يصبرون على آلامهم في شمال غرب سورية

19 مايو 2020
خطر يهدد حياة بعض المرضى (عز الدين إدلبي/ الأناضول)
+ الخط -
مع وقف تركيا إدخال كثير من الحالات الطبية من الشمال السوري إلى مستشفياتها، لاحتواء انتشار فيروس كورونا الجديد، يعاني بعض المرضى من دون قدرة على فعل شيء.

والد الطفل السوري عبد الرزاق ديب، يقول لـ"العربي الجديد": "لم نتمكن بالرغم من المحاولات طوال شهرين، من إدخال ابني الذي شارف على فقد بصره، إلى تركيا للعلاج، بعد فشل عملية جراحية له في إدلب". يؤكد أنّه لجأ للمسؤولين على الجانب السوري وللمنظمات الإنسانية وأهل الخير، لكن من دون جدوى، فيما ابنه يفقد بصره تدريجياً أمامه، من دون أن يتمكن من فعل شيء.



تعرض الطفل ديب في شهر فبراير/ شباط الماضي، أثناء الحملة العسكرية على إدلب وقصف الطيران الحربي بالقرب من منزله، لإصابة أفقدته مع الزمن، الرؤية بعينه اليمنى، قبل أن تتأثر عينه الثانية وتتراجع فيها الرؤية. ويقول الوالد: "جرى تحويل ابني إلى تركيا من قبل الأطباء لكن لم نتمكن من الدخول من أجل العلاج بسبب إغلاق المعابر بعد تفشي فيروس كورونا، والطفل معرض لفقد بصره بشكل تام إن لم يعالج في مركز متخصص سريعاً".

يؤكد مدير العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى، مازن علوش، أنّه في ما يتعلّق بالمرضى الذين حصلوا على دور للسفر خلال الفترة الماضية "سيتم تحديد موعد جديد لهم عند استئناف السفر، ولا داعي لمراجعة مكتب التنسيق الطبي لإجراء المقابلة حالياً".

من جهته، يقول مدير مستشفى دار الاستشفاء، بمدينة الريحانية التركية، ياسر السيد لـ"العربي الجديد": "يقتصر عملنا على العلاج الفيزيائي وإصابات البتر والحالات الساخنة المتعلقة بهذا الاختصاص، لكن بعد إغلاق المعبر، لم تعد جميع الحالات تدخل إلى تركيا، إلا ما هو حرج منها، وبعد وساطات مع الوالي أو وزارة الداخلية". ويشير السيد إلى أنّ القاعدة العامة في تحويل الحالات المرضية إلى مستشفيات تركيا هي عدم توفر علاج في المناطق المحررة، شمالي غرب سورية، أو الحالات التي تزيد تكاليف علاجها عن ألف دولار أميركي، أو حينما يصل المرض إلى الخطر على الحياة. ويشير إلى أنّه قبل انتشار كورونا، كان يدخل أكثر من 30 مريضاً يومياً للعلاج في تركيا.

تواجه المنظمات الإغاثية السورية عدم استجابة من الجانب التركي، لإدخال الحالات الطبية الحرجة حتى. يقول رئيس فريق الاستجابة الإغاثية، مصطفى نعسان، لـ"العربي الجديد": "تلبى بعض الحالات الحرجة جداً، في حين لا نلاقي استجابة لحالات كثيرة لا يمكن علاجها في الداخل السوري". ويلفت نعسان: "نحصل على تقييم الحالة من الأطباء في الداخل، لكن لا يعتد بها خلال هذه الفترة بسبب كورونا، ولا أحد يعرف متى ينتهي الوباء، بالإضافة إلى أنّ الإصابات به في مناطق المعارضة محدودة وتكاد تكون معدومة". يضيف: "منذ شهرين نعاني من عدم القدرة على إدخال المرضى، بالرغم من أنّ بعض الحالات خطرة، ولم نتمكن طوال تلك الفترة من إدخال سوى 11 حالة".

وتابعت "العربي الجديد" أساليب إدخال المرضى السوريين إلى المستشفيات التركية، فتبين أنّ اللجنة التركية السورية المشتركة، تتولى الدور الأهم في مساعدة السوريين خلال هذه الفترة. من جهته، يقول عضو اللجنة التركي، جلال ديمير، إنّ إدخال المرضى خلال هذه الفترة يندرج تحت إطار الاستثناءات من الوالي أو وزارة الداخلية: "نحن نتواصل مع الجهتين، لكن لا استجابة إلا بخصوص بعض الحالات". يتابع: "من المرجح أن تخفف تركيا إجراءات إقفال الحدود، بعد عيد الفطر، بالتزامن مع الانفتاح التركي الداخلي، خصوصاً أنّها لم تغلق حدودها بالكامل، لكنّ عدد الحالات المرضية الكبير يحتاج إلى تنسيق بالترافق مع الخوف من كورونا".

وكان معبر باب الهوى قد أُغلق أمام حركة المسافرين والحالات المرضية، في 13 مارس/ آذار الماضي، كإجراء احترازي اتخذته تركيا لمواجهة فيروس كورونا الجديد. وحدّت الإجراءات التي اتخذتها سلطات المنافذ الحدودية التركية، من أعداد المرضى الذين يمكن إدخالهم من سورية لتلقي العلاج، ولم تدخل خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، سوى 15 حالة، وفقاً للمكتب الإعلامي لمعبر باب الهوى.



وبحسب أرقام معبر باب الهوى، على الحدود السورية - التركية، دخل نحو عشرة آلاف مريض، لتلقي العلاج في تركيا خلال العام 2019. وشهد يناير/ كانون الثاني الماضي دخول نحو ألف و100 مريض بحالة غير حرجة، و658 آخرين بحالة حرجة، قبل أن يتم التشدد من الجانب التركي، منذ مارس/ آذار الماضي.