يرجع تاريخ البحث عن المدينة المثالية في العصور القديمة؛ إلى جمهورية أفلاطون وقبله إلى أعمال المعماري الإغريقي هيبوداموس في القرن الخامس قبل الميلاد.
لكن مصطلح "اليوتوبيا" (الذي يعني حرفياً "في أي مكان")، اخترعه توماس مور في القرن السادس عشر. في عمله "يوتوبيا"، حيث قدّم عالماً جديداً، مدينة مثالية، باعتبارها "أفضل دستور للجمهورية"، بانياً كلّ مقولته على نقد المجتمعات في زمانه وواضعاً تصوّراً لمجتمع مثالي، لا بدّ أن يعبر من العمارة والتخطيط المديني قبل أن يتحقق.
وبما أن لكلّ عصر يوتوبيا، فإن أبرز ما حدث في هذا السياق بعد الثورة الصناعية مباشرة كان فكرة الكفاءة في البناء وتغيّر مساحة وموقع البيت بالنسبة إلى المدينة ككل، وظهرت أسماء لديها مشاريع تغيير جذرية مثل لوكوربوزييه وتوني غارنييه ووالتر غروبوي.
ثم وبعد عقود قليلة من الثورة الصناعية ظهرت اليوتوبيا على شكل العمارة البيئية، والعمارة والتنمية المستدامة، والعمارة وإعادة إدماج العشوائيات.
المحاضرة التي يلقيها الباحث المتخصّص في تاريخ الفن والناقد الصحافي الفرنسي سيتفان كورنيك، تأتي تحت عنوان "صيغ اليوتوبيا في العمارة والتصميم"، وتبدأ من حيث بدأت الثورة الصناعية في العالم، ويبحث في نتائجها على العمارة عند الثامنة من مساء الخميس، 29 من الشهر الجاري في مكتبة "إم مي 2" في باريس وبالتعاون مع فضاء "كلمات وفنون".
يرى كورنيك أن الإنسان مع بداية الثورة الصناعية اندفع في زخم الإنتاج المطابق لمقاييس متفق عليها، وأن هذا أثّر على العمارة حيث بدأ المعماري يسعى إلى إعادة اختراع المدينة، كما يقول في بيان المحاضرة.
وفي الاندفاع المجنون الذي تلا الثورة الصناعية وطغى على القرن العشرين، وُضعت نظريات جديدة وابتكرت أساليب وأدوات أثّرت في مفاهيم العمارة التي عاشت لقرون وغيّرت وبدلّت فيها، وهذه هي المحطات والمنعطفات التي يقف عندها المحاضرة وصولاً إلى شكل اليوتوبيا كما نفهمه اليوم في عصر أصبح بالإمكان ممارسة العمارة فيه بطابعة ثلاثية الأبعاد.