يوم القدس ببغداد: عاصمة الرشيد تفقد هويتها العربية

11 يوليو 2015
مليشيات عراقية ترفع صور رموز إيرانية في يوم القدس(الأناضول)
+ الخط -
لا شيء ببغداد يشبهها حتى في أهلها، فمنذ 13 عاماً تستمر عملية التغيير العرقية والدينية وطمس عادات أهلها وتقاليدهم وثوابتهم، بينما الشيء الوحيد الذي يستقر فيها هو التناحر الذي جلبه الاحتلال الأميركي في جعبته ليلة دخوله بغداد وتدنيس ثوبها.

وأثارت التظاهرات التي خرجت أمس ببغداد ونظمتها مليشيات وأحزاب دينية موالية لإيران بمناسبة (يوم القدس العالمي) حفيظة الكتاب والمثقفين والمواطنين العراقيين، إذ تحولت تلك التظاهرات إلى مهرجان لرفع صور رجال الدين الإيرانيين كزعيم الثورة الإيرانية السابق آية الله الخميني والحالي علي خامنئي، فضلاً عن صور تمجد مشروع إيران النووي وتصفه بـ"عز الإسلام" وأطلقت شعارات تصف الخامنئي الحالي بالمحرر الفاتح.

اقرأ أيضاً: آلاف الإيرانيين يشاركون بمسيرات "يوم القدس"

وبحسب مراسل "العربي الجديد" المتواجد في تلك التظاهرة، خلت التظاهرات الثلاث في بغداد، والتي كان أغلب المشاركين فيها من فئة الشبان من أعضاء المليشيات، من أي وجود للعروبة أو شعارتها، بل على العكس جرت مهاجمة دول عربية وشخصيات عربية في الوقت الذي مجدت فيه شخصيات دينية على نطاق ضيق ذات بعد طائفي.

والغريب أن التظاهرات التي استمرت لساعات، لم تأت على ذكر القدس إلا مرة واحد في بداية المظاهرة عند كلمة الانطلاق، فقد استمرت الكلمات في تمجيد إيران ودورها في تحرير فلسطين القريب على حد قولهم، فيما سقطت صورة يتيمة للقدس من بين المئات من الصور المرفوعة في الباب الشرقي وسط بغداد ولم ينتبه إليها أحد، وهكذا ظلت صور الزعماء والقادة شاخصة لوحدها.

وتنتشر في شوارع بغداد صور مرشد إيران علي خامنئي واللواء قاسم سليماني وحتى صور الرئيس الإيراني حسن روحاني، ما أثار حفيظة العراقيين جميعاً حتى السياسيين، واصفين ما يجري بأنه استفزاز وانتهاك لسيادة العراق.

اقرأ أيضاً: العبادي يتوعد "مليشيات بغداد" و"عصابات البصرة"

وانطلقت تظاهرات عديدة بمناسبة يوم القدس العالمي في بغداد وكربلاء وديالى وذي قار وبابل والنجف بحضور شخصيات دينية وعشائرية والمئات من عناصر المليشيات المسلحة، رافعين صور رجل الدين الإيراني علي خامنئي وسابقه الزعيم الروحي الإيراني الخميني.

ووصف القيادي في جبهة الحراك الشعبي محمد عبد الله رفع صور خامنئي في بغداد بأنه "استفزاز لمشاعر ملايين العراقيين وانتهاك صارخ لسيادة العراق، فلا يعقل أن ترفع صور الزعيم الإيراني خميني الذي قتل وأصيب بسببه أكثر من مليون عراقي خلال حرب الثمانينيات، لتتحول بغداد إلى أشبه ما تكون بحوزة دينية إيرانية أو إحدى الضواحي التابعة لطهران".

وأوضح عبد الله أنَّ "ما يجري في بغداد هو تحويلها إلى ضاحية من ضواحي طهران".

ويرى محللون وسياسيون عراقيون أنَّ رفع صور رموز ورجال دين إيرانيين وسط العاصمة بغداد له رسائل خطيرة إلى المحيط العربي بشكل عام عبر العراق ومن عاصمة الرشيد.

ويوضح عضو التيار القومي العربي مرتضى المحمود أن "ما يجري في العاصمة بغداد مثير للحزن ومؤلم بشكل كبير، فلم أعد أشاهد في بغداد رونقها العربي المعهود، وباتت صور خامنئي وخميني الزعيمين الإيرانيين، تملأ شوارع بغداد والجامعات والمؤسسات، وكأنني أسير في ضواحي طهران".

اقرأ أيضاً: معصوم يدعو إلى المصالحة وائتلاف نوري المالكي يرفض

ويتابع المحمود "إنَّ عروبة العراق في خطر بالغ و"التفريس" يجري على قدمٍ وساق، ولا بد من وضع حد لهذا التيار الفارسي الجارف ضد التيار العروبي في العراق والمنطقة العربية".

ويرى المحلل السياسي صابر الملا أنَّ "الوضع في العراق وصل إلى مرحلة خطيرة لا يمكن السكوت عنها، خاصةً بالنسبة للمنطقة العربية".

وتعمل في العراق أكثر من خمسين مليشيا مسلحة بدعم إيراني متواصل وبمساندة الحرس الثوري الإيراني، وتدين بالولاء التام لرجل الدين الإيراني علي خامنئي.