ويمسي التطبيع مختلفاً عليه

14 يناير 2015
لا بد من الحرص على عدم شرعنة الكيان الصهيوني(Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تتشبث فيه قوى شبابية أردنية في مجابهة ومواجهة كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، ظهر خلال العامين الماضيين جدل في أوساط ناشطين سياسيين أردنيين وفلسطينيين فيما يتعلق بإحياء فرق أردنية حفلات في الداخل الفلسطيني المحتل وما إذا كان يعد شكلا من أشكال التطبيع أم لا.

ناشطون أردنيون وفلسطينيون انقسموا على غير عادتهم في مواقفهم إزاء إحياء فرق أردنية حفلات في الأراضي المحتلة، إذ إن هناك أصواتاً ترى أن الفن أيضا شكل من أشكال التطبيع وأن احياء حفلة أردنية في الداخل الفلسطيني من خلال أخذ تأشيرة دخول إلى هناك من السفارة الإسرائيلية هو تطبيع بامتياز.

في المقابل، تواجه هذه الأصوات أصوات منافية لالصاق تهمة التطبيع فيما يسمى بالتعايش الفني والثقافي، بل وترى أنه من الضروري تفعيل هذا التعايش باعتباره شكلاً من أشكال مقاومة المحتل.

اشتعال هذا التباين في المواقف كانت ذروته الأمسية التي أحيتها فرقة "أوتوستراد" الأردنية العام الماضي في الـ48، والتي أشعلت حالة من كيل الاتهامات التي وجهت اليها بانها مارست التطبيع بأخذها تأشيرة دخول من السفارة الاسرائيلية، قابلها ترحاب من قبل قطاع آخر ناشطين أردنيين وفلسطينيين.

وعادت كرة هذا الخلاف اليوم بعد اعلان الفرقة الأردنية "حرقة كرت" عن عزمها إقامة حفلة في الأراضي المحتلة عام 1948، وما كادت هذه الفرقة تعلن عن نيتها إقامة الحفلة عبر صفحتها الخاصة على الفيسبوك حتى بدأت حملات مقاومة التطبيع من قبل ناشطين أردنيين وفلسطينيين بمواجهتها، ما اضطرها إلى إلغاء خطتها.

وما بين مطرقة منهاضي التطبيع وسندان مشجعي التعايش ارتأت فرقة "حرقة كرت"، بحسب مديرها الفني، هاني السعدي، أن تنحاز إلى صف مناهضة التطبيع "تحسبا للوقوع في تهمة تعد علامة سوداء على كل أردني ألا وهي تهمة التطبيع".

أما الناشطة الأردنية من حملة "قاوم قاطع"، زينة أبو عناب، فتؤكد على أن الحملة اجتمعت مع "حرقة كرت" وطالبتهم بإلغاء مشروعهم، مشيرة في الوقت ذاته الى أن الحملة "قامت بنفس الخطوة مع فرقة "أتوستراد" في العام الماضي لكن الفرقة أصرت على إقامة الحفلة، ما اضطر "قاوم قاطع" إلى إصدار بيان يتهم الفرقة بأنها مارست التطبيع".

وتقول أبو عناب: "نحن مع التواصل مع فلسطينيي 48 لكننا ضد أن يكون هذا التواصل عن طريق أخذ تأشيرة زيارة من سفارة العدو الصهيوني في عمّان"، مشيرة الى أن "تعزيز التواصل مع الـ48 وتجاوز أي شبهة تطبيع هو مسؤولية جماعية لابتكار وسائل بديلة للتواصل معهم".

فيما تعلق الناشطة الأردنية تمارا المناصير على مشاركة فرقة أردنية بحفلات في الداخل المحتل بقولها: "المرور بتأشيرة الصهاينة للداخل لا يمكن تجاوزها والتغاضي عنها وان كانت نوايا اعضاء الفرق والمؤديين حسنة. فعلى الكل ان يناضل من موقعه. والحرص على عدم اعطاء الكيان الصهيوني الشرعية. التطبيع الثقافي من أخطر أنواع التطبيع ومحاربة محاولات كسر عزلة الكيان واجبة".

فيما يرى الناشط الأردني حسن عودة، أن هناك "شعوراً يبعث على الذل والاستسلام للأمر الواقع أن انتظر موافقة الاحتلال على أخذ تأشيرة تسمح لي بزيارة فلسطين".

أما خليل غرة وهو ناشط فلسطيني يعيش في حيفا، فقد أطلق حملتين على مواقع التواصل الاجتماعي، تجابه الفرق الأردنية التي تشارك في حفلات في الداخل الفلسطيني المحتل، وهي #تعالوا_بعد_التحرير و#كرتكم_محروق في إشارة إلى الفرقة الأردنية "حرقة كرت" عندما أعلنت نيتها لاقامة حفل غنائي في الـ48.

ويعلق غرة على ذلك بقوله "إن سلسلة الفعاليات وتراكمها يؤدي إلى تطبيع العلاقات. القضية الأساسية هي أننا نرفض نحن والوطن العربي أن نتعامل مع “إسرائيل” معاملة عادية طبيعية، لأن بكل بساطة إسرائيل كيان استعماري احتلالي، سرق أرض فلسطين بقوة السلاح".

ويضيف:"نرفض هذه الزيارات لأنها تكسر عُزلة إسرائيل التي فرضها عليها الشعب العربي في كافة دول المشرق والمغرب العربي، حيث إن هناك إجماعاً شعبياً فنياً وثقافياً باعتبار إسرائيل كياناً منبوذاً وغير شرعي قائماً على أراضٍ عربيّة. إذا كانت هناك أنظمة استبدادية قد وقعت اتفاقيات “سلام” أو اتفاقيات ذُل ومساومة هذا لا يعني أن الشباب العربي لم يهتف ضد وادي عربة و”كامب ديفد".

أما الصحافي الفلسطيني مصطفى قبلاوي، فيشجع إحياء فرق أردنية حفلات في الأراضي المحتلة ويقول: "المجتمع الفلسطيني في الداخل يعد مجتمعًا يتميز بخصوصيّة شديدة كوننا نعيش تحت سلطة الاحتلال ونحمل الجنسيّة الإسرائيلية، ما يمنعنا من التواصل الشرعي مع امتدادنا الطبيعي في العالم العربي، واعتقد أن حضور فنانين عرب لبلداتنا العربية في الداخل الفلسطيني يسد حاجة ضرورية داخلنا، لأن تعطشنا للتواصل الثقافي مع العالم العربي يظل حلمًا يؤرقنا"..

أن تغني موسيقاك أمام جمهورعربي فلسطيني في مدينة عربية يعمل الاحتلال على طمس هويتها، أمر يصنف في خانة التطبيع عندما يكون عبر تأشيرة السفارة الإسرائيلية، وفي الوقت عينه فإن التواصل الطبيعي مع الامتداد العربي ضروري، من هنا يستمر الجدل.

المساهمون