2014 الخليجي يُتوّج بمصالحة

31 ديسمبر 2014
اعتُبرت قمة الدوحة انطلاقة جديدة لمجلس التعاون(مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
أبى عام 2014 أن ينتهي إلا بحدوث انفراجة في الأزمة الخليجية، التي عُدّت الأصعب منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دول، وكادت أن تُطيح به. أُعلن بيان انتهاء الأزمة عن قمة مجلس التعاون، التي عقدت في الدوحة في التاسع من شهر ديسمبر/كانون أول الجاري.

وشهدت العلاقات الخليجية الداخلية أزمة حادة على مدى أشهر طوال، تحديداً بين السعودية والبحرين والإمارات من جهة، وقطر من جهة ثانية، اتهمت الدول الثلاث في أثنائها الدوحة بالتدخل في الشؤون الداخلية، وهو ما نفته الأخيرة، مؤكدة أن الخلاف هو بسبب الموقف من ملفات خارجية، من دون أن تسمي ملفاً معيناً، وإن فهم من بيان مجلس الوزراء القطري، الذي صدر عشية سحب سفراء الرياض وأبوظبي والمنامة من الدوحة، أن القضية تتعلق بالتغيير السياسي في السلطة في مصر.
وقد رسمت تلك الأزمة بين دول المجلس، وكانت مكتومة منذ منتصف عام 2013، المشهد الداخلي لدول الخليج تسعة شهور كاملة، وبلغت ذروتها في ظهورها إلى العلن، في مارس/ آذار الماضي، حين سحبت الرياض وأبو ظبي والمنامة سفراءها من الدوحة، في إجراء غير مسبوق خليجياً. وفي الوقت الذي فضلت الدوحة عدم الردّ على سحب السفراء بإجراء مماثل، بذل أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بوصفه رئيساً للقمة الخليجية الرابعة والثلاثين، جهود وساطة ناجحة بالإعلان عن اتفاق الرياض في نوفمبر/تشرين ثاني 2013، واتفاق الرياض التكميلي، في نوفمبر/تشرين ثاني 2014 الذي سمح بعودة السفراء الثلاثة، ثم عقد القمة الخليجية في الدوحة، التي اعتبرت الأقصر في تاريخ القمم الخليجية، واعتبرها مراقبون انطلاقة جديدة لمجلس التعاون، بعد انطلاقته الأولى في أبو ظبي في مايو/ أيار 1981، حين نجحت دول الخليج في لملمة صفوفها مجدداً، وأكدت وحدة الصف، وسعيها إلى التكامل، واستقلالية السياسة الخارجية لدول المجلس.
وعلى الصعيد الداخلي، تقدّمت دول الخليج خطوة إلى الأمام في سعيها إلى التكامل، تمثلت في الإعلان، عن إنشاء قوة بحرية مشتركة، بحسب توصيات مجلس الدفاع المشترك لدول المجلس، وإنشاء شرطة خليجية مشتركة، "إنتربول خليجي"، مقرّه أبو ظبي. فيما تسبب اعتراض سلطنة عمان، كما يبدو، في تأجيل الإعلان عن تشكيل القوة العسكرية الموحدة، وسط استمرار الجهود لقيامها، وتواصل العمل على الاتحاد النقدي الخليجي، واستمرار المشاورات بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.


قوائم الإرهاب
إضافة إلى النفق المظلم الذي مرّت به العلاقات الخارجية، قبل أن ينتهي بمصالحة تاريخية، كان لافتاً في عام 2014 إعلان ثلاث دول، هي البحرين والسعودية والإمارات، عن قوائم خاصة بمنظمات تعتبرها إرهابية. فقد أصدرت مملكة البحرين في مارس/ آذار قائمة تشمل تنظيمات بحرينية، هي "ائتلاف 14 فبراير" و"سرايا الأشتر" و"سرايا المقاومة" أو من يتعامل معها، في قائمة "الجماعات الإرهابية". كما أصدرت السعودية، في 7 مارس/ آذار، قائمة تضم 9 تنظيمات وجماعات سياسية، وإدراجها تنظيمات إرهابية، ضمت، لأول مرة، جماعة "الإخوان المسلمين"، ومن بينها "جبهة النصرة" في سورية وتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب". وفي 16نوفمبر/تشرين ثاني، اعتمدت الإمارات قائمتها للتنظيمات الإرهابية، وضمت 85 تنظيماً حول العالم، منها جماعة "الإخوان المسلمين"، و"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، ومنظمات خيرية في أميركا وأوروبا، فضلاً عن تنظيمي "القاعدة" و"داعش" وجماعتي الحوثيين في اليمن وبوكو حرام في نيجيريا.
من جهة ثانية، شهدت منطقة الخليج أكبر مناورات بحرية في العالم، استقطبت 44 دولة، بينها الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية، فضلاً عن دول عربية، بهدف حماية الممرات البحرية في المنطقة. كما نفذ الجيشان الإماراتي والمصري ثلاث مناورات عسكرية مشتركة في عام 2014، آخرها مناورات "سهام الحق"، بعد مناورات "زايد 1"، في الإمارات، و"خليفة 1" في مصر.  

