في الوقت الذي تكثّف فيه إسرائيل جهودها لمواجهة "حركة المقاطعة الدولية" (بي دي أس)، حذّرت قيادات يهودية أميركية حكومة بنيامين نتنياهو، أن حملاتها ضد الحركة، أسهمت في ابتعاد الشباب اليهودي الأميركي عن إسرائيل.
في السياق، قال رئيس "الفيدرالية اليهودية" في مدينة لاس فيغاس الأميركية، جاي سندرسون، إن "نفوراً واضحاً يسود الشباب اليهودي في الولايات المتحدة، خصوصاً طلاب الجامعات، بفعل الخطوات المكثفة والعدائية التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية ضد بي دي أس، مما جعل هذه الخطوات بمثابة وصفة للتسبّب بمزيد من الأضرار".
وأضاف سندرسون أن "الحكومة الإسرائيلية استثمرت كثيراً في مواجهة القرارات، التي اتخذتها النقابات الطلابية في ولاية كاليفورنيا بشأن مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، على الرغم من أن هذه القرارات لا تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي والتجارة الخارجية" للكيان الصهيوني.
واستدرك سندرسون قائلاً إن "الاهتمام الإسرائيلي ببي دي أس، وتعمّد حكومة نتنياهو تخصيص موارد لمواجهتها، خدم تحديداً النخب الأميركية الشابة التي تقف وراء أنشطتها". كما شدّد على أن "استثمار إسرائيل موارد كبيرة من أجل تقريب الطلاب اليهود في الولايات المتحدة إليها، وضمان عدم تأثرهم بدعوات بي دي أس لم يثبت فاعليته"، مشيراً إلى أن "إسرائيل لم تعد المحرك الأساس لمضامين الهوية اليهودية للطلاب اليهود في الولايات المتحدة، الذين يرون إسرائيل بشكل أكثر تعقيداً مما تحاول حكومة تل أبيب تبسيطه".
اقرأ أيضاً: حملات المقاطعة العالمية ترعب إسرائيل... وبلير حاضر للرد
في هذا الإطار، رأى سندرسون أن "ما يجهله قادة إسرائيل هو أن الحرص على أنماط الحياة اليهودية، لم يعد عنصراً أساسياً في شخصية الشباب اليهودي الأميركي"، موصياً بـ"الاستثمار بمحاولة ربط هؤلاء الشباب بجذورهم اليهودية، قبل محاولة إبعادهم عن بي دي أس". واعتبر أن "تعمّد نتنياهو تحدّي الرئيس الأميركي باراك أوباما، وإصراره على إلقاء خطاب أمام الكونغرس، العام الماضي، أسهم فقط في تعزيز الشعور بالعزلة لدى الشباب اليهودي الأميركي، الذين يُعدّون كمصوتين تقليديين للحزب الديمقراطي". مع العلم أن تقارير إسرائيلية اكدت أن اليهود يشكلون الأغلبية الساحقة من أعضاء "بي دي أس" في ولايات أميركية، لاسيما إيلينوي.
يُذكر أن الحكومة الإسرائيلية قد خصصت أخيراً 25 مليون دولار لتمويل حملة واحدة ضد "بي دي أس". وذكرت صحيفة "ميكور ريشون"، أن "جزءاً من المبلغ مخصص لتمويل عمليات استخبارية، تقوم بها الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية لجمع معلومات عن أنشطة بي دي أس، والذين يقفون خلفها".
في سياق متصل، تحوّلت مواجهة "بي دي أس" إلى مجال للمزايدات بين السياسيين الإسرائيليين في الحكومة والمعارضة. وقد نسب كل من رئيس حزب "ييش عتيد" المعارض، وزير المالية يئير لبيد، ونتنياهو "الفضل لنفسهما" في القرار الذي اتخذته بلدية لندن، بإزالة لافتات تندد بإسرائيل قام نشطاء "بي دي أس" بتثبيتها على جدران محطة للقطارات الأرضية.
فقد قال لبيد إنه "قد تم رفع اللافتات بعد أن اتصل بصديقه رئيس بلدية لندن، بوريس جونسون"، بينما كذّب نتنياهو لبيد، بالقول إنه "قد تم رفع اللافتات بعد أن أوعز لوكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي دوري غولد، الذي كان يتواجد في لندن في ذلك الوقت بالاحتجاج عليها". وفي ظلّ هذا التضارب، أفاد رفيد أنه "بعد التواصل مع مكتب جونسون، تبيّن أن لبيد لم يجر أية اتصالات معه"، كاشفاً أنه "تمّت إزالة اللافتات قبل أن يتدخل نتنياهو".
اقرأ أيضاً: حركة "المقاطعة" تُطيح شركة "فيوليا"