يوم الديربيات..التعادل في الحرب التكتيكية

28 سبتمبر 2014
لقطتين من دربي لندن والميرسيسايد
+ الخط -

يومٌ مشتعل في الملاعب الإنجليزية، يستحقّ عن جدارة لقب "يوم الديربيات"، ليفربول يصطدم بإيفرتون في ديربي الميرسيسايد، بينما واجه أرسنال توتنهام على ملعب الإمارات في ديربي شمال لندن، والمفارقة الوحيدة في الحالتين، أن النتيجة واحدة، تعادل إيجابي بهدف لكل جانب، وكأن هذه النتيجة هي العنوان الأبرز لقمم البريمييرليج هذه الأيام.

ومع الاختلافات الكبيرة في جدول البطولة المحلية، جاءت المباريات مميّزة إلى حد كبير، مع وجود بعض الملاحظات التكتيكية المهمة، الخاصة بالنزال المستمر بين مارتينيز ورودجرز في مدينة ليفربول، كذلك مواجهة الخبرة والشباب بين فينجر وبوكيتينو في عاصمة الضباب البريطانية.

ديربي الميرسيسايد
كرة القدم بمثابة فن مقابل فن، والملعب هو المسرح الذي يعرض فيه كل جانب فهمه وفكره عن اللعبة، لذلك كان ديربي الميرسيسايد عبارة عن مواجهة خاصة بين الثنائي الشاب، روبرتو مارتينيز، مدرب إيفرتون، وبراندن رودرجز، مدرب ليفربول، وجاءت نتيجة المباراة بالتعادل لتؤكد أن المواجهة كانت متكافئة إلى حد بعيد.

حيلة مارتينيز
بدأ مارتينيز السباق بالطريقة التي لعب بها مع خطة 4-3-3 صريحة، وضع الإسباني ثلاثياً صريحاً في الوسط، وجعل مهاجمه لوكاكو في وضعية أقرب للجناح الأيمن وذلك للتضييق على الظهير مورينو، والاستفادة من تقدمه للأمام ووجود مساحات كبيرة خلفه، وجاءت هذه الفكرة مناسبة طوال المباراة حتى هدف التعادل في الدقائق الأخيرة.

كذلك تمركز نايسميث كرأس حربة وهمي في العمق بين الثنائي لوكاكو وميراليس، من أجل زيادة الضغط على جيرارد، وحرمانه من التصرف بالكرة، ووضع كامل التركيز على الاستفادة القصوى من بطء قائد ليفربول، وانخفاض مستواه خلال المباريات الأخيرة بسبب عامل السن ونقص اللياقة.

رد رودرجز

استجاب براندن رودرجز لطريقة لعب إيفرتون، ووضع تكتيكاً مغايراً تماماً، مكّنه من مجاراة "التوفيز" طوال مباراة، والتقدم حتى آخر دقيقة ممكنة، بعد استخدام طريقة لعب تعتبر مزيجاً من 4-2-3-1 و 4-4-2، شكل الجوهرة، بتمركز جيرارد في الخلف، وهيندرسون مع لالانا بين الوسط والأطراف، مع دعم ماركوفيتش، لذلك واجه ليفربول ثلاثي وسط إيفرتون، برباعي قوي وأحياناً خماسي بعودة واحد من الثنائي ستيرلينج وبالوتيلي، لمنطقة الوسط الهجومي.

استحوذ إيفرتون بشكل أكبر بسبب الضغط المتّبع بعد هدف جيرارد، لكن نسبة تسديدات الليفر كانت أوضح وأكثر خصوصاً على مشارف منطقة الجزاء، بسبب السيطرة على المنطقة الحمراء، وهي المساحة الموجودة بين رباعي الدفاع ومنطقة الوسط، والتي انطلق خلالها أكثر من لاعب بالليفر، أولهم الإيطالي بالوتيلي، وبكل تأكيد آدم لالانا ليس آخرهم.

في النهاية، النتيجة تعبّر عن سير المباراة، وتوضح الفارق الكبير في مستوى الفريقين بين الموسم الحالي ونظيره الماضي، افتقد ليفربول الضغط الشديد الذي يميّزه، وضاعت خطورة إيفرتون بسبب انخفاض مستوى نجوم الثلث الهجومي الأخير، خصوصاً في المواجهات الكبيرة.

