يوسف كاتب أوغلو: الدولار بأقل من 5 ليرات تركية قبل نهاية 2019

10 مارس 2019
يوسف كاتب أوغلو عضو جمعية رجال الأعمال الأتراك(العربي الجديد)
+ الخط -
قال يوسف كاتب أوغلو الخبير الاقتصادي التركي وعضو جمعية رجال الأعمال الأتراك في حوار مع "العربي الجديد" إن وفداً تركياً يزور الدوحة حالياً بهدف الترويج لمشروعات استثمارية تتم إقامتها في تركيا خاصة في قطاع العقارات.

وتوقع كاتب أوغلو تحسناً في سعر الليرة مقابل الدولار، وبنى هذه التوقعات على مؤشرات من أبرزها زيادة إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، خاصة من قطاعات الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية، وكذا تراجع فاتورة استيراد الطاقة، التي تعد الأضخم في فاتورة الالتزامات الخارجية المستحقة على البلاد، حيث تستورد البلاد نحو 90% من احتياجاتها من الطاقة.

وأشار الخبير الاقتصادي التركي إلى وجود حرب اقتصادية شرسة يتعرض لها اقتصاد بلاده من وقت لآخر، مؤكدا أن من أدوات هذه الحرب استخدام شائعات حول أداء الاقتصاد الذي أكد أنه قائم على أساسيات كفيلة بالمواجهة.

وردا على ما يردده البعض من أن اتفاقية لوزان المبرمة في العام 1923 تمنع تركيا من التنقيب عن النفط والغاز، قال إن الاتفاقية لا تنص على ذلك، وقدم دليلاً على ذلك ببدء تركيا في التنقيب عن الغاز والنفط في منطقة شرق البحر المتوسط وإرسال سفينتين لهذا الغرض.

وإلى نص الحوار:

ــ ما سبب زيارتكم الدوحة؟

منذ نهاية الأسبوع الماضي بدأ وفد مالي تركي برئاسة رئيس بنك الزراعات التشاركي زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة بهدف ترويج مشروعات جديدة تتم إقامتها في تركيا خلال الفترة المقبلة خاصة في قطاع العقارات، وجذب استثمارات من منطقة الخليج خاصة لقطاعي العقارات والصناعة التركيين، والرد على أسئلة المستثمرين حول مؤشرات الاقتصاد التركي الأخيرة.

وقد التقينا خلال الزيارة بعدد من رجال الأعمال القطريين وممثلين عن الجاليات العربية، ورددنا على كل الأسئلة خاصة المتعلقة بكيفية الحصول على الجنسية التركية بالنسبة للجاليات.

ونتيجة الزيارة ممتازة حيث تلقينا وعوداً باستثمارات تقدر بنحو 500 مليون دولار يتم ضخها في تركيا خلال الفترة المقبلة، وقد تم ترتيب الزيارة التي تستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري بالتعاون مع وكالة الدعم وتشجيع الاستثمار التركية والسفارة التركية بالدوحة.


- لكن هل رددتم على الأسئلة المتعلقة بالمؤشرات السلبية الأخيرة للاقتصاد التركي مثل زيادة معدل التضخم وفوبيا الليرة؟

نعم رددنا على كل الأسئلة وبالأرقام والوقائع، وقلنا إنه بالنسبة للتضخم فإن المؤشرات الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي التركي تؤكد تراجع المعدل لأقل من 20%، حيث بلغ المعدل 19.67% نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، وهناك خطة لدى البنك المركزي لدفع معدل التضخم نحو التراجع.

كما أوضحنا للمستثمرين الذين ألتقينا بهم أن قوة الاقتصاد التركي والاحتياطيات النقدية القوية ونسبتها إلى الدين العام وحجم الناتج القومي كفيلة بتحقيق هدف خفض التضخم، خاصة مع زيادة إيرادات السياحة والصادرات والاستثمارات المباشرة.

أما بالنسبة لليرة فقد تحسنت خلال الفترة الماضية، فبعد أن وصل الدولار إلى 7.23 ليرات في أغسطس/آب الماضي، تراجع سعره إلى 5.3 ليرات حاليا، وهناك توقعات بتراجع العملة الأميركية إلى ما بين 4.6 و4.9 ليرات قبل نهاية 2019.

- وماذا عن الدين الخارجي وما يشكله من أعباء على الاقتصاد؟

حجم الدين الخارجي لتركيا يبلغ 480 مليار دولار منها 210 مليارات مستحقة على الحكومة والباقي مستحق على القطاع الخاص، وهذا الدين مقبول إذا ما تمت مقارنته بحجم الناتج القومي لتركيا والبالغ أكثر من 870 مليار دولار.

كما أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي تبلغ 47% فقط وهي نسبة مريحة ولا تشكل خطرا على الاقتصاد، ولا ننسى أن تركيا لديها احتياطي من النقد الأجنبي يفوق 100 مليار دولار، وهو مبلغ كاف لتغطية أقساط الديون الخارجية وأي أعباء خارجية أخرى، كما أن بحوزة تركيا 565 طنا من الذهب وهو ما يجعلها تحتل المركز العاشر بين الدول في حيازة الذهب.


- هل معنى ذلك أنه لا توجد أزمة جوهرية في الاقتصاد التركي؟

نعم لا توجد أزمة تتعلق باساسيات الاقتصاد، والدليل أننا لم نسمع عن إفلاس أو تعثر مصرف تركي من بين الـ 26 بنكا العاملة في السوق منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في العام 2002 رغم إفلاس 19 بنكا في العام 2001 وحده.

