كشف رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية، وليد عساف، اليوم الأحد، أن سياسة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية تتواصل، حيث أقام الاحتلال خلال عام 2019، 15 بؤرة استيطانية جديدة، مشيراً إلى وجود خطة إسرائيلية لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى أكثر من 100 كانتون ومعزل فلسطيني.
وحذر عساف، خلال مؤتمر صحافي عقده في رام الله، اليوم الأحد، لعرض تقرير الانتهاكات الإسرائيلية السنوي لعام 2019 وتقرير إنجازات الهيئة، من خطة تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى أكثر من 100 كانتون ومعزل فلسطيني وفق الخطط الإسرائيلية.
وقال عساف إن "عام 2019 شهد نقاشاً إسرائيلياً لقرابة 140 مخططاً هيكليا لتوسيع المستوطنات، وتم بالفعل إقرار 35 مخططاً، بواقع إقرار خمسة آلاف وحدة استيطانية جديدة"، مشيراً إلى أن نقاش هذا العدد الكبير من المخططات التوسعية يعني الانتقال من خطة ضم المستوطنات الكبرى للاحتلال إلى ضم كافة المستوطنات، بما يتناغم مع قرارات الإدارة الأميركية الأخيرة بشرعنة الاستيطان.
وتقوم الخطة، وفق عساف، على ربط المستوطنات عبر شوارع استيطانية جديدة، تربط المستوطنات النائية بالمستوطنات الكبيرة، وفي المقابل تفتيت الأراضي الفلسطينية لمنع إقامة دولة فلسطينية.
وأوضح أن الكانتونات السبعة الكبرى هي غزة، وأريحا، وبيت لحم، والخليل، ورام الله، وشمال الضفة، وكل من هذه المناطق السبعة سينقسم إلى مجموعة من الكانتونات الصغيرة لتصل إلى أكثر من مئة، يفصلها قرابة 700 حاجز عسكري أو إغلاق إسمنتي، أو سدة ترابية، أو بوابة حديدة، ليكون ذلك جزءا من تنفيذ "صفقة القرن"، وإنشاء دولة في غزة تمتد إلى سيناء.
وأما المشاريع الاستيطانية الكبيرة، التي أقرها الاحتلال عام 2019، فقد فصلها عساف بثلاثة مشاريع؛ أولها يستهدف مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية وبلدتها القديمة تحديدا، بإقرار إنشاء مجلس بلدي للمستوطنين، وإقامة مستوطنتين كبيرتين في البلدة القديمة، ما سيعمل على تغيير الواقع في الخليل وضم جزء منها للاحتلال وتقسيم المدينة على شاكلة بلدية الناصرة.
وقال عساف على هامش المؤتمر لـ"العربي الجديد": إن "الاحتلال يركز على الخليل لأنها تكاد تكون أكبر مدينة بعد القدس ومحيطها، وبالتالي لا ترغب إسرائيل بضم كل المدينة وكل السكان، بل تريد تغيير الإرث الحضاري والتاريخي فيها، ونجاحاتهم كانت على مدار 53 عاما نجاحات جزئية، ولذلك يسعون لإنشاء مجلس بلدي منفصل، لأن صلاحيته تمتد إلى استملاك الأراضي والمباني وسيعني ذلك مضاعفة عمليات تهويد المدينة".
وأضاف أن "المشروع الثاني الكبير هو إقامة مدينة استيطانية في منطقة مطار قلنديا، بمعدل 10 آلاف وحدة استعمارية، بواقع 50 ألف مستوطن جديد لتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس وفصلها عن محيطها، بينما المشروع الكبير الثالث هو منطقة صناعية جنوبي طولكرم، هي الأكبر في الضفة، ستفصل المدينة عن ريفها وستؤدي إلى إقامة أحد المعازل التي يتم التخطيط لها".
وفي تفصيلات الخطة الإسرائيلية، قال عساف: "إنها ترتكز على عزل القدس بالكامل، ويتم ذلك بمنهجين، هما الهدم في القدس ومحيطها، والثاني بناء الوحدات الاستيطانية"، مشيرا إلى عمليتي هدم كبيرتين حصلتا في العام الماضي، وهما هدم 72 منزلا دفعة واحدة في وادي حمص في صور باهر، وهدم 22 منزلا في مخيم شعفاط بيوم واحد، ويتركز الضغط على القدس لعزلها، حيث أن الهدم في القدس يشكل 48 بالمئة من مجمل الهدم في الأراضي الفلسطينية.
