عند الثانية من بعد ظُهر اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلّي، شُيّعت جنازة الشاعر الفلسطيني الدنماركي يحيى حسن (1995 - 2020) في الجزء المخصَّص للمسلمين في "مقبرة فيستري" بحي آرهوس، في منطقة جوتلاند ثاني أكبر مُدُن الدنمارك؛ حيثُ وُلد وعاش.
ورغم إجراءات التباعد الاجتماعي ومنع التجمّعات بسبب تفشّي فيروس كورونا، شارك في مراسيم التشييع بضع مئات، مِن بينهم أفراد عائلته وأصدقائه ووجوهٌ من الوسط الثقافي والسياسي في الدنمارك، إضافةً إلى رجال الأمن، كما تابعها الآلاف عبر الإعلام ومنصات التواصل.
وحمل تابوتَ الشاعر الراحل عددٌ من أقاربه وأصدقائه، حيث رُفع العلم الفلسطيني، وأقام صلاةَ الجنازة خال الراحل، وهو إمامٌ في أحد مساجد المنطقة.
وعُثر على يحيى حسن متوفّياً في شقّته في حي "آرهوس5" صباح الخميس الماضي، وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره. وأثار رحيلُه المفاجئ اهتماماً إعلامياً كبيراً في الدنمارك وخارجها، بينما قالت الشرطة إنه لا يوجد دليلٌ على أنَّ الوفاة مرتبطةٌ بعملٍ إجرامي.
وُلد يحيى حسن في 19 أيار/ مايو 1995 في الحيِّ نفسه، لوالدَين فلسطينيَّين هاجرا إلى الدنمارك في الثمانينيّات من لبنان (العائلة من قرية لوبيا المهجرة القريبة من طبريا في فلسطين المحتلة)، لكنهما انفصلا حين كان في السابعة من عُمره. وحين بلغَ الثالثة عشرة أُبعد عن المنزل إلى إصلاحية لتقويم الأحداث.
في حياته القصيرة، نشَر حسن مجموعتَين شعريّتَين؛ الأولى بعنوان "يحيى حسن" (2013)، لقيت اهتماماً إعلامياً ونقدياً منقطع النظير، وكانت أكثرَ المجموعات الشعرية مبيعاً في تاريخ الدنمارك؛ إذ بيع منها أكثر من 120 ألف نسخة، كما أصبح صاحبُها نجماً لا يغيب عن وسائل الإعلام هناك.
وفي الخريف الماضي، أصدر مجموعته الثانية "يحيى حسن2" التي حازت إعجاب النقاد، وجرى ترشيحها لـ "جائزة مجلس الشمال للآداب". وتدور معظم قصائد المجموعتَين حسن حول نشأته، وتتطرّق إلى مواضيع إشكالية؛ مثل المهاجرين، والعنف، والاعتداءات، والسجن، والمخدّرات والأمراض العقلية.
يصف نقّاد أعماله الشعرية بأنها "واقعيةٌ واجتماعية، وتنقل الحقيقة كما هي" لكنها "تتجاوز هذا نحو سحر خاص". وإنْ كانت أعمال حسن – الذي كان من أوائل الأصوات الدنماركية التي صوّرت الحياة في بيئة الأقلّيات - قد لفتت الأنظار إلى "المجتمعات الموازية" في البلاد، فقد فتحت الباب – من جهةٍ أُخرى – للعديد من الأسماء الأدبية من أًصولٍ مهاجرة التي أصدرت أعمالاً أدبية ما كانت لتنال الاهتمام الذي نالته لولا وجود يحيى حسن.
مِن جهةٍ أُخرى، توالت الدعوات في الأيام الأخيرة إلى إطلاق اسم الشاعر الراحل على أحد الشوارع في آرهوس. وقال مستشار الثقافة والخدمة المدنية في البلدية، ربيع آزاد أحمد، إنه ينبغي تسمية شارعٍ في المدينة باسم يحيى حسن للإشادة بأحد أكثر الدنماركيّين إنجازاً في الآونة الأخيرة، مُضيفاً في تصريحاتٍ صحافية، بأنّ من حسن كان صوتاً متفرّداً وهامّاً في المدينة سيفتقده الكثيرون، وبأنه أظهر كيف يمكن للثقافة أن تطرح قضايا اجتماعية وسياسية مهمّة للنقاش.