انقسم الفنانون السوريون تجاه الثورة، التي حصلت في بلادهم، فمنهم من أيد مطالبها، وقسم آخر وقف مع السلطات الحاكمة، وفريق التزم الصمت والحياد.
وكما هو الحال مع بقية أطياف الشعب السوري، مَن قدم الدعم والمناصرة للثورة، تعرض للقتل أو التعذيب والاعتقال، لذا وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها، الذي حمل عنوان"الفنانون السوريون ما بين الحرية والاستبداد"، أبرز الانتهاكات الحاصلة بحق الفنانين في سورية منذ بداية الثورة السورية في مارس/آذار 2011.
وأكدت الشبكة مقتل 14 فناناً على يد القوات الحكومية، منهم 4 قضوا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز، فيما قتلت فصائل المعارضة المسلحة 4 فنانين، وفنان واحد قضى على يد تنظيم داعش، وثلاثة فنانين قضوا على يد جماعات مسلحة لم تحدد هويتها.
وسجل التقرير 75 حالة خطف واعتقال لفنانين سوريين، منهم 50 حالة لدى القوات الحكومية ولا يزال 9 منهم قيد الاعتقال والاختفاء القسري، لليوم، فيما اعتقلت فصائل المعارضة اثنين من الفنانين، والجماعات المتشددة خطفت 5 فنانين، منهم فنان واحد لدى داعش، واثنان معتقلان لدى جبهة النصرة، واثنان مختفيان قسراً عند جماعات متشددة لم تعرف هويتها.
واستعرض التقرير مجموعة مقاطع مرئية موثقة تظهر تأييد الفنانين السوريين المطلق للرئيس بشار الأسد، من خلال مقابلات تلفزيونية أجروها على الشاشات التابعة للحكومة السورية أو المقربة من النظام السوري، ومنهم الفنانة رغدة، سوزان نجم الدين، وائل شرف، زهير عبد الكريم، عارف الطويل... وآخرون. وفي المقابل وثق التقرير مشاركة الفنانين المناهضين لنظام بشار الأسد في المظاهرات الشعبية ومنهم محمد آل رشي، محمد أوسو، وفراس الحلو، جلال الطويل، نوار بلبل وهمام حوت.
وبحسب الشبكة فإن 2011 و 2012 كانا الأسوأ من حيث حجم الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الفنانين، إذ شهدت بداية الثورة بصمات لفنانين تركوا أثراً واضحاً في الحراك الشعبي من خلال مشاركتهم في المظاهرات الشعبية، وإصدار البيانات الإنسانية أو مشاركة الأهالي في تشييع الضحايا الذين قضوا على يد القوات الحكومية، فيما انحسر دورهم في الحراك المدني ونشاطاتهم في الثورة اليوم، حتى أن معظمهم اضطر للهرب خارج البلاد.
اقرأ أيضاً: سمر كوكش...أثر الفراشة
ورأت الشبكة أن هناك عدة عوامل ساهمت في ذلك، أهمها أن "السلطات السورية استمرت في عمليات الترهيب والعنف ضد الفنانين، عبر القتل والملاحقة والتهديد، إلى جانب أن الحكومة السورية سعت، مع مؤيديها من فنانين ومنتجين، إلى التضييق معنوياً ومادياً على الفنانين المناهضين للسلطة الحاكمة، كما شن الإعلام الحكومي حملات تشويه لسمعة هؤلاء واتهامهم بالعمالة والخيانة للوطن، وحرضت على إلحاق الأذى بهم وعرض مطالبات بمحاكماتهم".
وأضافت أن المناخ العام لم يعد ملائماً لممارسة الفنانين نشاطهم السلمي، خاصة بعد الانتقال من مرحلة سلمية الاحتجاجات الشعبية إلى مرحلة العسكرة، وأيضاَ ظهور الفصائل المسلحة المتطرفة، التي تنظر إلى الفن على أنه مخالف لنهجها.
اقرأ أيضاً: غسان الجباعي... هكذا يصنع الجمال في المعتقلات الرهيبة