686 عملية هدم و15 بؤرة استيطانية خلال 2019
وفي الأرقام التي أعلنها عساف، يتبين قيام الاحتلال بـ686 عملية هدم خلال 2019، بينها 300 في القدس ومحيطها، فيما صدر 486 أمر هدم جديد قد يتم تنفيذها عام 2020، استمرارا لسياسات التهجير القسري.
وقال إن "الاحتلال أنشأ خلال 2019؛ 15 بؤرة استعمارية جديدة، ليزداد عدد البؤر تلك، خلال ثلاثة أعوام، إلى 32 بؤرة تعبر عن سياسة جديدة بتعبئة الفراغات بين المستوطنات الكبرى بمجموعة من البؤر على رؤوس الجبال".
وفي المقابل، أعلن عساف عن نجاح الفلسطينيين بإزالة 12 بؤرة استعمارية خلال العامين الماضيين من خلال فعاليات المقاومة الشعبية، معلنا عن سلسلة نجاحات فلسطينية، أبرزها إفشال معظم صفقات التزوير التي حاولت الشركات الإسرائيلية تمريرها.
وقال عساف في هذا الإطار إن "650 شركة إسرائيلية منشأة لهدف تمرير الصفقات، لم تستطع، خلال العام 2019، النجاح إلا في صفقة واحدة، فيما استطاع محامو الهيئة استعادة 6 آلاف دونم من خلال كشف التزوير في معظم الصفقات، ليصل الرقم إلى 40 ألف دونم تمت استعادتها من العام 2015".
وأوضح أن أكثر من 95% مما تسجله الشركات الإسرائيلية هو بالتزوير، والشعب الفلسطيني شعب متمسك بوطنه وأرضه ويدافع عنهما، مشددا على أن هذا النجاح دفع وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت إلى نقل ملفات تسجيل الأراضي من الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، إلى وزارة العدل، لأن المحاكم العسكرية تستند إلى القانون الأردني، بينما تستند وزارة العدل إلى القانون الإسرائيلي، ما سيسهل عمليات التزوير والتسريب، معتبرا أن ذلك من أخطر القرارات، ليضاف إلى خطوة أخرى خطيرة كانت بإعلان وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، عن قانونية الاستيطان لتعزيز "صفقة القرن"، وتعزيز الخطط الإسرائيلية التي ارتكزت عليها.
خطوات فلسطينية لمواجهة الاستيطان
وأشار عساف إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الاحتلال، مؤكدا أنه جاء ثمرة للجهد الفلسطيني السياسي والميداني، معتبرا أنه ذو بعد استراتيجي سيساهم في فرملة الخطط الإسرائيلية للتوسع الاستيطاني.
وأكد عساف أن الاحتلال لم ينجح بتهجير أي مواطن من مناطق "ج"، بفضل سياسة الدعم والاستجابة السريعة للهيئة والسلطة الفلسطينية لكل من يهدم بيته هناك، مشيرا إلى فشل الاحتلال بالانتقال من سياسة الهدم الفردي إلى الهدم الجماعي لـ8 قرى فلسطينية ومنها الخان الأحمر.
وقال إن "المطلوب منع فصل قطاع غزة، ومنع إقامة دولة منفصلة في غزة بهدوء، لإفشال مشروع الكانتونات وصفقة القرن"، داعيا الجميع إلى العمل على إفشال خطة ضم الأغوار التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بترسيخ الوجود الفلسطيني في الأغوار، وإلى مقابلة خطة الكانتونات بزيادة التواصل الفلسطيني بين القرى والمدن بالبناء، معلنا عن أن الهيئة ستقوم ببناء أكثر من 200 وحدة سكنية وزراعية خلال العام المقبل.
وتعهد عساف بإعادة بناء المنازل التي تهدم في مناطق "ج" وإقامة صندوق لتعويضات المباني المهدومة هناك، وتعهد باستمرار المقاومة الشعبية، وتوفير الكهرباء لمناطق "ج"، وبناء مزيد من المدارس.
وقال إن "أهل القدس قادرون أن يكونوا عنصراً هاماً في إفشال صفقة القرن، وإن أهل الخليل سيتمكنون، من خلال إعادة إحياء البلدة القديمة، وإحياء الصلوات، كما حصل مؤخرا في المسجد الإبراهيمي؛ من إفشال مخطط تقسيم المدينة".