#25_يناير_2016

03 نوفمبر 2015
فليقدم كل تيار رموزه الحكيمة (فرانس برس)
+ الخط -
لم تمر إلا أشهر قليلة بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، حتى أدرك جُل من شارك أن ما حدث مجرد مسرحية كبيرة، مسرحيةٍ خُدعوا فيها واسُتغِلوا ثم نُحّوا جانباً بعد أن أدوا الغرض المطلوب.


خلال هذه المدة، تحاورنا وتجادلنا، محاولين استيعاب مكمن الخطأ، وفي الحقيقة ما زلنا، إلا أن الأحداث تتسارع بشكل درامي غير متوقع، فحلقات فشل السلطة الحالية تتوالى بشكل غير مسبوق، والناس يئنون من غلاء المعيشة ومصيدة الفقر، بعد أن عقدوا آمالاً زائفة على حفنة من اللصوص والمجرمين الذين تجسدوا في دور حراس الهوية المصرية والمنقذين من الهلاك.

عقب انقلاب الثالث من يوليو، توالت دعوات اصطفاف القوى الثورية التي آمنت بمبادئ ومطالب الثورة الأصلية من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، لكنها رُفِضَت في معظمها من جانب قياديي الأحزاب والحركات السياسية، الذين عقدوا الآمال هم أيضاً على العصابة الحاكمة، التي لم تتوقف آلاتها القمعية حتى تلك اللحظة.

لكن الآن بدأت أوراق التوت والذرائع الواهية التي اتخذها النظام دعامة لشرعيته تتساقط واحدة تلو الأخرى، فالإرهاب وحوادث القتل والتفجير ما زالت قائمة وتستمد وجودها وشرعيتها من قتل المدنيين والتعذيب والاعتقالات العشوائية وانتهاك حقوق الإنسان والقضاء المسيس، أما الاقتصاد ففي حالة يرثى لها نتيجة مشاريع فاشلة وأحلام وردية، بجانب إهدار المال العام في ما لا ينفع وتقلص الدعم المالي الخارجي مع مرور الوقت، أما "بعبع" الدولة الدينية الذي طالما حذروا منه في إعلامهم، والذي هو في الأصل مجرد صراع سياسي تم تصويره على أنه دكتاتورية دينية وما شابه، فقد أُوجِد مكانه دكتاتورية ودولة عسكرية بوليسية، تحفظ حق كل من وضع على كتفه دبوره ونسراً، وتهدر حق من دونهم.

إنه صراع طبقي مقيت، بين طبقة العساكر أصحاب الامتيازات الواسعة، وبين عامة الناس، صراع في جوهره الحقيقي بين الأسياد والعبيد، صراع من له الحق في كل شيء، مع من بالكاد يجد قوت يومه.

لقد دفع توالي حلقات مسلسل فشل الحكومة الدكتاتورية إلى ارتكاب حماقات ظناً منها أنها السبيل الوحيد لبقائها، كاختطاف الشباب والأطفال من بيوتهم وفي الشوارع، فها هو صهيب عماد يتم عامه السادس عشر داخل السجن، بعد ان اتهم بتكوين خلية إرهابية واستهداف ضباط الشرطة وأساتذة جامعة المنصورة، وها هي إسراء الطويل تخلق حالة من الغضب والزخم غير مسبوق، بصورتها أمام قضاة الزور عقب تمديد حبسها مرة أخرى.

لقد قُدر أن تكون لحظات انكسار الفتاة الشابة بمثابة لطمة على وجوه الجميع، بمن فيهم قادة الأحزاب والحركات السياسية الثورية، لم تعلم إسراء أن دموعها هذه أيقظت ضمائر وقلوب جيل على وشك الاستسلام للواقع المذري، لكن ها هي دعوات التجمع والتوحد تنتشر مرة أخرى على الإنترنت، حتى دشن بعضهم  #راجعين_ الميدان.

الأن وبعد كل حلقات الفشل هذه ومع وجود أكثر من 40 ألف معتقل، مكتظين في زنازين ومعتقلات غير آدمية، وفي ظل اقتصاد منهار، ماذا ننتظر؟! فلتستغلوا الزخم ولتأخذوا بالأسباب ولتبعثوا بثورة جديدة تقض مضاجع الظالمين والقتلة والفاسدين.

لقد أصبح الاصطفاف الوطني الأن واجباً وفرصة من الممكن أن لا تتكرر على المدى القريب، إلا أن هذ الاصطفاف يجب أن يكون اصطفاف عقول وليس اصطفاف مشاعر، اصطفافاً قائماً على حوار موسع بين القوى الثورية، منطلق من مبدأ المكاشفة وتصحيح الأخطاء، يصب نحو هدف تحقيق التوافق، محاولاً إيجاد شفرة 25 يناير المفقودة.

فليقدم كل تيار رموزه الحكيمة، من يمتلكون القدرة على التحاور بهدوء والتفاوض بعيداً عن الجعجعة والمراهقة الثورية، وممن لم يتورطوا في جرائم الدم والغباء السياسي، وليضع كل منا مطالب وشروطاً واقعية بعيدة عن التنطع والتعسف، ولنضع وثيقة أهداف مشتركة يجتهد الجميع في تحقيقها، وليكن الملتقى #25_يناير_2016.

(مصر)
دلالات
المساهمون