100 يوم من عهد السيسي: إكرام السياسة دفنها

16 سبتمبر 2014
السيسي يحكم بلا برلمان أو فريق رئاسي(فرانس برس)
+ الخط -

شارفت الأيام المائة الأولى من عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الانتهاء، في ظلّ تجمّد الحياة السياسية في البلاد، ووسط تأجيل غير معلن للانتخابات البرلمانية، وغياب دور الأحزاب والناشطين السياسيين.

واكتفى السيسي خلال تلك الفترة بتشكيل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، التي كان مقرراً البدء في إجراءاتها يوم 18 يوليو/تموز الماضي، وفقاً للدستور. الأمر الذي لم يحصل، كما لم يتم تحديد أي موعد لإجراء الانتخابات، وانعدام المؤشرات عن وجود برلمان في وقت قريب، ولم يصدر أي قانون لتقسيم الدوائر الانتخابية التي ستجرى الانتخابات وفقاً له، حتى الآن.

ولم تقف عند هذا الحدّ، فقد تحوّلت الأحزاب إلى ديكور للسلطة، ولم يعد لها أي نشاط سياسي، سوى مدح السلطة الحالية، والتفاوض مع بعضها بعضا، حول تشكيل تحالف انتخابي مؤيد للرئيس، ولم يجرؤ أي حزب سياسي على معارضة قرارات الرئيس أو تصريحاته، بما فيها الأحزاب التي كانت تؤيد منافسه في الانتخابات الرئاسية حمدين صباحي.

ولم يكن مصير الأحزاب المعارضة أفضل، خصوصاً وأن بعضها حُلّ بحكم قضائي مسيّس، مثل حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمون"، أو أحزاب ينظر القضاء في دعاوى تطالب بحلها، مثل حزب "الوسط".

إضافة إلى أن أنصار تلك الأحزاب يعانون من سجن ومطاردة أغلب أعضائهم، ومن بقي منهم، كحزب "مصر القوية"، الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، يمارس المعارضة الناعمة.

يضاف إلى ذلك، قرار وزير التعليم العالي السيد عبد الخالق، بمنع طلاب الأحزاب من ممارسة أي نشاط داخل الجامعات، وهو الحق الذي حصل عليه طلاب الجامعات عقب ثورة ٢٥ يناير/كانون الثاني 2011، ما ينذر بالتضييق على نشاط طلاب المعارضة، داخل الجامعات، خلال العام الدراسي المقبل.

وعلى الرغم من الضغط المستمر، الذي مارسته القوى السياسية على الرئيس المعزول محمد مرسي، للإعلان عن فريقه الرئاسي، بعد توليه الرئاسة مباشرة، لكن أحداً لم يطالبه بذلك بعد مرور 100 يوم، يحكم فيها الرئيس منفرداً بلا برلمان أو حتى مستشارين سياسيين معلنين.

وما يشير إلى عدم مبالاة رئيس الجمهورية بالقوى والأحزاب السياسية، هو لقاؤه بالصحفيين والإعلاميين مرتين، إضافة إلى لقاءات برجال الأعمال ورجال الاقتصاد، دون أن يلتقي رؤساء الأحزاب والقوى السياسية حتى المؤيدة له.

ويؤكد القيادي في تحالف "التيار المدني الديمقراطي" جورج إسحاق، لـ"العربي الجديد"، وجود "حالة من السيولة في التحالفات الانتخابية". وشدد أنه "لا بد وأن يأتي البرلمان المقبل معبراً عن الشعب وليس الرئيس". وأوضح أنه "منذ انتخاب السيسي، نعيش فترة منزوعة السياسة، حيث التقى الرئيس بالاقتصاديين ورجال الأعمال والإعلاميين، ولم يلتقِ ولو لمرة واحدة بالسياسيين وقادة الأحزاب".

وفي السياق ذاته، يقول الباحث السياسي في "المركز العربي للدراسات" صلاح لبيب، لـ"العربي الجديد" إن "مرحلة المائة يوم الأولى في عهد السيسي، هي امتداد للمرحلة الممتدة من الثلاثين من يونيو، وحتى اليوم، وهي مرحلة تغليب الرؤية الأمنية على أي رؤية أخرى، ومرحلة موت السياسية بإرادة النخبة، التي أعلنت فشل دورها وقدرتها على مدى ثلاث سنوات من عمر الثورة، فسلمت الدولة لجزء من النظام أملاً في إبعاد التيار الديني عن السلطة دون إنتاج مشروع جديد".

وأضاف لبيب أن "السيسي دخل السياسة دون أن يعلن، ما هي توجهاته الاقتصادية والسياسية والتنموية والاجتماعية. فقد عرض على المجتمع أجندة أمنية، عنوانها الحرب على الإرهاب وبضع ومضات في الاقتصاد، يتمحور أساسها في عدم وجود موارد، وبالتالي يجب رفع الدعم وهي أشياء لا تصلح في إدارة الدول".

وأوضح أن "مرسي جاء لحكم البلاد أيضاً دون خطة مسبقة ودون استراتيجية لإدارة الدولة، وكانت هذه إحدى أسباب فشله في الحكم، فلا يمكنك إدارة دولة بلا خطة وبلا تكنوقراط قادرين على الإدارة وحل المشكلات، ورغم أن السيسي لديه الكثير من التكنوقراط لكنه في الملفات الخدمية والاقتصادية، ومنها الكهرباء وأزمة البطالة وتنشيط الاستثمار والسياحة وغيرها لا يوجد دليل على أنه خطا خطوة تستحق الدعم".

وبالنسبة للجانب السياسي، فإن السيسي لم يوليه اهتماما، بحسب لبيب، إذ "لا حديث منه عن انتخابات البرلمان، التي جاء موعدها ورغم أنه يرفض تكوين تنظيم سياسي لهم أيديولوجية واضحة يكون تابعاً له فهو يكتفي بثلة من الدولتين من رجال مبارك، الذين لا تجمعهم أي رؤية موحدة لإدارة الدولة غير رؤية الدولة الأمنية".

وأشار لبيب إلى أن "هذا التجمع يقوده رجال نظام مبارك مثل عمرو موسى وكمال الجنزوري وآخرين، لا علاقة لهم بالديمقراطية وتداول السلطة والرؤية الليبرالية، التي تتيح التنافس الحر والانتخابات النزيهة، ولا نسمع منهم كلاماً يؤكد حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية الوليدة، بل تخرج أصوات منهم تقول إنه لا حاجة لنا لبرلمان، وإن السيسي لا يجب أن يكون بجانبه برلمان يعوقه عن العمل. فهل هذا شيء معقول في القرن الواحد والعشرين أن يتم اعتبار البرلمان المعبر عن الناس مضيعة للوقت".

وخلص إلى أن "السيسي يسعى لمواجهة الإرهاب داخلياً والدخول في تحالفات إقليمية تعزز من قيمة مصر في ملفات أخرى، بحيث تحتاجها الدولة في ملفات يمكنها أن تقايض بها تنازل تلك الدول عن الضغط في مجال حقوق الإنسان".

المساهمون