البلاد فرصاً استثمارية واعدة، وتنوعاً في النشاط، من صادرات وصناعة وسياحة وتحويلات وقناة السويس وأيد عاملة رخيصة وسهولة الوصول إلى الأسواق الدولية، إضافة إلي قوة الاقتصاد غير الرسمي في مواجهة الاقتصاد الرسمي، وتوافر السيولة المالية لدى المواطنين وليس لدى الحكومة.

ومن المؤكد أن دول الخليج لن تسمح بانهيار الاقتصاد المصري، أو تهاوي قيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الرئيسية، لسبب رئيسي هو الحفاظ على استثماراتها داخل مصر، والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات.

كما أن سقوط مصر، لا قدر الله، يعني انهيار المنطقة بالكامل ودخولها في اضطرابات قد تمتد لسنوات، وهو ما قد يؤثر سلباً على كل دول المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

لكن ورغم هذه الاعتبارات، إلا أنه من الأمور التي لا تخطئها عين محلل محايد "غير مؤدلج" أو متعصب، أن الاقتصاد المصري يعاني بشدة خلال الفترة الأخيرة، بل وينزف كما لم ينزف من قبل، وأن القادم سيكون أسوأ وليس أفضل كما يتوقع البعض، وأن مسلسل ارتفاع الأسعار سيتواصل، وأن فواتير الكهرباء والمياه وأسعار أنبوبة الغاز والبنزين والسولار سترتفع مرات وليس مرة واحدة، وأن فرص العمل المتاحة أمام الشباب ستتآكل.

الاقتصاد المصري يمر بمرحلة دقيقة وحرجة جداً، ربما لم يمر بها منذ سنوات طويلة خاصة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي التي كانت فيها الحكومة تلجأ لتجار العملة والسوق السوداء للحصول منهم على نقد أجنبي لشراء القمح من الخارج، وحلت شركات توظيف الأموال بدلاً من البنوك في إدارة مدخرات المجتمع، وبلغت الديون الخارجية للبلاد 52 مليار دولار، وارتفعت الضرائب لمعدلات غير مسبوقة.

لن أدخل في تفاصيل تتعلق بالأوضاع المالية العامة المتردية للبلاد، وتفاقم أزمة الدين المحلي، وزيادة عجز الموازنة، وارتفاع الأسعار لمعدلات قياسية، والمعاناة الحياتية التي يعاني منها المواطن، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وإغلاق مئات المصانع، وتشريد نحو 3 ملايين من العاملين بقطاع السياحة، وإفلاس شركات تجارية وصناعية كبرى وخروجها من السوق.

ولن أتحدث عن مشروعات وهمية تم من خلالها تخدير المصريين لشهور أمثال العاصمة الإدارية الجديدة، والمليون وحدة سكنية، ومليارات المؤتمر الاقتصادي، وتفريعة قناة السويس وغيرها التي لا يزال البعض يصدقها.

اقرأ أيضاً: تراجع إيرادات قناة السويس 9% في أغسطس رغم التوسعة

فكل ذلك معلوم، لكن سأدلل على ما أقول بثلاثة أرقام صدرت، خلال اليومين الماضيين، عن مؤسسات رسمية في الدولة، وتشير إلى أن مصر تعاني أزمة اقتصادية حقيقية، وتراجعاً ملحوظاً في الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي، وهو ما قد يؤثر على قدرة البلاد على سداد ديونها مستقبلاً، أو قدرتها على خفض مستوى أسعار السلع والخدمات كما وعدت الحكومة، أو على الأقل الحفاظ على المعدلات الحالية للأسعار والحيلولة دون ارتفاعها والحفاظ على جنيه قوي في مقابل الدولار والعملات الرئيسية.

الرقم الأول، هو إعلان البنك المركزي المصري عن أن إجمالي الدين الخارجي للبلاد ارتفع إلى 48.062 مليار دولار بنهاية شهر يونيو/حزيران الماضي مقابل 46.067 مليار في السنة المالية 2013-2014، والملفت أن هذه الزيادة تأتي رغم حديث الحكومة المستمر عن تراجع الدين الخارجي لمصر، وسداد مستحقات لشركات النفط والغاز العالمية بقيمة تصل لنحو 5 مليارات دولار، اضافة لسداد 7 مليارات دولار مستحقات لدول دائنة.

الحكومة تقترض من الخارج لتسدد للخارج، وهي حيلة العاجز عن إيجاد حل حقيقي لمشكلة زيادة الدين الخارجي، وتزعم بعد ذلك أن الدين الخارجي يتراجع رغم أن أرقام البنك المركزي تقول عكس ذلك.

الرقم الثاني، هو تراجع إيرادات قناة السويس خلال شهر أغسطس/آب الماضي إلى 462.1 مليون دولار بتراجع 9% عن نفس الشهر من العام الماضي والذي بلغت الإيرادات فيه 510 ملايين دولار، مع الإشارة هنا إلى أن التراجع جاء في الشهر الذي تم فيه إطلاق التوسعة الجديدة للقناة، كما أن التراجع جاء أيضاً بعد ثلاثة أشهر من حجب الحكومة أرقام الملاحة والإحصائيات الرسمية الخاصة بإيرادات قناة السويس.

الرقم الثالث يتعلق بالصادرات، أكبر مصدر للنقد الأجنبي للبلاد، إذ أعلنت وزارة التجارة والصناعة انخفاض الصادرات غير البترولية في أول تسعة أشهر من العام الجاري 2015 بنسبة 19.3%، كما أعلنت الشهر الماضي أن إيرادات الصادرات بلغت نحو 12 مليار دولار في الثمانية شهور الأولى من العام الجاري وبما يعادل 45% فقط من مستهدف الحكومة البالغ 28 مليار دولار للعام الحالي 2015.

لنضع الأرقام الثلاثة السابقة جنباً إلى جنب لنعرف مدى الحالة الصعبة التي يعيشها الاقتصاد المصري، وضرورة التحرك سريعاً للبحث عن حلول واقعية بدلاً من التغني بشعارات من عينة "مصر بتفرح" و"المؤتمر نجح".


اقرأ أيضاً: احتياطي مصر الأجنبي يتآكل ومخاوف على الجنيه

المساهمون