20 محطة تجسس عراقية غالبيتها في دول عربية

04 يونيو 2017
السفارة العراقية في واشنطن في 2008(شيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

يعيد إعلان عضو في لجنة الأمن والدفاع العراقية عن وجود 20 محطة تجسس للعراق في دول مختلفة، لم ترسل أي منها تقارير استخبارية منذ سنوات، التساؤلات حول ماهية تلك المحطات الاستخبارية وأماكن وجودها والنشاط الذي تمارسه والفساد الذي يلف عملها، لا سيما بعد تسرّب معلومات عن إنفاق العراق خلال العام 2016 الماضي 13 مليون دولار على تلك المحطات والتي تضم نحو 180 موظفاً يحملون جميعهم صفة دبلوماسية ويعملون بغطاء بعثات دبلوماسية عدا المتعاونين معهم الذين تم تجنيدهم من وسط الجاليات العراقية المقيمة في تلك الدول.

ووفقاً لما أعلنه عضو لجنة الأمن والدفاع التابعة للبرلمان العراقي، عبد الله شاخوان، في مؤتمر صحافي في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، فإن "20 محطة استخبارية عراقية تتواجد في 20 دولة لم ترسل أي تقارير استخبارية منذ خمسة أعوام". وتساءل عن "الفائدة من وجود تلك المحطات الاستخبارية وصرف المبالغ الطائلة عليها من دون تقديم أي معلومات تسهم بمتابعة المجاميع الإرهابية".

وفي اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، قال شاخوان تعليقاً على تصريحه: "سبق أن تكلمت عن فساد المؤسسات الأمنية وكان هناك تجاوب من الحكومة وتم التواصل معي من قبل وزارة الخارجية، ووعدت بأنها ستقوم بما يلزم من أجل معالجة ملف المحطات الاستخبارية العراقية خارج البلاد". ولفت إلى أنه "في المرحلة الحالية، فإن القائمين على ملف الأمن يقومون حالياً بإعادة نظر بالملف الأمني، بما في ذلك محطات التجسس، بما يتوافق مع التحديات الأمنية في العراق"، معتذراً عن الإدلاء بأي تفاصيل أخرى. 

من جهتها، أكدت مصادر في الحكومة العراقية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "غالبية تلك المحطات تتواجد في دول عربية مختلفة بينها خليجية تم تسميتها في زمن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي".

ووفقاً لمسؤول في أمانة مجلس الوزراء العراقية في بغداد، فإن "رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، أمر بمراجعة عمل تلك المحطات وإغلاق عدد منها لفسادها وعدم نفعها للعراق بالملف الأمني الداخلي للبلاد، إضافة إلى استغلالها من قبل الأحزاب داخل العراق ضد خصومهم للتسقيط السياسي".  

وأعلن رئيس الوزراء العراقي في فبراير/شباط الماضي عن إجراء تعديلات على قانون جهاز مكافحة الارهاب وإرساله إلى البرلمان. ويتضمن القانون منح صلاحيات أوسع للجهاز في مجال جمع وتحليل المعلومات ومتابعة حركات وجماعات خارج العراق وأنشطة جهات معروفة بعدائها للنظام السياسي في العراق، فضلاً عن تسليم الجهاز جانباً من ملف شبكات تهريب المخدرات والاتجار بها وكذلك ملف الآثار العراقية المهربة.

وتعاني محطات التجسس، منذ تأسيسها، جملة من المشاكل، أولها الفساد وقلة خبرة العاملين الذين تم تعيينهم بناءً على الوساطة والانتماء للأحزاب، خصوصاً حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي.

وقال القيادي الكردي، حمه أمين، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تلك المحطات تتواجد في الدول المصنفة خارج المحور الإيراني داخل منطقة الشرق الأوسط، ومع الأسف أعضاء تلك المحطات لا يوجد بينهم سني أو مسيحي أو كردي وكلهم اختيروا بعين طائفية"، على حد قوله.
ولفت إلى أن محطة استخبارية في إحدى الدولة العربية تركز مهمتها في جمع معلومات عن السياسيين العراقيين الذين يصلون وأنشطتهم التجارية والاجتماعية وحتى النوادي الليلية التي يترددون إليها، ويتم رفع تقارير من قبل أعضاء المحطة بها ليس لجهاز الاستخبارات أو دائرة الأمن الوطني بل لأحزابهم التي رشحتهم في هذه المهنة "كي تستخدم فيما بعد للتسقيط السياسي أو الابتزاز المالي في كثير من الأحيان"، على حد قوله. 

وأسست الولايات المتحدة الأميركية مطلع عام 2014 جهاز الاستخبارات العراقي الجديد بالتزامن مع بدء تأسيس وزارة الدفاع الجديدة كبديل عن الجهاز القديم الذي تم حله.
وبلغ تعداد موظفي وضباط الجهاز نحو 10 آلاف منتسب تم تدريبهم من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية. ووفقاً لتقارير سابقة فقد بلغت كلفة تأسيس الجهاز أكثر من 3 مليارات دولار. وألقيت على عاتقه مهمات عدة رئيسية، من بينها ملاحقة تحركات فصائل المقاومة العراقية، فضلاً عن تنظيم القاعدة آنذاك ومراقبة النشاط الإيراني في البلاد، ورفع تقارير دورية للجانب الأميركي، إلا أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق نفذ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حملة طرد واسعة للمقربين من واشنطن طاولت أول الأمر رئيس الجهاز المقرب الأول من الجانب الأميركي، الفريق محمد عبد الله الشهواني، والذي ينحدر بأصوله من مدينة الموصل، وعدداً من مساعديه، ليتم بعدها أكبر مشروع تغيير داخل الجهاز من خلال نقل ضباط من الشرطة والجيش إلى هيكل الجهاز الإداري والعملياتي غالبيتهم من حزب الدعوة الإسلامية. ويرأس الجهاز حالياً مصطفى الكاظمي، أحد أبرز المقربين من إيران وعضو في حزب الدعوة الإسلامية. كما أنه متزوج من ابنة مهدي العلاق، مدير مكتب نوري المالكي. وعمل الكاظمي خلال السنوات الماضية كصحافي مغمور يكتب في مواقع محلية مختلفة، وأكمل قبل عامين دراسته بكلية القانون من جامعة أهلية عن فئة الدراسات المسائية، وتم تنصيبه كرئيس للجهاز قبل أشهر عدة.

وعرف الكاظمي بتصريحاته المؤيدة والمدافعة عن إيران خلال سنوات عمله كصحافي، وكانت آخر تصريحاته الرسمية عقب أيام من توليه منصب رئيس جهاز مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما أعلن من إيران عما وصفه بـ "دور طهران الكبير ومرشدها (علي خامنئي) في إحلال السلم العالمي".

دلالات
المساهمون