14 آذار تبادر: هكذا يُمكن إحراج الخصوم

02 سبتمبر 2014
تكسب قوى 14 آذار معركة رأي عام (علي فواز)
+ الخط -
اختار فريق 14 آذار فشل الجلسة النيابية الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ليُطلق مبادرة سياسية إنقاذية. فبعد شغور رئاسي، وتعطيل نيابي، مستمرّين منذ مايو/أيار الماضي، وجد هذا الفريق أنّ الجمهورية باتت في خطر، فبادر. تبحث قوى 14 آذار عن الموانع السياسية والنيابية والميثاقية التي تحول دون انتخاب رئيس، من أجل اختراقها، على الرغم من كون مسؤولية التعطيل تقع أولاً على فريق 8 آذار، إذ يمتنع كلّ من نواب تكتل "التغيير والإصلاح" و"حزب الله"، وحزبَي "القومي" و"البعث"، عن المشاركة في جلسات الانتخاب. أعلنت قوى 14 آذار، على لسان رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، "القيام بالاتصالات اللازمة لإجراء تسوية وطنية، وذلك انطلاقاً والتزاماً باتفاق الطائف، تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية فوراً".

قامت هذه القوى بخطوة جريئة بإعلان استعدادها التفاوض والنقاش والحوار مع الخصم. قدّمت نفسها كفريق يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، ولو جاء ذلك متأخراً، ولو كان ذلك شكلياً أيضاً. لكن في المضمون، تشير هذه المبادرة إلى "التمسّك بترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع للرئاسة، كما تبدي استعدادها التام للتشاور على أي اسم يتوافق عليه اللبنانيون". أي أنّ هذا الفريق يريد التوافق لكنه يتمسّك بجعجع، وفي الوقت عينه مستعدّ للتضحية به. يريد الرئاسة ولا يريدها، وكل ما يبغي قوله إنه غير مسؤول عن الأزمة. بلغة أخرى يبحث عن ضرب منطق خصومه، تحديداً منطق حزب الله والتيار الوطني الحر، الذي يمكن اختصاره بمشروع "ميشال عون لرئاسة الجمهورية"، بالإشارة إلى إمكانية التنازل عن اسم جعجع. وفي الوقت عينه يمكن لهذه المبادرة أن تُثبت الخيار النهائي لفريق 8 آذار بالتعطيل. فإذا ما استجابت قياداته لهذا الحوار، يكون حزب الله وحلفاؤه قد عطّلوا المجلس النيابي ويرفضون في الوقت عينه التواصل لإعادة فتحه أمام جلسة انتخاب الرئيس.

اجتماع في منزل الحريري

ليل الإثنين ـ الثلاثاء، اجتمع نواب ومسؤولو فريق 14 آذار في منزل الرئيس سعد الحريري، في حيّ وادي أبو جميل في بيروت. غاب المضيف المستمر في هجرته الخليجية الثانية، إلا أنّ أعوانه وممثليه أداروا الجلسة. يؤكد أحد الحاضرين لـ"العربي الجديد" أنّ الاجتماع "كان روتينياً ولم تنبثق عنه هذه المبادرة"، مضيفاً أنّه "بعد عودة الحريري إلى بيروت تمّ الاتفاق على تفعيل دور الحوار والتوافق"، إلا أنّ لقاء وادي أبو جميل تبنّى بشكل كامل المبادرة المستقبلية، ورأى في فشل الجلسة النيابية بعد ساعات من الاجتماع، لحظة مناسبة لإطلاقها.

ولا يختلف إثنان في قوى 14 آذار أنّ هذه المبادرة هي مجرّد اختبار للنوايا، يُمكن من خلالها كشف مدى قرار التعطيل لدى فريق 8 آذار. قد يستجيب الأخير فيحرّك ذراع الحوار قليلاً، لكسب وقت إضافي بانتظار ما ستؤول إليه معارك حلب والقلمون، وما ستؤدي إليه الحرب المنتظرة على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). وقد يقع في خطأ إقصاء الحوار مرة أخرى، تماماً كما سبق له أن فعل خلال جلسات هيئة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان. يُمكن للخيار الثاني أن يحقق لقوى 14 آذار "انتصاراً على مستوى الرأي العام والإعلام"، إلا أنه لا يحلّ أزمة الرئاسة والمؤسسات.

قدّم فريق 14 آذار هذه المبادرة، وعاد إلى مجالسه مرتاحاً. لم يخسر شيئاً ولم يتنازل عن شيء، أضاف فقط بعض البهارات على مبادرة رابحة بنجاحها وفشلها. عاد مسؤولو هذا الفريق إلى منازلهم ومكاتبهم، ينتظرون ردّ الخصوم. خصوصاً أنّ الأجواء إيجابية حيالها من جهة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط.

فهل يتّخذ حزب الله وحلفاؤه خيار التعطيل التام، فيسقطون جميعاً في امتحان أوّلي للنوايا؟
المساهمون