محاكمات في الإمارات
وجرت خلال العام سلسلة محاكمات لمواطنين إماراتيين وعرب أمام محكمة أمن الدولة، إذ حكمت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي، في ديسمبر/ كانون أول الجاري، على 11 إسلامياً بالسجن فترات تصل إلى المؤبد، بتهمة الارتباط بـ"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، ولتنظيم "أحرار الشام" الذي ينشط، أيضاً، في سورية.

وحكم على أربعة متهمين بالسجن مدى الحياة، بعدما تمت محاكمتهم غيابيّاً، بينما حُكم على 7 متهمين حضورياً بالسجن بين 3 و15 عاماً. والمدانون إماراتيون وسوريون، إضافة إلى اثنين يحملان جنسية جزر القمر، وينتميان، على الأرجح، إلى فئة البدون سابقا. فيما تمت تبرئة أربعة متهمين إضافيين، جميعهم إماراتيون، بحسب وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام". وكان أحد المتهمين يحاكم بتهمة الإشراف على موقع دعاية لتنظيم "القاعدة".
ووجهت النيابة العامة إلى المتهمين الـ 15 تهمة "الالتحاق والانضمام وجمع وتحويل الأموال إلى منظمتين إرهابيتين خارج الدولة، هما "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" التابعتين لتنظيم القاعدة". كما وجهت لأعضاء المجموعة تهمة "صنع المتفجرات من دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المختصة".
وكانت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت، في 23 يونيو/ حزيران، حكماً بالسجن المؤبد في حق متهم عربي غيابيّاً، وبالسجن 7 سنوات في حق 6 آخرين، بتهمة تشكيل خلية لتنظيم "القاعدة" ودعم وتمويل "جبهة النصرة" في سورية. وكانت السلطات الإماراتية قد أعلنت، في أبريل/نيسان 2013، أنها فككت خلية لتنظيم "القاعدة"، تخطط لشن هجمات في الإمارات.  
وقضت محكمة أمن الدولة، في مارس/آذار بالسجن سبع سنوات على المعتقل القطري، الدكتور محمود الجيدة، والسجن خمس سنوات لكل من الإماراتيين، عبد الوحيد البادي وسعيد البريمي، وتبرئة الإماراتي الثالث طاهر التميمي، بتهمة التعاون مع جمعية الإصلاح، المحظورة في الإمارات، وهي أحكام نهائية وغير قابلة للاستئناف.

تغيير حكومي في السعودية
تمثل الأبرز سعوديّاً في عام 2014 بالتعديل الوزاري الذي أجراه الملك السعودي، عبدالله بن عبد العزيز، إذ أُعلن في الثامن من ديسمبر/كانون أول عن تغييرات كبيرة، بشكل غير عادي، تمثلت في تعيين ثمانية أعضاء جدد في مجلس الوزراء السعودي. وحلّ ستة وزراء محل آخرين، كانوا قد استقالوا بناء على "طلبهم". وجرى تعيين آخرين لملء الشواغر القائمة في وزارتين. ولم يطل التعديل الوزارات الأساسية، فيما لم يكن أي من الوزراء الذين تنحّوا عن مناصبهم من العائلة المالكة. وهذه المناصب هي رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء والنائب الثاني لرئيس الوزراء، فضلاً عن وزارات الدفاع والشؤون الخارجية والداخلية والحرس الوطني والتعليم والشؤون البلدية. وجاءت التغييرات الوزارية الأخيرة بعد تصاعد الانتقادات حول أداء عدة وزارات حكومية، خصوصاً وزارتي النقل والصحة. إذ أدى ترهل قطاع المواصلات إلى تقديم شكاوى، نظر فيها "مجلس الشورى" (هيئة استشارية معينة في المملكة). وكانت وزارة الصحة تحت مسؤولية وزير العمل فترة دامت أشهر، لأن أداء الوزير السابق اعتبر سيئاً في التعامل مع اندلاع مرض "متلازمة الالتهاب التنفسي في الشرق الأوسط" (يسببه فيروس كورونا المستجد)، كما أقيل وزير الإعلام السعودي، بعدما أمر بإغلاق محطة تلفزيونية دينية متشددة، كانت قد أشادت بقتل مواطنين من الشيعة. وقد سُمح للمحطة باستئناف البث بعد يوم واحد من قرار الإغلاق.