واستخدم النظام مبكراً وسائل الترهيب والترغيب لدفع المصريين إلى الذهاب إلى لجان التصويت، بالرغم من أن التصويت ممتد ليومين إضافيين (الأحد ولإثنين)، إذ تورط العديد من رجال الأعمال ونواب البرلمان في دوائرهم، وكذا ضباط المباحث في أقسام الشرطة ومديريات الأمن، في الضغط على المواطنين للتصويت، وبخاصة البسطاء والفقراء والسيدات الأرامل، استغلالاً لحالة العوز التي يعانون منها، في ظل موجة الغلاء المتصاعدة في البلاد.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وقائع حشد ورشى انتخابية في محيط مدرسة "زياد بكير الإعدادية بنات" بحي العجوزة بالجيزة، وتخيير الناخبين بين الحصول على مائة جنيه أو "شطنة رمضان"، وكذا توزيع ملابس بيضاء ممهورة بتوقيع حزب "مستقبل وطن" أمام اللجان الانتخابية في منطقة الدقي، وتوزيعهم بطاقات بأرقام مسلسلة على الناخبين للحصول على "المكافآة" بعد التصويت.
ورصد "العربي الجديد" توزيع الأموال على بعد أمتار قليلة من اللجان في منطقة بهتيم بحي شبرا الخيمة بالقليوبية، تحت سمع وبصر قوات الشرطة والجيش المسؤولة عن التأمين، واصطفاف العشرات من المواطنين البسطاء في طوابير أمام مندوبي حزب "مستقبل وطن" في مواجهة اللجان، في انتظار دورهم للحصول على المائة جنيه بعد التثبت من وجود أسمائهم (وفق بطاقة الرقم القومي) في كشف اللجنة الانتخابية الخاصة بهم.
ونشر مجلس عائلات جزيرة الوراق استغاثة على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، بشأن نقل لجنة الاستفتاء الخاصة بالجزيرة إلى منطقة الوراق بمحافظة الجيزة ليلاً، لمنعهم من الإدلاء بأصواتهم في التعديلات الدستورية، استمراراً لمحاولات الحصار والتضييق المستمرة من النظام على الأهالي لدفعهم إلى الخروج من الجزيرة، إيذاناً ببيع أراضيها إلى مستثمرين خليجيين بحجة التطوير.
ومع أول أيام الاستفتاء على مواد الدستور، انتشرت شائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، تفيد بأن الحكومة ستكافئ القرى التي ستشهد إقبالاً على اللجان الانتخابية، بحل مشاكلها سواء المتعلقة بمياه الشرب أو الصرف الصحي أو البنية التحتية، علاوة على الشائعة المتكررة مع كل انتخابات بفرض غرامة قيمتها 500 جنيه لمن يتخلف عن الإدلاء بصوته، نقلاً عن أعضاء في الهيئة الوطنية للانتخابات.
إلى ذلك، عقد المحافظون اجتماعاً مع وكلاء الوزارات بالمحافظات، ومديري وزارتي التربية والتعليم والصحة، لإبلاغهم بضرورة حث العاملين في الوزارتين (الأكثر عدداً) على المشاركة في الاستفتاء، مع التلويح بإمكانية الحسم من مكافآت وبدلات المتخلفين، واتهام الممتنعين عن الذهاب للإدلاء بأصواتهم، بأنهم من المنتمين لجماعة "الإخوان"، في تكرار لسياسة الترهيب التي لجأ لها النظام في انتخابات الرئاسة الأخيرة.
وطافت العديد من السيارات المحملة بمكبرات الصوت، لبث الأغاني "الوطنية" التي تحث المواطنين على النزول والمشاركة، وسط ضغوط من أجهزة الأمن، وأنصار النظام، على "عمال اليومية" في الأسواق، خصوصاً في محافظات القاهرة الكبرى، على التصويت في لجان الوافدين (المغتربين) مقابل 50 جنيهاً، لكل من يحمل منهم بطاقة رقم قومي، على اعتبار أنهم من محافظات أخرى.
وتستهدف تعديلات الدستور مد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي من أربع إلى ست سنوات، وتطبيق المد بأثر رجعي لتنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، مع السماح بترشحه مجدداً لفترة ثالثة تنتهي في عام 2030، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته، ومنحه سلطة تعيين النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية، وإضافة "حماية مدنية الدولة" و"صون الدستور والديمقراطية" إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية.