يا أبتي

28 يناير 2016
هم يا أبتي... جعلوا البئر قبراً (فرانس برس)
+ الخط -
يا أبتي...
إني أراني أعصر فوق
رؤوس جميع العربِ خمرا
ألم تر طيرهم فوقنا صافاتٍ
ترمينا الحجر فوق الحجرا؟
قلّبتُ كتبَ التاريخ كلها ولم
أجد خنجراً إلّا وغمده العهرا


أبتي...
هل تسمعُ صوتي؟

يا أبتي
الطائراتُ تُحلّقُ فوق حيّنا
وتوقظُ العصافيرَ وتوقظُ الفجرا
الطائراتُ ترمي البراميلا
ولحمي يملأُ حيطان المدينة
وحجارة بيتنا تهدّمتْ
فصارت من القصفِ بئرا
هم رموني فيه قتيلا
هم جعلوا البئرَ قبراً... يا أبتي

أبتي...
أمي هناكَ... هناك
وسقفُ بيتنا ينامُ على صدرها
وأسرابُ الذباب تئزُّ فوق جرحها
وتغتصبُ دمها جهرا

يا أبتي...
ثلاثٌ عجافٌ وإخوتي يخزنون السنابل
في صوامعهم
في أبراجهم
في حماماتهم
في غرف نومهم
ويشتكون موتنا
أن سماءنا لا تسقينا المطرا
وأنّا لا نأكل طعامَ المزابل
وأنّأ نقرفُ طبخَ الدودِ
وأنّا لا نربطُ معدتنا حصاةً وحجرا
ويشتكون موتنا
أنّا لا نأكلُ الشعرا
لنقرفَ الطعام ونقرف العمرا
ويقولون لنا:
القططُ والكلابُ تسيرُ في الأزقةِ كالقوافل
فلِمَ تموتون جوعاً؟
ووجوهكم تشحبُ وتزدادُ صُفرا

أبتي...
هم لا يسمعون صوتي
هل تسمعُ صوتي؟
أنا ليس لي إخوة!
أنا ولدتُ يتيماً مجبراً لا قدرا
هم اتهموني أني أخوهم
وسجّلوا اسمي بالنفطِ وسمموا الحبرا
ورموني في البئر قتيلا

هم يا أبتي...
جعلوا البئر قبرا

(سورية)
المساهمون