رغم انقطاعاته و"حرده" عن خشبة المسرح بين حين وآخر، يظل الإصغاء لما يقوله المسرحي الأردني خالد الطريفي مهماً في فهم مسألة الإنتاج المسرحي وأزمته في الأردن.
قبل فترة، دعته "مؤسسة عبد الحميد شومان" إلى تقديم شهادة على شكل حوار أجراه معه المسرحي أحمد المغربي، الذي جمعته أعمال مع الطريفي.
لم يحضر هذا الحوار الذي جاء تحت عنوان "أزمة مسرح أم أزمة جمهور؟"، عدد كبير من المسرحيين. الأمر الذي يمكن تفسيره هو الآخر من منطلق وجود أزمة تواصل وتكامل بين مختلف المتداخلين في الشأن المسرحي.
اعتمد الطريفي على ما يحظى به من تقدير، لتقديم قراءة ناقدة لواقع المسرح العربي؛ كصاحب تجربة فنية استهلها ممثلاً في مسرحية "شاطئ الزيتون" (1974)، وامتدت على مساحة أربعة عقود في أقطار عربية مختلفة.
يرى المسرحي الأردني أن "جانباً كبيراً من أزمة المسرح العربي الراهنة يمكن أن تعلّق على مشجب الإنتاج بشكل رئيس"، وذلك من جهة استناده إلى مرجعية نفعية، آنية، أو لتزايد هيمنة المنطق التشغيلي بعيداً عن الحالة الإبداعية، أو المأسسة، وهذا حاضر على الصعيدين: الرسمي والأهلي، بحيث أصبحت إقامة العروض المسرحية "كمن يوزع حلوى في يوم العيد".
وأضاف في هذا السياق أن "المعيقات البيروقراطية والإدارية تشكل محوراً مهماً في خلق الأزمة وتجدّدها، إضافة إلى التابوهات الاجتماعية والدينية، لدى بعض فئات المجتمع، ما يحول دون خلق حالة مسرحية متأصلة ترتقي بالذائقة لدى جميع الأطراف".
لدعم رؤيته، يعرض الطريفي، المولود في مدينة الزرقاء قبل ستين عاماً، لتجربة المسرح الأردني في ستينيات القرن الماضي، معتبراً إياها "فترة ذهبية للمسرح على الرغم من قلة الإمكانات آنذاك، يمكن الاستفادة منها اليوم، فالحرص لدى العاملين في المسرح وقتها كان أكثر جدية وإيماناً بإمكانية إحداث التغيير. هذا بالإضافة إلى الحالتين: المجتمعية والسياسية، اللتين كانتا سائدتين وقتئذ، وكانتا حاضنتين لفكرة أن المسرح رسالة تنويرية وتثقيفية وليس مجرّد فرجة ترفيهية غايتها التسلية من قبلُ ومن بعدُ".
ويعتبر صاحب مسرحية "وحدي في بيت الجنون"، أن هناك أزمة تفكير ووعي في مجال المسرح، مشيراً إلى أن المسرحيين العرب لم يطوّروا في الشكل المسرحي، بل استمروا على قوالب قديمة، نهلت في مراحل معينة من الحالة السياسية التي كانت سائدة.
حديث الطريفي ونقده ورغم ملامسته أوجهاً من أزمة المسرح، يظل نقداً قائماً على ما يمكن أن نسمّيه بالأزمات الكلاسيكية (النص، الأدوات، الجمهور..) إذ أنه يقدّم قراءة مخرج لأزمات المسرح، يتوقع أن تكون الأشياء جاهزة لينجز عمله. بينما يمكن القول إن لكل مشتغل في المسرح أزمته الخاصة.