3 آلاف تونسي يقاتلون في "بؤر التوتر"

21 ابريل 2017
اكتفى المجدوب بتقديم معطيات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
استبق وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب، خلال الاستماع إليه لدى لجنة التحقيق في تسفير الشباب إلى بؤر القتال اليوم، محاولات النواب من الكتل المختلفة الزج به في النزاع السياسي بينهم وتحميل طرف سياسي (حزب النهضة) المسؤولية السياسية، أو غيرها، في تسهيل عمل شبكات التسفير، مكتفيا بالحديث عن الجانب التقني، وأكد وجود نحو 3 آلاف تونسي في "بؤر التوتر".


وخلافا لما دأب عليه سابقوه، لم يقدم المجدوب توقعات واستنتاجات وإنما معطيات، وفق ما شدد عليه، جميعها تستند إلى ما تم الحصول عليه من خلال عمليات التحري والاستنطاق للمتورطين.

وقال مجدوب إن "الشبكات غير ملموسة وقد لا يكون وجودها المادي في تونس، وإنما تنظم شبكة تنقلات من دولة إلى أخرى إلى حين الوصول إلى نقطة النهاية، أي بؤرة القتال، ويتم ذلك في مرحلة أولى بالاستقطاب عن طريق الأئمة أو وسائل التواصل الاجتماعي إلى حين ترتيب السفر، فيما كشفت التحريات عن أن عملية الاستقطاب قد تتم بطريقة ثنائية عبر شخص سبق أن سافر إلى مناطق القتال، أو بصفة فردية يقرر الشاب التوجه إلى هناك".

وكشف وزير الداخلية عن أن "شبكات التسفير تتبع القاعدة وتنظيم داعش وجماعة أنصار الشريعة، التي ضلعت في العديد من الشبكات في الداخل التونسي"، مبينا أن عملية التسفير لا تتم عبر المعابر الرسمية (مطارات أو معابر حدودية) وإنما بالتسلل خارج التراب التونسي، وقد يتم استخدام جوازات سفر مزورة وهي عامة ليست وثائق تونسية، نظرا لصعوبة تدليسها وإن تم ذلك يتم كشفها بسهولة عند العبور، وإنما في الغالب هي جوازات أجنبية وبعضها ليبية تكون أحيانا مكتوبة بخط اليد.

وأفاد أن التوجه إلى تركيا يتم عن طريق ليبيا أو المغرب أو صربيا، لأنها لا تتطلب تأشيرات أو حتى عن طريق فرنسا، ويتم التسلل من تركيا وهو ما يبرر صعوبة الحصول على دليل قاطع حول تواجد الشخص في بؤرة التوتر لأن الجواز يثبت توقفه في تركيا.

بيد أن التعاون مع دول عربية وأخرى صديقة، من بينها تركيا وفرنسا، وفّر كمّاً مهمّاً من المعطيات قدرت وجود 3000 تونسي في بؤر التوتر، و800 عائد تم إيداع 190 منهم السجون بعد توفر الأدلة القاطعة حول ضلوعهم في أعمال إرهابية.

وترك المجدوب مهمة الإجابة عن الجانب السياسي، بطريقة غير مباشرة، لمدير إدارة الحدود والأجانب الحالي، والذي شغل ذات المنصب سنة 2012، أي خلال تولي النهضة للحكم في البلاد في إطار ما يعرف بالترويكا ووجهت لها تهم حول الضلوع في تسهيل عملية سفر الشباب التونسي لبؤر التوتر والتغافل المقصود عن شبكات التسفير، التي نشطت بحدة في تلك الفترة، فيما لاحقت أيضا تهم ذات المدير باختراق الوزارة والتواطؤ مع الإرهاب في سياق ما عرف بـ"الأمن الموازي".


ودحض مدير الإدارة، لطفي الصغير، التهم المنسوبة إلى الوزارة آنذاك بالتخاذل في الملف، وقال إنه عند توليه المنصب منذ سنة 2012، تواترت المعلومات حول سفر تونسيين إلى بؤر الإرهاب لتنطلق الإدارة في دراسة هذه الحالات والتصدي لها، بإعلام جميع الوحدات الحدودية وتركيز خلايا مختصة بها لها سلطة تقديرية لتقرير السفر من عدمه، مذكرا بأن تلك السنة تميزت بتوتر أمني وحالة انفلات، وجل من تقدموا للحصول على جوازات سفر للتنقل إلى ليبيا أو سورية هم شباب غير معروفين على مستوى السلط الأمنية المختصة، واستعمل بعضهم وجهات غير مباشرة للوصول إلى تركيا والتسلل منها إلى سورية من بينها الجزائر والمغرب وصربيا وحتى دول أوروبية. 

غير أن هذه العملية سمحت بتكوين خزينة معلومات حول الأشخاص المتقدمين للسفر أو الممنوعين منه، بينت التحريات في ما بعد أن نسبة هامة منهم كانوا على علاقة بمجموعات إرهابية، وتم منع 8000 شخص من السفر يمثلون ثلث العدد الجملي للممنوعين من السفر من 2012 إلى 2017.

وأبرز الصغير أن القيادة الأمنية آنذاك دعمت القرار وشجعت إدارة الحدود والأجانب على اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للحيلولة دون سفر الشباب إلى أماكن النزاع المسلح في سورية أو ليبيا.

وبدت هذه الإجابات غير مرضية لشق واسع من النواب، الذين أكدوا أن هناك أبحاثاً فتحت في تلك الفترة والسنة الموالية لها حول تواطؤ أمنيين في عمليات التسفير، ومشاركتهم في حماية هذه الشبكات بتقديم معطيات أمنية لها، وطالبوا الوزارة بإحالة نسخة من تلك الأبحاث إلى اللجنة للنظر فيها، فيما أشارت رئيسة اللجنة، ليلى الشتاوي، إلى مسألة الجمعيات القرآنية التي "توفر الغطاء لعمل هذه الشبكات وتمثل قاطرة تربط بينها وبين جهات أجنبية توفر التمويل لعملها".

وفي هذا السياق رد مدير الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب بالحرس الوطني، إلياس حلاوي، أن الابحاث أفضت إلى كشف ضلوع جمعيتين، وهما جمعية العبادلة الخيرية في بنزرت وجمعية التعاون الإسلامي في بن قردان، في تمويل شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر في كل من ليبيا وسورية.

دلالات
المساهمون