تغيّرت ملامح الخريطة السياسية في العراق، بعد أن منح رئيس الحكومة حيدر العبادي، الضوء الأخضر للمعارضين للعملية السياسية، بدخول التحالفات الانتخابية بعد أنّ حرموا من ذلك على مدى سنوات حكم سلفه نوري المالكي، ليتم تأسيس تحالف انتخابي جديد، ويضمن العبادي دعمه لمعسكره ضدّ معسكر الخصوم.
وعلى الرغم من الاتهامات الكبيرة التي واجهتها القوى التي سعت لتشكيل هذا التحالف الجديد، في ظلّ محاولات تحريك القضاء ضدّهم من قبل ائتلاف المالكي، إلا أنهم استطاعوا التغلّب على كل هذه التحديات ليعلنوا من أربيل تحالفهم الجديد تحت اسم "تحالف القوى الوطنية العراقية". التحالف الذي ضمّ عدداً من المعارضين، الذين صدرت بحقّهم أحكام قضائية خلال فترة حكومة المالكي، بينما رأى مراقبون أنّ التحالف الجديد جاء بدعم من قبل العبادي، الذي قرّبهم للحصول على دعمهم مستقبلاً.
وضمّ التحالف الجديد عدداً من الكتل والشخصيات السياسية التي تحظى بثقل كبير في المحافظات العراقية الست، ومنهم رئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، ورئيس ائتلاف العربية صالح المطلك، ورئيس كتلة تحالف القوى البرلمانية أحمد المساري، ورئيس كتلة الحل جمال الكربولي، والمتحدّث باسم كتلة متحدون ظافر العاني، فضلاً عن المعارضين والمبعدين عن العملية السياسية رافع العيساوي وأثيل النجيفي، وخميس الخنجر، وضّاح الصديد، وعدد كبير من البرلمانيين والوجهاء وشيوخ العشائر.
وفي البيان التأسيسي للتحالف، قال رئيس كتلة تحالف القوى البرلمانية، أحمد المساري، إنّ "التحالف الجديد يحظى بتأييد محلّي وإقليمي ودولي، وهو مشروع وطني عابر للطائفية"، مؤكداً أنّ "قيام هذا التحالف جاء من أجل استثمار النصر وهزيمة داعش الذي لا يتحقق إلّا من خلال استقرار المناطق المحرّرة".
من جهته، اعتبر النائب عن تحالف القوى، خالد المفرجي، أنّ "التحالف الجديد ضم نحو 300 شخصية سياسية وعشائرية وبرلمانية". وأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "التحالف يهدف إلى توحيد الخطاب السني، وسيعمل على حل الأزمات والمشاكل المتجذّرة في المناطق التي تمّ تحريرها من قبضة داعش، في الموصل والمحافظات الأخرى". ولفت إلى أنّ "التحالف سيكون التحالف الجامع للقوى والكتل السنية، وسيتحمل مسؤولية حل الأزمات السياسية والقضايا العالقة والتي تثقل كاهل المحافظات الست".
بدوره، أكد الشيخ عبد الله العبيدي، وهو أحد الشيوخ الذين حضروا الإعلان التأسيسي للتحالف، أنّ "التحالف الجديد مغاير للتحالفات السنية السابقة، والانتخابات ليست الهدف الرئيس لتشكيله وهناك أهداف تصب في مصلحة أهالي المحافظات الست، لكنّ إعلان تشكيله غيّر تلقائياً خريطة التحالفات، إذ سيكون الممثل الوحيد للمكوّن السني، بعد أن خرج مزدوجو الولاء، وأعلنوا صراحة أنهم خارج هذا التحالف، ولن نقبل بهم مستقبلاً".
وشدّد على أنّ "هذا التحالف ليس طائفياً ولا متطرفاً، بل تحالف وطني واضح، وهو يفتح يده لكل الجهات العراقية الوطنية التي تريد أن تنضم إليه، وأنّ يكون هدفها الرئيس هو العراق وخدمته وخدمة الشعب العراقي، ورفع الظلم والتهميش عن أي جهة كانت".
لكن التحالف الجديد وُوجه بحدّة من قبل أنصار رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، إذ قال النائب المقرّب منه، عبد الرحمن اللويزي، في تصريح صحافي، إنّ "التحالف الجديد الذي يضم مطلوبين للقضاء بتهمة الإرهاب يهدف إلى إعادة تدوير بعض الوجوه السياسية الفاشلة والمتقاطعة بإدارة الأزمات"، متهماً "أعضاء التحالف، وتحديداً نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي ورئيس ائتلاف العربية صالح المطلك، بأنّهم تخلّوا عن الزعامة مقابل الحصول على الأموال الضخمة التي رصدتها بعض الدول لهذا المشروع".
وكان التحالف الجديد قد دفع الإحراج عن حكومة العبادي، من خلال عدم إقامة مؤتمره التأسيسي في بغداد وإقامته في أربيل، وذلك لأنّ عدداً من أعضاء التحالف الحاضرين في المؤتمر مطلوبون للقضاء العراقي، بتهم مختلفة.
بدوره، رأى الخبير السياسي، حاتم سعيد، أنّ "التحالف الجديد هو ممثّل للسنّة، وبذات الوقت قريب من معسكر العبادي". وأوضح في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "هذا التحالف سيحدث تغييراً واضحاً في الخريطة السياسية للدورة المقبلة، من خلال إعادته التسويق للصف الأول من سياسيي السنّة، الذين أقصاهم المالكي، من أمثال رافع العيساوي وخميس الخنجر وأثيل النجيفي ووضاح الصديد".
وأكد أنّ "التحالف بالتالي سيتسبب بالضرر للسياسيين الثانويين الذين لم يستطيعوا الظهور على الساحة إلّا بعد إقصاء الصف الأول، كما يتسبب بالضرر لأتباع المالكي من نواب وسياسيين سنّة"، مشيراً إلى أنّ "هذا التحالف سيكون تحالفاً سنياً معتدلاً، ويقدّم الدعم لحكومة العبادي الذي يسعى للحصول على ولاية ثانية، كما سيقف مع معسكره (معسكر العبادي) ضدّ معسكر المالكي المناوئ له". وأشار سعيد إلى أنّ "التحالف حصل على وعود كبيرة من قبل العبادي، ومنها تصفية عدد من الملفات وبعضها ملفات قضائية، كما أنّه سيدفع باتجاه الدولة المدنية من خلال التقارب مع العبادي، على عكس فترة التأجيج الطائفي التي تبناها المالكي خلال سني حكمه".