جان يونكر يوجه رسالة قوية لتركيا ويقترح رئيساً واحداً للمؤسسات الأوروبية

13 سبتمبر 2017
يونكر يدعو لاتحاد أوروبي أقوى (باتريك هيرتزوغ/ فرانس برس)
+ الخط -



قدم رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، اليوم الأربعاء، خطابه عن حالة الاتحاد لعام 2017، أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا، والذي يخصصه كل سنة لتقييم وضع الاتحاد الأوروبي ومن أجل تقديم أولوياته للسنة المقبلة ورؤيته لكيفية تطور الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2025. 

وطرح يونكر خارطة طريق لاتحاد "أكثر توحدا وأقوى وأكثر ديمقراطية"، كما قال في خطابه. فبالنسبة لرئيس المفوضية الأوروبية، "أوروبا استعادت عافيتها. ولكننا لن نصل إلى أي شيء معين ما لم نستفد من هذه الرياح المواتية. لذا يجب علينا أن نحدد هدفا للمستقبل. فكما كتب مارك توين (كاتب أميركي)، عندما تمر السنوات، ستكون خيبة أملنا أكثر من الأشياء التي لم نفعلها مقارنة بتلك التي قمنا بها. لقد آن الأوان لبناء أوروبا أكثر اتحادا وأقوى وأكثر ديمقراطية بحلول عام 2025".

تحذير لتركيا

وانتهز يونكر فرصة إلقاء خطابه عن حالة الاتحاد لوضع ما قد يكون المسامير الأخيرة في نعش عملية التوسع الأوروبي وانضمام تركيا إلى النادي. فبحسبه، انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي "مستبعد في المستقبل القريب".

وقال رئيس المفوضية الأوروبية، الذي اغتنم هذه الفرصة أيضا لتقديم رسالة قوية للسلطات التركية، على وجه الخصوص للرئيس رجب طيب أردوغان، وإن لم يذكر اسمه، "منذ مدة تخطو تركيا بعيداً عن الاتحاد الأوروبي".

وطالب تركيا بـ"إطلاق سراح الصحافيين، ليس فقط الأوروبيين، ووقف إهانة دولنا الأعضاء ورؤساء دولنا وحكوماتنا من خلال نعتهم بالفاشيين والنازيين"، مشددا على أن "أوروبا قارة من الديمقراطيات الناضجة. والذي يسبها يغلق الطريق في اتجاه الانضمام إلى الاتحاد".

وكما يقول الخبير في الشؤون الأوروبية، توماسو غاياتي، لـ"العربي الجديد"، فإن "الرسالة أقسى بكثير مما كان يسعى إلى التعبير عنه وزراء خارجية الاتحاد في تالين بإستونيا الأسبوع الماضي. فهل سيغير هذا مسار السياسة في أنقرة؟ لا أعتقد. ولكن على الأقل هو خطاب تميزه الصراحة والوضوح".

تجديد مؤسساتي

قنبلة أخرى فجرها رئيس المفوضية الأوروبية خلال إلقاء خطابه الطويل أمام البرلمان الأوروبي، إذ اقترح دمج رئاسة المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي. وتتألف هذه الأخيرة من رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، ورئيس المفوضية نفسه.

وقال يونكر "المشهد الأوروبي سيكون سهلا للفهم إذا ما كانت السفينة الأوروبية لديها قائد واحد"، مضيفا "إن وجود رئيس واحد سيعكس بشكل أفضل الطبيعة الحقيقية لاتحادنا الأوروبي، كاتحاد للدول وللمواطنين". ويرى يونكر أن "الكفاءة الأوروبية ستكسب قوة إذا تمكّنّا من دمج" هذه الرئاسة.

وشدد على أن الاقتراح ليس للتنفيذ الفوري، "فلا مشكلة لدي مع صديقي دونالد تاسك، الرئيس الحالي للمجلس الأوروبي، الذي عملت معه بانسجام خلال السنوات الأخيرة". ومنذ معاهدة لشبونة، يترأس المجلس الأوروبي رئيس دائم، ينتخب بأغلبية مؤهلة لمدة سنتين ونصف قابلة للتجديد مرة واحدة.