كما لم يتم إيقاف مشروع استثماري واحد إبان الأزمة العنيفة التي تعرض لها الاقتصاد التركي في صيف العام الماضي، ولم تنسحب شركة استثمارية أجنبية واحدة من تركيا عقب الحرب الاقتصادية الشرسة التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاقتصاد التركي في شهر أغسطس/آب 2018.

بل إن المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها بنظام BOT تواصل عملها، وكذا الحال بالنسبة للمشروعات القومية الكبرى مثل قناة إسطنبول والمطار الجديد وغيرها.

وأكبر دليل على عدم وجود أزمة جوهرية هو استمرار تدفق الاستثمارات المباشرة على البلاد وزيادة الإيرادات من قطاعات حيوية مثل السياحة والصادرات، وتدفق الأموال على قطاع العقارات خاصة مع ميزة الحصول على الجنسية التركية مقابل شراء عقار بـ 250 ألف دولار أو أيداع 500 ألف دولار في أحد البنوك التركية لمدة 3 سنوات.

وتركيا باتت تجذب 30 مليون سائح سنويا، والحكومة وضعت خطة لاستقطاب 70 مليون سائح، وتحقيق إيرادات بـ70 مليار دولار من القطاع السياحي بحلول 2023.

أيضا من الأمور الإيجابية زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على البلاد، فتركيا جذبت 1.2 مليار دولار خلال 20 سنة (1982 – 2002).

وخلال الفترة من 2002 وحتى 2007 تم جذب 57 مليار دولار، ومن 2002 - 2014 وعقب تولي حكومة العدالة والتنمية تم جذب 134 مليار دولار، وفي الفترة من 2002 وحتى 2018 تم جذب 201 مليار دولار، وهو ما يعني ثقة المستثمرين في حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة.


- إذن ما مشكلة الاقتصاد التركي حاليا؟

المشكلة أنه يتعرض لحرب اقتصادية شرسة وشائعات تطلق من وقت لآخر، وللأسف بعض الشائعات تنطلق من دول الخليج، لكن هذه الحرب بدأت تتراجع تأثيراتها خاصة مع قوة وصمود الاقتصاد التركي وحجم التدفقات النقدية المتوقعة.

فمطار إسطنبول الجديد الذي يعد الأكبر في العالم سيدر 40 مليار دولار للخزانة العامة للدولة منها 14 مليار دولار في المرحلة الأولى، وقناة إسطنبول ستحقق للخزانة إيرادات بين 45 و50 مليار دولار.

وتركيا ستصبح لاعبا رئيسيا في مجال الملاحة الدولية والسكك الحديدية الدولية ونقل البضائع خاصة مع مشاركتها في مشروع طريق الحرير الصيني العملاق.

ومع دخول تركيا نادي إنتاج الطاقة النووية السلمية فإن إيرادات أخرى ستتحقق للخزانة العامة، ومن كل هذه الإيرادات ستتم تغطية العجز في الموازنة.

كما أن عمل السلطات التركية على خطة الاكتفاء الذاتي من الصناعات العسكرية والوقود سيدعم قوة الاقتصاد، بشكل عام تركيا بحاجة إلى ما بين 3 و4 سنوات لمعالجة كل هذه المشكلات، ورغم ذلك فإن البلاد جاهزة لمواجهة أي حرب اقتصادية مقبلة.


- على ذكر الطاقة.. هل صحيح أن معاهدة لوزان التي تم توقيعها في 24 يوليو/تموز 1923 تحظر على تركيا التنقيب عن النفط والغاز حتى العام 2023؟

هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق رغم ترديده في مواقع إخبارية تركية وأجنبية، والدليل أن تركيا بدأت بالفعل التنقيب عن النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، وتعمل بجدية في هذا المجال خاصة أنه يسد حاجة البلاد المتزايدة من الطاقة والتي تتم تغطيتها حاليا من خلال الاستيراد.

كما طالبت أنقرة الدول المطلة المعنية بترسيم الحدود البحرية، ومعاهدة لوزان تتعلق بتنظيم المرور في الممرات المائية الدولية وإعادة ترسيم الحدود مع بعض الدول، ولا تفرض قيودا على تركيا بشأن التنقيب عن الطاقة.

- هل مازالت الطاقة تعد مشكلة الاقتصاد التركي الأولى؟

تركيا تستورد نحو 90% من احتياجاتها من الطاقة والـ10% تتم تغطيتها عبر إنتاج النفط في الحدود الجنوبية، والاستيراد يتم تنويع مصادره، حيث يتم استيراد النفط والغاز مثلا من روسيا والعراق وقطر والجزائر واذربيجان، وقيمة الاستيراد تمثل ارهاقا للموازنة العامة.

لذا فإن تركيا لديها خطة للاكتفاء الذاتي من الطاقة عبر التوسع في تأسيس مشروعات الطاقة البديلة سواء الشمسية أو الرياح والمياه الحارة من باطن الأرض، وكذا عبر مشروعات الطاقة النووية السلمية وتأسيس 3 مفاعلات نووية منها اثنان مع روسيا.

وتركيا تدعو دوما القطاع الخاص للاستثمار في الطاقة، وهناك مشروع للطاقة البديلة يتم تنفيذه مع شركة سيمنس الألمانية بكلفة مليار دولار.

المساهمون