وليد شرابي.. لن تنساك الثورة

25 اغسطس 2014
+ الخط -


عندما ترى وجهه أو تسمع حديثه، فلن تشك في صدقه وشفافيته، واستعداده للتضحية النبيلة، والبذل السخيّ، من أجل إعزاز دينه ورفعة وطنه، لن يفارقك هذا الشعور وانت تنظر في مقالة من مقالاته، أو تصريح من تصريحاته، أو حلقة من حلقاته أو إسهاماته المختلفة ومشاركاته المتنوعة.

إنه المستشار المجاهد الصامد المحتسب، وليد محمد شرابي، الذي أصدر قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، قراراً جمهورياً بعزله، القرار رقم 261 لسنة 2014، نشرته الجريدة الرسمية في عددها في 14 شوال 1435هـ الموافق 10 أغسطس 2014، وجاء فيه:

"بعد الاطلاع على الدستور، وعلى القانون رقم 46 لسنة 1972، وتعديلاته، بشأن السلطة القضائية، وعلى حكم مجلس تأديب القضاة بجلسته المنعقدة في 4/1/2014 في الدعوى رقم 16 لسنة 2013، وعلى ما عرضه وزير العدل، قرر رئيس الجمهورية المادة الأولى: يعزل السيد/ وليد محمد رشاد شرابي – الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، من توليه القضاء. المادة الثانية: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، وعلى وزير العدل تنفيذه". ا.هـ.

ومن العجيب أن يصدر مرسوم جمهوري لشخص واحد، بغرض عزله من منصبه، ليكون أول قاض يعزله قائد الانقلاب. وكل ما استند إليه أو عليه هذا القرار، هو باطل. ولا علاقة له بدستور أو قانون، وإنما هي المكيدة السياسية والحرب النفسية على طلاب العدالة وراغبي الحرية.

أما المستشار البطل، وليد شرابي، فسيظل تاجاً على رأس القضاء المصري الحقيقي، لا القضاء المسيس الذي ينفذ الأوامر التي تأتيه من الباب العالي، ومن مكاتب الأجهزة الأمنية. ولن تنسى ثورة مصر وليد شرابي، بمواقفه البطولية في أثناء ثورة يناير، وما تلاها، ولن ينسى القضاة الشرفاء سلوكه وأخلاقه وشفافيته ونزاهته.

لن ينسى التاريخ وقفاته مع زملائه الشرفاء، مع حفظ الألقاب: محمد عوض، ومحمد عطا الله، وطلعت عبد الله، وعماد أبو هاشم، وأيمن الورداني، وحاتم مصطفى، ومحمد عبد الحميد، وعلاء الدين محمد، وغيرهم مئات. لن ننسى، ولن ينسى التاريخ مواقفهم الصامدة في وجه القضاة الفاسدين والقضاء المسيس.

من منا ينسى وقفتهم التاريخية في انتخابات رئاسة الجمهورية يونيو 2012، وإعلانهم النتيجة، الذي كان له دور كبير، مع آخرين، في إرغام اللجنة العليا للانتخابات في إعلان النتيجة كما هي.
لن ننسى لقاءاته الفضائية ومشاركاته المتنوعة التي فضح بها فساد قضاة، وكشف بها عن سوءاتهم أمام زملائهم، وأمام الشعب، وأمام التاريخ.

لن ننسى موقفه مع زملائه في ميدان رابعة العدوية، ومعارضته القوية للسيسي والمنقلبين، ووقوفه ضد الظلم والقهر والاستبداد؛ حيث كان، وما زال، ينشد الحياة الكريمة، واحترام إرادة الشعب، وأن يكون القضاء المصري قضاء عادلاً، يقضي بالحق، ويحكم بالصدق، ولا يتأثر برغب ولا رهب.

نقول له: يا سيادة المستشار، أنت من عناوين الشرف لمصر والمصريين، ومن تيجان الكرامة للقضاء المصري الحقيقي، ومن ينابيع الصدق للثوار والمرابطين، ومن مشاعل الحق للأحرار والشرفاء، ومن منارات الصدق لراغبي العيش الكريم وعاشقي العدالة والكرامة والحرية.

لن يضرّك من خالفك، ولن يضيرك من عزلك، فهو المعزول عن الأمن والإيمان، والملفوظ من جماهير الأمة، والمطرود من رحمة الشعب، وعما قريب يُصدر عليهم الشعب حكمه بالعزل الحقيقي، لِقاءَ ما خربوا في البلاد وقتلوا العباد وسفكوا الدماء وجرفوا الوطن.

لا أملك أن أقدم لك شيئاً؛ لأني على يقين أنك لا تحتاج إلى عزاء، بل تحتاج تهنئة عزيزة غالية؛ لما حزته من شرف، وما نلته من مكانة، لكنني أعدك، بإذن الله، وتعدك الملايين من شعب مصر الأبي الصامد المرابط المجاهد بأن يتحول كلامنا إلى أفعال، وأن يعود الحق إلى أهله، وأن يُحِقَّ اللهُ، بنا، الحق، ويمحق بنا الباطل، ويُرسي بنا دولة الحرية والعدالة والكرامة.

FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)