شمال لندن
وفي المقابل، تقدم توتنهام في بدايات الشوط الثاني، لكن نجوم أرسنال أنقذوا فينجر من هزيمة محققة، وكاد أن يفعلها المدفعجية في الدقائق الأخيرة، لكن دفاع توتنهام وحارس مرماه كانا في الموعد، لتنتهي قمة الشمال بتعادل إيجابي، لم يعد بالفائدة على الثنائي، بقدر ما أراح تشيلسي في صدارة الدوري وحيداً دون منافسة تذكر.

أوزيل الجديد
ظهر مسعود أوزيل بمستوى مغاير خلال المباريات الأخيرة، وتحسّن أداءه بعض الشيء، بسبب التكتيك الجديد الذي استخدمه أرسين فينجر بالديربي، بالتعاون مع الإنجليزي جاك ويلشير. حيث بدأ أرسنال المباراة بطريقة لعب 4-1-4-1، بارتكاز وحيد أمامه رباعي بالوسط، ويلشير ورامسي بالعمق، بينما أوزيل وشامبرلين على الأطراف.

هكذا اللعب على الورق، لكن في الملعب كل شيء مختلف، لأن أوزيل يدخل أكثر في عمق الملعب، بينما يتحوّل ويلشير، لاعب الوسط، إلى الأطراف ليصبح جناحاً أيسر صريحاً، في تبادل رائع للمراكز. وتحرّك أوزيل كثيراً في الثلث الهجومي الأخير، كصانع لعب وهمي أو False 10 أي اللاعب الذي يتمركز في العمق أمام الوسط، ويصعد داخل منطقة الجزاء خلف المهاجم الصريح.

توتنهام مختلف
تدريبات فرق مارسيو بوكيتينو تمتاز بشيء مختلف، السير على الرمال الساخنة، من أجل ضغط أكبر وركض أقوى داخل الملعب، لذلك تمتاز هذه الفرق بالسرعة في التحولات والقدرة على الضغط العالي من أول الملعب لآخره، بالإضافة إلى السرعة الهائلة في إنهاء الهجمات داخل المرمى.

توتنهام الحالي لا يعتبر فريقاً دفاعياً بحتاً، ولا هجومياً بامتياز، لا يجيد الاستحواذ المنظّم، لكنه قاتِل جداً أثناء الضغط، ويجبر المنافس دائماً على استخدام تركيبات هجومية مختلفة.

لذلك لعب توتنهام في الديربي بهذه الاستراتيجية، إغلاق كافة المناطق أمام مرماه، ومن ثم اللعب بضغط عالٍ عند الحاجة، ونجح الفريق بوجود ثنائية المحور، ماسون وكابويه، مع اللعب بوسط ثالث في الثلث الهجومي الأخير، في الخروج من ملعب الإمارات دون هزيمة.

الدواء من أصل الداء
يلعب أرسنال بطريقة لعب 4-1-4-1، هي خطة هجومية بعض الشيء، وتوفر عدداً كبيراً من اللاعبين أمام منطقة جزاء المنافس، لكن الدفاع يعاني كثيراً بسبب وجود لاعب واحد فقط بمنطقة الارتكاز الخلفي، لذلك تسبّب ماتيو فلاميني في هدف توتنهام، بسبب البطء في التعامل مع الكرة، وعدم وجود لاعب مساند له ينقذه في حالة المرتدات.

أرسين فينجر مدرب يعرف كيف يتعامل مع اللاعبين الشبان، لكنه يهمل تماماً منطقة الارتكاز الدفاعي خلال المباريات الكبيرة، وهذا الأمر يسبب مشاكل عديدة للمدفعجية، ويعتبر بمثابة الداء الذي يصيب أرسنال في مقتل خلال لقاءات لا تعرف القسمة على اثنين.

ولكن يأتي الدواء هذه المرة من الداء، حيث اللعب بارتكاز وحيد فقط في الخلف، سمح لأرسنال بالهجوم بأكثر من عنصر أمام دفاعات أصحاب الأرض، وجاء هدف التعادل بهذه الطريقة، تسديدة طائشة، ينتظرها ثنائي داخل منطقة الجزاء، ويلباك يفشل، لكن تشامبرلين يحوّلها في الشباك معلناً عن تعادل إيجابي في ديربي الشمال اللندني، لكن ما زالت مشاكل أرسنال الدفاعية بلا حل، أما توتنهام فما زال تائهاً بين ضغط بوكيتينو ودوامة الفشل في السنوات الماضية.