فكرة جذابة

وبحسب غاياتي، فإن "الفكرة جذابة وهامة في آن معا لتقليص عدد المسؤولين الأوروبيين ومراكز القرار. لكن تطبيقها سيكون صعبا، على الأقل في الوقت الحالي. فتوزيع المناصب مسألة سياسية لن تجد حلا على المدى القريب. لكن ذلك لا يمنع من ضرورة دراسة الفكرة التي يمكن أن تساهم في فهم طبيعة الاتحاد وربما تقريبه من المواطنين".

وكان يونكر قد اعتبر خلال خطابه أن المقترح، في حال تنفيذه، سيعزز أيضا الديمقراطية. وقال يونكر في كلمته في ستراسبورغ "من أجل فهم تحديات منصبه وتنوع الدول الأعضاء، على الرئيس في المستقبل اللقاء بالمواطنين في مدينة هلسنكي كما في أثينا. وأنا أعلم، لأنني قمت بمثل هذه الحملة، أنها تجعلك متواضعا، ولكنها أيضا تمنحك المزيد من الوزن خلال فترة ولايتك".

وتابع "يمكنك التعامل مع القادة الآخرين في المجلس الأوروبي بالثقة القوية لأنه تم انتخابك مثلهم". وكما يشير غاياتي، "دون أن يقول يونكر ذلك بشكل صريح، فهذا يعني أن رئيس المفوضية الأوروبية الذي فاز في الانتخابات الأوروبية هو الذي سيقود المجلس الأوروبي. وخاصة أن معاهدة لشبونة تشدد على أن رئيس المجلس الأوروبي لا يمكن له أن يمارس ولاية وطنية، ولكنها لا تستبعد إمكانية التوفيق مع ولاية في مؤسسة أوروبية أخرى".


وداعاً بريطانيا

وإذا كان الخطاب قد حمل مجموعة الاقتراحات الجديدة أيضا كإنشاء وكالة للأمن الإلكتروني والعمل على الحد من الاختلافات بين شرق وغرب الاتحاد وتأسيس هيئة أوروبية مختصة بملف التوظيف ومكافحة الإغراق الاجتماعي والتفكير في منصب جديد لوزير أوروبي للاقتصاد والمالية، فإن خروج بريطانيا لم يتطرق إليه يونكر سوى في نهاية خطابه. فقد اعتبر أن 29 مارس/ آذار 2019، موعد الخروج الفعلي للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، "ستكون لحظة محزنة ومأساوية. نحن جميعا نأسف لذلك".

وأضاف أنه يتعين على أوروبا ألا تظل حبيسة اللحظة، "مستقبلنا لا يمكن أن يكون سيناريو، يجب أن نعد اليوم برنامج الغد".

ودعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ورومانيا، التي ستترأس الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت، إلى تنظيم قمة أوروبية استثنائية في مدينة سيبيو الرومانية في 30 مارس/ آذار 2019، مشددا على أنها "يجب أن تكون هذه هي اللحظة التي تجمعنا لاتخاذ القرارات اللازمة من أجل أوروبا أكثر اتحادا وأقوى وأكثر ديمقراطية".

انتقادات

وإذا كانت جل أحزاب اليمين قد رحبت بخطاب يونكر واقتراحاته، فإنه لم ينج من الانتقادات. فقد طالبت كتلة اليسار الموحد في البرلمان الأوروبي، رئيس المفوضية الأوروبية بالإنصات للمواطنين والعمل من أجل تعزيز الحقوق الاجتماعية وحماية البيئة.

وقال النائب عن الكتلة، باتريك لي هياريك، لـ"العربي الجديد": "إن خطاب جان كلود يونكر يرسم صورة للواقع، ولكن بالنسبة للعمال الأوروبيين الذين يرون أن وظائفهم مهددة وصغار المزارعين الذين لا يستطيعون مواجهة السوق والعاطلين من العمل، فإن واقعهم مختلف جدا".

وشدد على أن "أوروبا يجب أن تتوقف عن التركيز فقط على المنافسة. وعليها بدل ذلك الاهتمام بالقضاء على فرص العمل الهشة والعمل على تقاسم الثروة بشكل عادل وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة ومكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي"، داعيا إلى "أوروبا متضامنة"، فلقد "حان الوقت للاستماع إلى الشعب"، بحسبه.