11.25 % من الإسرائيليين جوعى

09 ابريل 2014
تل أبيب من أكثر المدن "الإسرائيلية" احتياجا للمعونات الغذائية
+ الخط -

بعد 66 عاما من قيام الكيان الصهيوني بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، لم تعد اسرائيل جنة للإسرائيليين كما كان يزعم البعض، فشبح الجوع بدأ يطارد مئات الآلاف منهم، ولم يعد  هذا الشبح يقتصر على الفلسطينيين في الداخل.

وبحسب تقرير رسمي صدر أمس الأول، بلغ عدد من يعانون فاقة الجوع (تحت خط الفقر) نحو 900 ألف إسرائيلي تخلت عنهم الدولة، أي بنسبة 11.25 % من اجمالي سكانها البالغ 8 ملايين نسمة.

وتتواتر كل فترة التقارير الاقتصادية والاجتماعية التي تحذر من زيادة الفجوات الهائلة بين فقراء إسرائيل وأثريائها، وتزداد حدة تأثير هذه الأزمة في "نفوس الإسرائيليين"، مع اقتراب عيد الفصح (الاسبوع المقبل)، الذي يحتاج إلى ترتيبات خاصة (مثل تنظيف المنزل كليا من كل بقايا ومنتجات القمح العادي الذي يسمى "حميتس").

وتعرض وسائل الإعلام تقارير مقرونة عادة بصور ومشاهد تلفزيونية يفتح فيها صاحب البيت (اليهودي طبعا) ثلاجته الفارغة أمام عدسة الكاميرا.. ويبكي فيها فقراء إسرائيل، بلا خجل من عدم قدرتهم على توفير الطعام لأفراد الأسرة.

والفقراء داخل إسرائيل ليسوا كلهم من العرب الفلسطينيين، الذين يتصدرون عادة جداول الفقر، باعتبار أن أكثر من 60% من فقراء الكيان الفلسطيني من العرب الفلسطينيين.

وهذا العام زادت حدة ظاهرة الفقر الإسرائيلي (والمحصور بشكل عام عند اليهود في صفوف أبناء الطوائف الشرقية، والفلاشا).

وأكد مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي المتقاعد "يوسيف شابيرا"، أن الحكومة الإسرائيلية أهملت رغم تقارير سابقة وتوصيات سابقة الأمن الغذائي للمواطنين.

ويختلف "الأمن الغذائي" الإسرائيلي في دلالاته عن "الأمن الغذائي العربي" مثلا، أو الإفريقي، فلا يدور الحديث عن نقص في المواد الغذائية المختلفة، بل على العكس من ذلك، تجد شبكات التسويق مشبعة بالمواد الغذائية المختلفة، لكنه يعني هنا عدم قدرة المواطن الإسرائيلي على شراء ما يلزمه من غذاء.

وتزداد حدة المفاجأة الإسرائيلية عندما تبين الصحف والمعطيات الرسمية أن " انعدام الأمن الغذائي" وصل اليوم إلى الطبقات الوسطى، التي بات موضوع توفير الغذاء لأفرادها هاجسا وكابوسا، في دولة هي عضو في منظمة الدول المتطورة OECD.

وبحسب التقرير الرسمي لمراقب الدولة الذي نشر  أمس الأول، يبلغ عدد من يعانون من فاقة الجوع ( أي تحت خط الفقر بكثير) نحو 900 ألف إسرائيلي تخلت عنهم الدولة، بينهم 300 ألف طفل لا يتناولون الطعام أحيانا ليوم كامل، أو يضطرون إلى تناول ما تيسر من خبز وغذاء أساسي، إذا توفر أصلا.

وللمرة الأولى في السنوات الأخيرة استخدم مراقب الدولة تعبير الأمن الغذائي في وصفه لحالة مئات آلاف الإسرائيليين، وبينهم عشرات الآلاف من أبناء الطبقة الوسطى، الذين رغم عمل الزوجين لا يستطيعون "إتمام شهرهم" بالاعتماد على أجرهم.

وقال يوسيف شابيرا إن "المجتمع الذي لا يهتم بفقرائه ومحدودي الدخل لا يمس فقط بكرامتهم وبحقوقهم وإنما يضرّ أولاً بصورته هو".

ويحدد مراقب الدولة أن "المسؤولية عن غياب الأمن الغذائي وانعدامه تقع كليا على عاتق الحكومة التي تركت معالجة أمر الفقر للجمعيات الخيرية. الفقر ليس منزلا من السماء".
ويؤكد أن "الدولة" أبدت التزاما متدنيا للغاية في معالجة الموضوع، ولم تبلور سياسة شاملة، ولم تخصص موارد لمعالجة المشكلة، وذلك على الرغم من أنها قررت في  عام 2009 إطلاق مشروع شامل لضمان الأمن الغذائي، لكن تنفيذه تأخر ولم يحظ إلا بـ12.5% فقط من مجمل الميزانية التي كان يفترض رصدها لتطبيقه.

وفي هذا السياق أشار مراقب الدولة إلى الظاهرة التي اتسعت في إسرائيل، وهي نشاط الجمعيات الخيرية المختلفة التي تسعى إلى سد احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع الإسرائيلي، وهي أداة اعتبرها المراقب غير فعالة وغير ناجعة، بل إن هذه الجمعيات وباعتراف مراقب الدولة تقرر مجالات نشاطها الاجتماعي والجغرافي والإثني، وهو ما يفسر غياب نشاطها في صفوف العرب في الداخل على الرغم من أن كثيرين منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومن افتقارهم إلى جمعيات في هذا المجال.

ونقلت الصحف الإسرائيلية صورة قاتمة لإسرائيلين يقفون على أبواب جمعيات خيرية للحصول على "رزم" الطعام والمواد الغذائية اللازمة لوجبات عيد الفصح، اليهودي، وصوراً لعائلات تقص حالاتها الاقتصادية التي تحول دون إتمامها لشهرها من دون الحاجة إلى مساعدات على الرغم من عمل الزوجين.

وبحسب معطيات نشرتها "يديعوت أحرونوت"، على سبيل المثال، فإن 532 عائلة في إسرائيل تفتقر إلى الأمن الغذائي، أي غير قادرة على توفير احتياجاتها الغذائية اللازمة لها.

وارتفعت نسبة العائلات والأسر التي توجهت هذا العام، قبل العيد، بطلب الحصول على معونات غذائية من الجمعيات الخيرية بـ15 %.

والأهم من ذلك أن هناك ارتفاعاً بنسبة من يتوجهون للحصول على هذه المساعدات من أبناء الطبقة الوسطى بنحو 47% مقابل العام الماضي.

وقالت الصحيفة إن 50% ممن يتلقون هذا الدعم تفاقمت حالتهم هذا العام وازدادت سوءا.
وتحدثت 61% من جمعيات الإغاثة الخيرية عن زيادة الطلبات المقدمة لها.

وأكثر ما برز في سياق تدهور حالة المدن الإسرائيلية ككل هو تسجيل 1200 طلب للحصول على معونات غذائية من مدينة تل أبيب، و1200 طلب من مدينة أشدود، و1200 طلب آخر من مدن وسط إسرائيل التي تعتبر مدناً غنية.

 

المساهمون