انضمت فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى القوى السياسية المغربية التي تدفع في اتجاه إبعاد وزارة الداخلية عن الإشراف عن الانتخابات المنتظر تنظيمها في 2021، وذلك بعد أن طالبت بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات بمقتضى قانون يصدر عن البرلمان.
وطالبت فيدرالية اليسار الديمقراطي، في مذكرة سلّمتها إلى وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، بأن تتشكل اللجنة الوطنية المستقلة للإشراف على الانتخابات القادمة من أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والاستقامة، وتضم في عضويتها الأحزاب السياسية والنقابات والهيئات المهنية، وتنبثق عنها لجان فرعية على مستوى العمالات والأقاليم للإشراف على مختلف المراحل الانتخابية.
وقالت الفيدرالية، في المذكرة التي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منها: "وحتى لا تبقى العملية الانتخابية عرضة لشبهة التزوير وغياب المصداقية والنزاهة خاصة في ظل الترسبات التاريخية للتلاعب بإرادة الناخبين وصناديق الاقتراع خلال المحطات السابقة، وحتى لا تبقى الانتخابات في بلادنا متخلفة عن مسايرة التوجه الدولي الديمقراطي في تدبير الانتخابات عبر تشكيل لجان مستقلة ومحايدة للإشراف على الانتخابات وإدارتها (أكثر من 80 في المائة من الدول اعتمدت هذه الآلية)، فإن أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي ترى راهنية إحداث هذه الآلية الآن أكثر من أي وقت مضى".
وتأتي مطالبة الفيدرالية في وقت عاد فيه ملف الإشراف على الانتخابات إلى واجهة النقاش السياسي في المغرب، بعد أن دعت أحزاب المعارضة البرلمانية، أخيرا، إلى تقليص دور وزارة الداخلية في تدبير الاستحقاقات الانتخابية، وتشكيل لجنة وطنية، يترأسها قاضٍ، للإشراف عليها.
وبدا لافتاً، قبل أيام من استئناف الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارة الداخلية والأحزاب المغربية، تحضيراً للانتخابات المنتظر تنظيمها في 2021، دعوة أحزاب "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" و"التقدم والاشتراكية"، إلى تشكيل لجنة وطنية للانتخابات يترأسها قاضٍ، تكون مكلفة بالتنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، وذات طابع مختلط، إذ تتكون بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الممثلة في البرلمان، من ممثلين عن الحكومة والسلطة القضائية، وتكون بمثابة آلية للتشاور والإعداد والتتبع، على أن تتكلف الحكومة بالتدبير الإداري للانتخابات.
من جهة أخرى، طالبت فيدرالية اليسار الديمقراطي، المكونة من أحزاب الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، بإلغاء نظام العتبة "للمساهمة في تقاسم المقاعد باعتباره النظام الذي يضمن المساواة بين الأحزاب ويعطي لكل ذي حق حقه ويضمن التعددية الحزبية؛ وإدماج كل الحساسيات السياسية والشرائح الاجتماعية داخل المؤسسات، ويقلص من إفساد العملية الانتخابية".
وتعتبر العتبة الانتخابية، والبالغة حالياً 3 في المائة، هي الحد الأدنى من الأصوات المحصّلة في الانتخابات البرلمانية، وهو ما يشترط القانون على كل حزب تأمينه حتى يتمكّن من الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في أي دائرة انتخابية. وبالتالي، فإنّ الحزب الذي يحصل على أقل من هذه العتبة، لا يُسمح لمرشحيه بدخول المنافسة للفوز بالمقاعد.
ويبدو لافتاً، في سياق التحضير لانتخابات 2021، وجود اتجاه قوي داخل أحزاب المعارضة، نحو دفع باقي الفرقاء إلى الاتفاق على إلغاء العتبة أو على الأقل تخفيضها، بحجة أن ذلك سيساهم في توسيع تمثيلية الأحزاب السياسية داخل البرلمان، وتوسيع دائرتها كذلك، وذلك عبر فسح المجال أمام دخول الأحزاب الصغرى.
وترى أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التقدم والاشتراكية) أن تخفيض أو إلغاء العتبة الانتخابية يعدّ مطلباً ضرورياً وملحّاً في الديمقراطيات التي تتيح لجميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية من دون سقفٍ محدد أو عتبة تضع شروطاً للمشاركة وقبول الأصوات. وفي حال اعتماد إلغاء العتبة، فإن ذلك سيمكّن من تمثيل مكونات سياسية لها دورها ورمزيتها في البرلمان، من أبرزها فيدرالية اليسار الديمقراطي الممثلة حالياً من خلال برلمانيين اثنين، وحزب التقدم والاشتراكية، الذي فقد كتلته النيابية في الولاية التشريعية الحالية، ويشتغل بمجموعةٍ نيابية
وبالإضافة إلى المطالب السابقة، طالبت الفيدرالية، في مذكرتها، بإجراء الانتخابات في يوم غير يوم الجمعة خلال شهر مارس/ آذار أو إبريل/ نيسان، وكذلك بإفراد لائحة وطنية للنساء مــع الزيادة في عدد مقاعدها لتصل إلى ثلث مقاعد مجلس النواب.
وينتظر أن يعيش المغرب في عام 2021 سنة انتخابية بامتياز، حيث سيتم خلالها تجديد كلّ المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان.
واستباقاً للاستحقاقات المقبلة، تطالب قيادات الأحزاب المغربية بضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة في البلاد، من خلال إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة، وذلك بالموازاة مع مناقشة تفاصيل تنظيم الانتخابات المقبلة.
وترى تلك القيادات أن إنجاح العملية الانتخابية، في ظل وجود أزمة ثقة، وعزوف المغاربة عن العمل السياسي، يقتضي بدرجة أولى إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة قبل الانتقال إلى مناقشة كيفية تنظيم الانتخابات.